محللون: الطلب العالمي على النفط يتعرض لضغوط بنحو 20 مليون برميل يوميا

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على تراجع جديد بسبب خسائر الطلب الحادة جراء الانتشار السريع لفيروس كورونا في دول العالم، بينما تتواصل تخمة المعروض في الأسواق بعد رفع كل قيود الإنتاج بدءا من بداية الشهر الجاري.

وتتجه الأنظار إلى اجتماع المنتجين في "أوبك+" عبر تقنية "الفيديو كونفرانس" الخميس المقبل، الذي كان مقررا له في البداية أمس ويأمل المعنيون بالصناعة في أن يتمخض الاجتماع عن علاج الخلافات السابقة في اجتماع مارس الماضي وتحقيق التوافق على تخفيضات إنتاجية قوية ومؤثرة يشارك فيها جميع المنتجين ويقدرها بعضهم بعشرة ملايين برميل يوميا.

وقال لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن الربع الأول من العام الجاري شهد صدمة غير مسبوقة في تاريخ صناعة النفط الخام بسبب جائحة كورونا المباغتة، التي أربكت الحسابات الاقتصادية وهوت بالأسعار إلى مستويات قياسية في الانخفاض، كما بثت أجواء قاتمة وسلبية بشأن آفاق الاقتصاد العالمي وسط توقعات بتسجيل مستويات واسعة في الركود والانكماش.

وأوضح المختصون أن شركات النفط الكبرى في مأمن نسبيا، حيث إن حصتها في السوق تجعلها أكبر من أن تفشل، ولكن المنتجين الصغار والمتوسطين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل ارتفاع مستويات الديون وزيادة التكاليف التشغيلية للحقول وانهيار السوق على نطاق أوسع، كما تعاني شركات النفط والغاز بشكل خاص في مشروعات المنبع صعوبات جمة.

وذكر المختصون أن اجتماع تحالف "أوبك+" المقبل قد يحتاج إلى مزيد من الوقت من أجل إنجاح عملية المفاوضات بعد حالة التعثر التى حدثت الشهر الماضي، ما يجعل الاجتماع قد يستمر بضعة أيام بحسب تقديرات المقربين من التحالف.

وذكر روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن عودة المنتجين إلى إطلاق عنان الإمدادات عمق المخاوف على استقرار السوق وعزز الفجوة بين العرض والطلب نتيجة التخمة الواسعة المتوقعة، وما يترتب عليها من ارتفاع شديد في مستوى المخزونات النفطية، ومن ثم قرب وصول السعة التخزينية إلى مستوى الصفر.

وأضاف أن الطلب العالمي جراء التصاعد المستمر في خسائر كورونا البشرية والاقتصادية يتعرض لضغوط تدميرية غير مسبوقة وتقدرها الدراسات الدولية بنحو 20 مليون برميل يوميا، ما سيغير شكل الصناعة ومستقبلها خاصة في ضوء حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي، الذي يلقي بظلال غير واضحة على الاقتصاد العالمي.

من جانبها، أوضحت نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط وإفريقيا في الغرفة الفيدرالية النمساوية أن اجتماع المنتجين في "أوبك+" الخميس المقبل هو اجتماع حاسم وحيوي وبمنزلة فرصة ثانية مهمة لاحتواء الخلافات، التي تفجرت في اجتماع مارس الماضي، مشيرة إلى أن الحاجة إلى التوافق الآن أصبحت أكثر إلحاحا في ضوء المصاعب الاقتصادية المتزايدة واستمرار الجائحة في حصد الأرواح وغلق الشركات وتسريح العمالة.

وذكرت أنه بات من المؤكد توقع حدوث موجة حادة من حالات الإفلاس في صناعة النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة إضافة إلى استثمارات بحر الشمال وقطاع النفط والغاز الكندي، خاصة في ضوء تقديرات دولية تؤكد طول أمد الأزمة الحالية لعدة أشهر أخرى، مبينة أن عديدا من الدول غير الأعضاء في "أوبك" حول العالم ستشهد انهيار إنتاج النفط بشكل دراماتيكي.

من ناحيته، قال لوكاس بيرتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، إن شركات الطاقة تعمل على تعزيز استراتيجياتها الاستثمارية من خلال رفع الكفاءة وزيادة القدرة على التأقلم مع البيئة السعرية الضعيفة مثل، التي يجتازها السوق حاليا، معتبرا أن صناعة النفط والغاز بعد أزمة فيروس كورونا ستشهد كثيرا من التغيرات الجذرية، وربما تنشط عمليات الاستحوذات وبيع الأصول الخاصة بالشركات الأضعف.

