«بايجو» تجد ضالة الربحية في تكالب «الفيل الهندي» على التعليم

في غرفة الصوت، تقف الممثلة تارانا ثاكورداس؛ تحت أضواء الاستديو أمام شاشة خضراء.

يعلن رجل يحمل لوح إعلان بدء التصوير، ثم تأتي صرخة المخرج: "أكشن!".

ثاكورداس؛ التي عملت كمعلمة دراما في المدرسة وممثلة إعلانات، تنطلق في حديث فردي حيوي.

موضوعها هو: يوم الرياضة في المدرسة، فريقان متنافسان في الرياضيات، وكيف يمكن أن يفهم الأطفال ما الفريق الذي فاز، من خلال معرفة أي رقم أكبر من الآخر.

تشير وهي ترتدي قميص بولو وقبعة بيسبول، إلى لوحات نتائج خيالية وخط أرقام خيالي في الوقت الذي تبدأ فيه الدرس بمرح.

بعد التصوير سيتم تحسين اللقطات مع رسوم متحركة من الأطفال الذين يمارسون الرياضة أمام جمهور في الاستاد ولوحات نتائج وخط أرقام.

الهدف هو إنشاء تفسير مفهوم وممتع لمفهوم الرياضيات الأساسية لطلاب الصف الرابع (الذين يبلغون من العمر نحو تسعة أعوام).

بالنسبة إلى دورها التالي، ستستخدم ثاكورداس معدات البستنة لإعطاء درس عن دورة حياة النباتات، باستخدام نباتات حقيقية في الأصص، مع وعاء سقاية ومجارف كدعائم.

مثل هذه الأفلام التعليمية القصيرة الدقيقة المصممة بعناية - حول مواضيع تراوح بين مفاهيم الرياضيات الأساسية وعلم المثلثات المتقدم والكيمياء والفيزياء - تقع في قلب شركة بايجو لتكنولوجيا التعليم الهندية سريعة النمو، التي بنت أعمالا مربحة من خلال إشباع رغبة الهنود الكبيرة في الحصول على تعليم عالي الجودة.

الشركة التي أُسست عام 2011 - مؤسسها بايجو رافيندران؛ مدرس رياضيات - لديها اليوم ثلاثة ملايين مشترك: الطلاب الذين يدفعون 170 دولارا سنويا للوصول إلى دروس الرياضيات والعلوم، واختبارات الممارسة القائمة على الألعاب، لمساعدتهم على إتقان المناهج الأكاديمية للصفوف من الرابع إلى الـ12.

تعمل الشركة على نموذج "التجارب المجانية"، حيث بإمكان الطلاب تنزيل التطبيق والوصول إلى محتوى محدود على هواتفهم لفترة قصيرة، قبل أن يكون عليهم الاشتراك للحصول على وصول كامل.

لتمويل انتقالها من شركة تعليمية فردية غير متصلة بالإنترنت إلى شركة تعليمية كبيرة على الإنترنت، جمعت شركة بايجو 1.

2 مليار دولار من مستثمرين عالميين بارزين، بما في ذلك شركة سيكويا كابيتال لرأس المال المغامر القائمة في كاليفورنيا، ومجموعة تنسنت التكنولوجيا الصينية، وشركة ناسبرز للتجارة الإلكترونية في جنوب إفريقيا، ومجلس الاستثمار الكندي لخطة المعاشات التقاعدية، ومبادرة تشان-زوكربيرج (التي أنشأها المؤسس المشارك لشركة فيسبوك مارك زوكربيرج وزوجته بريسيلا تشان).

بعد أحدث جولة تمويل تم تقييم شركة بايجو بقيمة ثمانية مليارات دولار؛ ما يجعلها شركة التكنولوجيا التعليمية الأكثر قيمة في العالم.

مع ذلك، ما يميز الشركة القائمة في بنجالور عن غيرها من الشركات الناشئة المتألقة في مجال التكنولوجيا، هو أنها وجدت طريقا إلى الربحية.

هذا بفضل الطبيعة الدائمة لمحتواها الأكاديمي، الذي تم إنشاؤه داخليا من قبل فرق متنوعة، بما في ذلك من المتخصصين في المواضيع، وفناني الجرافيك والرسوم المتحركة والمؤلفين، الذين يتبادلون الأفكار معا حول أفضل طريقة لتدريس المواضيع المعقدة.