وتوقع أن ملامح التغيرات في صناعة الطاقة قد تتبلور خلال عام أو عام ونصف، وستكون بالتأكيد لمصلحة الكيانات الأكبر والأقدر على الاستمرار والتغلب على صعوبات السوق وإضافة إلى ذلك وبحسب رؤية عديد من المحللين، فإن هذه الأزمة ستدعم وتسرع برامج انتقال الطاقة، مبينا أن مستقبل الموارد الهيدروكربونية سيكون في أيدي الكيانات الأقوى وبخاصة المنتجين من أصحاب التكلفة الإنتاجية الأقل.

بدوره، ذكر أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، أن حرب أسعار النفط وصلت بالفعل إلى مرحلة كبيرة من التأجج، مشيرا إلى أن الآمال معلقة على اجتماع الخميس المقبل لمنح دفعة من الهدوء للأسواق وامتصاص التأثيرات السلبية لحرب الأسعار والحصص السوقية بين كبار المنتجين بشكل خاص.

ولفت إلى أن معنويات السوق بدأت في التحسن بعد الإعلان عن احتمال إبرام صفقة جديدة، ما أنعش الأسعار 50 في المائة الأسبوع الماضي، وذلك بعدما تسبب المعروض النفطي المفرط في وضع كارثي في ظل ضعف الطلب الناجم عن إغلاق أكبر الاقتصادات في العالم بسبب جائحة فيروس كورونا، ومع اضطرار مليارات الأشخاص للبقاء في منازلهم، ما تسبب في انخفاض الطلب على البنزين والديزل والطائرات النفاثة بنحو 35 مليون برميل يوميا - بحسب بعض التقارير الدولية.

وفيما يخص الأسعار، تراجع النفط أمس، بعدما أرجأت السعودية وروسيا اجتماعا لبحث تخفيضات في الإنتاج قد تساعد على تخفيف تخمة المعروض في الأسواق العالمية في وقت يشهد انهيارا في الطلب بسبب وباء فيروس كورونا.

وبحسب "رويترز"، نزل خام برنت إلى ما يقرب من 30 دولارا للبرميل في وقت سابق، لكنه قلص الخسائر إلى انخفاض 24 سنتا، أو 0.

7 في المائة، إلى 33.

87 دولار للبرميل بحلول الساعة 06:39 بتوقيت جرينتش.

وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 41 سنتا، أو 1.

5 في المائة، إلى 27.

93 دولار للبرميل، بعد جلسة جرى تداوله فيها بسعر أقل عند 25.

28 دولار.

وكان مقررا في البداية أن تجتمع السعودية وروسيا الإثنين لبحث تخفيضات الإنتاج، لكن الاجتماع تأجل إلى التاسع من نيسان (أبريل).

وصرح رئيس الصندوق السيادي الروسي لتلفزيون سي.

إن.

بي.

سي أمس، بأن السعودية وروسيا قريبتان جدا جدا من اتفاق لخفض إنتاج النفط.

وشهدت الأسعار على جانبي المحيط الأطلسي أسوأ شهر في آذار (مارس) بسبب الشلل، الذي ألحقته جائحة فيروس كورونا بالطلب في سوق مترعة بالإمدادات.

وحذر المحللون لدى "إيه.

إن.

زد" و"سيتي" من أن تخفيضات الإنتاج قد تأتي ضئيلة جدا ومتأخرة جدا.

لكن روبرت مكنالي رئيس مجموعة رابيديان للطاقة في بيثيسدا في ولاية ماريلاند قال إن تحركا من السعودية لتأجيل إعلان أسعار البيع الرسمية لخاماتها يشير إلى أنها لا ترغب في إغراق السوق بإمدادات رخيصة قبل اتفاق محتمل.

وقال مصدر سعودي لـ"رويترز" إن المملكة أرجأت إعلان الأسعار حتى يوم الجمعة انتظارا لما سيسفر عنه اجتماع بين "أوبك" وحلفائها بخصوص تخفيضات إنتاج محتملة.

من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 23.

01 دولار للبرميل الجمعة مقابل 18.

91 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة تراجعت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 24.

26 دولار للبرميل.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 4 سنوات | 9 قراءة)
.