في عصر أحد الأيام الأخيرة، على سبيل المثال، جلس مهندسون ومعلم رياضيات سابق حاصل على درجة الماجستير في الرياضيات التطبيقية لمناقشة كيفية توضيح المفاهيم المعقدة لعلم حساب المثلثات، لجعلها مفهومة لطلاب المدرسة الثانوية، من خلال تجربة مختلف الرسوم التوضيحية على جهاز كمبيوتر.

تقول أنيتا كيشور؛ كبيرة الإداريين للاستراتيجية في شركة بايجو: "أمضينا كثيرا من الوقت في إنشاء المحتوى بشكل صحيح، وبمجرد الانتهاء منه لا نحتاج إلى تغييره كثيرا.

هذا هو ما يجعل من الممكن تحقيق الأرباح".

"بالنسبة إلى شركة ترفيه مثل شركة نيتفليكس، عليك الاستمرار في إنشاء محتوى جديد، لكن الرياضيات أو العلوم لا تتغير بشكل أساس كل عام.

بمجرد أن يصبح لدينا نموذج لتدريس نظرية فيثاغورس، لا يبدو الأمر كما لو أنك ستكون بحاجة إلى تغييره".

بالنسبة إلى العام المالي المنتهي في الـ31 من آذار (مارس) 2019، حققت شركة بايجو أرباحا بقيمة 2.

8 مليون دولار على إيرادات بلغت 210 ملايين دولار.

هذا العام، من المقرر أن تصل الإيرادات إلى نحو 422 مليون دولار.

بحلول عام 2024 يقدر رافيندران؛ أن عدد المشتركين في شركة بايجو سيراوح بين 14 و 15 مليونا، وبالتالي تحقيق إيرادات لا تقل عن ثلاثة مليارات وأرباح بقيمة 1 - 1.

2 مليار دولار.

يقول رافيندران: "هناك نسبة كبيرة من السكان الطموحين الذين يتوقون إلى التعليم.

يعرف الناس أن التعليم هو الطريقة الوحيدة للنجاح.

جميعهم يفهمون أهمية التعليم.

لسنا بحاجة إلى إيجاد الوعي بذلك - إنه موجود في الأصل".

من المدن الكبيرة إلى البلدات الصغيرة، يرى معظم الهنود في الواقع التعليم بأنه مفتاح التقدم الاقتصادي وحياة أفضل، لكن جودة التعليم المتاحة للأطفال في سن الدراسة البالغ عددهم نحو 267 مليون طالب في الهند تختلف اختلافا كبيرا، اعتمادا على موقعهم ودخل الأسرة.

تعاني معظم المدارس الحكومية نسبة طلاب إلى معلمين عالية، وجودة تدريس ضعيفة.

المدارس الخاصة تتكاثر، لكنها غالبا ما تكون أفضل قليلا من المدارس الحكومية.

في الأعوام الأخيرة، حاول كثير من الشركات الهندية والدولية تعزيز الحلول القائمة على التكنولوجيا، لمساعدة مثل هذه المدارس على تحسين الجودة والتدريس بفعالية أكبر.

.

إلا أنها تعثرت بسبب صعوبات التعامل مع البيروقراطيات التعليمية في القطاعين العام والخاص.

في المقابل، حققت شركة بايجو النجاح من خلال بيع الخدمات مباشرة إلى الآباء والطلاب - مسألة أسهل بكثير.

يتم ترويج فيديوهات واختبارات الشركة الممتعة - التي تقدمها حصريا من خلال التطبيق - كمكمل لتدريس الصفوف، وأداة مفيدة تسمح للأطفال بالدراسة والممارسة في الوقت الذي يختارونه.

"منذ البداية، فهم رافيندران قوة الأعمال إلى المستهلك"، كما يقول تي في موهاندس باي؛ الشريك في شركة أرين كابيتال القائمة في بنجالور، وهو أول مستثمر خارجي في الشركة، وهو مدير سابق كذلك في "إنفوسيس" العملاقة لتكنولوجيا المعلومات: "أعرف أن الوصفة هي لقاء الآباء والطلاب، وإبهارهم بالتكنولوجيا والاتصال المباشر".

"عندما يرون طريقة تدريس بايجو، يشعر الأطفال بالحماس.

يشعر الآباء بالحماس لأنهم يشعرون أنها ستمنح أطفالهم ميزة تنافسية" على حد قوله.

بصفته ابن اثنين من معلمي المدارس في بلدة صغيرة من جنوب الهند، بدأ رافيندران؛ غزوته في مجال التعليم كمدرب رياضيات فعلي من دون اتصال بالإنترنت، يساعد طلاب الجامعات على الاستعداد لامتحانات القبول التنافسية للغاية في كلية إدارة الأعمال.

مع نمو سمعته كان يسافر باستمرار ويقدم المحاضرات في أماكن أكبر بكثير، من قاعات مكونة من 500 مقعد إلى استاد رياضي يتسع لنحو 24 ألف مقعد.

في وقت لاحق لجأ رافيندران؛ الحاصل على شهادة في الهندسة، إلى التكنولوجيا لتوسيع نطاق عمله.

أنشأ شبكات عبر أقمار صناعية سمحت له بنقل محاضراته مباشرة والوصول إلى عشرات الآلاف من الطلاب، في مواقع عدة في جميع أنحاء الهند.

في نهاية المطاف، أدرك رافيندران وفريقه أن بإمكانهم تحسين خدمتهم من خلال إيقاف المحاضرات المباشرة لمصلحة العروض التقديمية المسجلة مسبقا، وتعزيزها برسومات إضافية وإتاحتها للطلاب في أي وقت ومكان.

تقول كيشور: "أدركنا أن البث المباشر لم يكن ضروريا فعلا".

عندما تم إطلاق تطبيق بايجو عام 2015، كان لديه في الأصل مكتبة فيديو واسعة، تتميز بالمحاضرين الممتعين وأحيانا رافيندران نفسه.

تقول كيشور؛ إن نحو 85 في المائة من المشتركين يجددون اشتراكهم كل عام، والمستخدم العادي يكون نشطا لمدة 71 دقيقة في اليوم.

ربع المشتركين فقط يعيشون في أكبر ست مدن في الهند؛ بينما يعيش نحو 30 في المائة خارج أكبر 100 مدينة في الهند.

يصل كثيرون إلى المحتوى على هواتف ذكية تكلف أقل من 150 دولارا.

تقول كيشور: "نحن نجعل التعليم ديمقراطيا".

ترى الشركة كثيرا من المجالات للتوسع في الهند.

في الوقت الحالي، كل محتواها باللغة الإنجليزية، لكنها ترجو إتاحة منهج الرياضيات والعلوم قريبا في مجموعة من اللغات الهندية، ما يزيد إمكانية الوصول للذين لا يرتادون المدارس التي تستخدم الإنجليزية في تدريسها.

كما تتطلع شركة بايجو أيضا إلى تجاوز الرياضيات والعلوم لتقديم دورات على الإنترنت بالتوازي مع منهج العلوم الاجتماعية في نظام التعليم الهندي، ودورات في اللغة الإنجليزية للذين يكافحون من أجل إتقان اللغة.

كما قد تقدم الشركة أيضا بعض الدروس البشرية للمشتركين الذين بحاجة إلى مساعدة إضافية وجها لوجه.

رافيندران ينظر إلى فرص أبعد، أيضا.

حتى الآن، أنفقت الشركة نحو 300 مليون دولار من رأسمالها الأساسي البالغ 1.

2 مليار دولار؛ ما يترك لها مبلغا احتياطيا كبيرا لتمويل غزوات في الأسواق الأجنبية، حيث تأمل في تكرار وصفتها الهندية الناجحة.

المشاريع التجريبية الصغيرة بدأت منذ الآن في بعض الأسواق الأخرى الناطقة بالإنجليزية، على الرغم من أن رافيندران يرفض تحديد المكان، حيث قال إن الشركة ستضطر إلى تطوير محتوى مناسب لتلك الأسواق.

"الأعمال في الهند لا تتطلب النقود، لكن هناك فرصة للقيام بهذا في أسواق عدة.

ما نحتاج إلى معرفته هو الرغبة في الدفع مقابل التعليم في أماكن أخرى.

هنا مشاركة الوالدين في تعليم الأطفال قوية جدا.

هل هناك مثل هذه الحاجة الكبيرة في أماكن أخرى كالتي لدينا هنا في الهند.

هذه هي الأسئلة التي يجب أن نجد لها إجابات" حسبما أضاف.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 4 سنوات | 7 قراءة)
.