الرياح المعاكسة والتحدي الثلاثي

الرياح المعاكسة والتحدي الثلاثي | صحيفة الاقتصادية

Author

الرياح المعاكسة والتحدي الثلاثي

|

تواجه الشركات الدولية، مثل: أمازون وجوجل وشركات التقنية الأخرى والتواصل الاجتماعي، تحديات غير مسبوقة، وذلك بعد الأحداث المتتالية التي واجهت الاقتصاد العالمي منذ الأزمة الصحية، وما تبعها من إغلاقات اقتصادية ومشكلات في سلاسل الإمداد، ثم تلت ذلك الحرب الروسية-الأوكرانية، التي فاقمت أزمة سلاسل الإمداد وزادت من أمدها، كما تبعتها الآن مشكلة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
هذه المشكلات غير المسبوقة، التي أتت في سلسلة من الأزمات ولدت قضايا وتحديات متشابكة، فقد كان لارتفاع سعر صرف الدولار نتائج ساحقة في قطاع أمازون الدولي على مدار 2022، فلم تعد الولايات المتحدة من تواجه وحدها مخاطر التضخم والركود الاقتصادي هذه الأيام، بل يعاني كثيرون وضعا أسوأ من ذلك مع ارتفاع سعر الدولار، وهذا نتج عنه انخفاض في المبيعات الدولية لشركة أمازون 8 في المائة في الربع الرابع على أساس سنوي، ونتيجة لذلك، سجلت أمازون خسارة صافية قدرها 2.7 مليار دولار، مقارنة بصافي ربح قدره 33.4 مليار دولار في 2021، ليتراجع سعر السهم بنحو 6 في المائة، هذه النتائج المخيبة للآمال لم تكن حصرا على أمازون، بل إن شركات مثل ألفابت، الشركة الأم لـ"جوجل"، أعلنت الخميس نتائج أعمالها في الربع الرابع، مسجلة انخفاضا في الأرباح مع بلوغها 13.62 مليار دولار خلال الربع الرابع من 2022، مقارنة بـ20.64 مليار دولار في 2021، وهي الحال نفسها في شركة كوالكوم الأمريكية لنظم المعلومات، التي تواجه تباطؤ الطلب على الهواتف الذكية، ووجود فائض بالمخزونات لدى الشركات المصنعة خلال النصف الأول من هذا العام على الأقل.
من خلال قراءة تقرير "الاقتصادية"، الذي نشرته عن نتائج شركات التكنولوجيا الدولية، فإن هناك ثلاث قضايا رئيسة تسبب الحالة التي قادت إلى قرارات استراتيجية في عالم هذه الصناعة، وتمتد إلى صناعات أخرى، يظل التضخم وارتفاع سعر صرف الدولار من أهم القضايا التي تواجه الأسواق العالمية اليوم، لكن تختلف حساسية السلع في الاستجابة لهذه التطورات، فكثير من الدول حول العالم تعاني ارتفاع أسعار السلع المقومة بالدولار، ما أثر في الطلب العالمي بوضوح، وظهر ذلك جليا في انخفاض مبيعات أمازون، وكذلك شركة كوالكوم الأمريكية، وقد يتسبب في خسارة سوقية عالمية لهذه الشركات أمام منافسة قوية من مثيلاتها في الهند والصين، لكن مع ذلك يمضي "الفيدرالي الأمريكي" قدما في رفع أسعار الفائدة حتى لو تسبب ذلك في ركود طويل لمثل هذا النوع من الشركات الأمريكية، لكن هذه ليست هي المشكلة الوحيدة التي تسببت في النتائج المخيبة لشركات التكنولوجيا، بل جزء يتمثل في ارتفاع المصاريف التشغيلية، مثلا، أعلنت ألفابت، الشركة الأم لجوجل، انخفاضا في الأرباح وارتفاعا في الإيرادات في الوقت نفسه، ما يشير إلى مشكلة في النفقات التشغيلية، التي تقتص جزءا كبيرا من الأرباح، وأكد إعلان شركة أمازون أن التكاليف المرتفعة، بما في ذلك تكاليف التسريح، تسببت في تقليص الدخل التشغيلي، وقال الرئيس التنفيذي لشركة كوالكوم، بمشاركة مع محللي "وول ستريت"، إن الشركة نوهت إلى أنها "ستدير نفقات التشغيل بفاعلية" للتغلب على التباطؤ الحالي.

من هنا نجد أن شركات التكنولوجيا عموما وقد تكون معها شركات أخرى لم تستعد بما فيه الكفاية لمواجهة التحولات الرئيسة في الطلب الذي تسببت فيه الأزمات الاقتصادية الراهنة والسياسة النقدية الأمريكية، وقد لا يكون من السهل تدارك هذا الخطأ الفادح والقيام بإصلاحات قوية من شأنها تحسين الربحية، وقد تتضمن هذه الإصلاحات موجة واسعة من تسريح العمال، ما يقود إلى الركود الذي يهرب منه صناع السياسة الأمريكية.
أما القضية الثالثة، فتتعلق بالممارسات المحاسبية المقبولة عموما في الولايات المتحدة الأمريكية GAAP، إذ من المعلوم أن الشركات الدولية تواجه تحديات بشأن القياس المحاسبي، الذي قد يكون مختلفا بين الممارسات المحاسبية، وفقا للمتطلبات الأمريكية، مقارنة بالمتطلبات، التي تفرضها المعايير المحاسبية الدولية IFRS، ونشأت هذه التحديات من ظهور المعايير الدولية على الساحة، وكانت جهود التقارب بين المنظومتين كبيرة، أسفرت عن توازن مقبول نوعا ما، ونظرا إلى حالة عدم اليقين التي ارتبطت بالأزمة الصحية، والحرب الروسية-الأوكرانية، والظروف الاقتصادية ذات الصلة، فقد واجهت الشركات تحديات عند إعداد التقارير المالية والإفصاح بشأن قياس حالات نادرة أو غير عادية من المكاسب أو الرسوم أو الخسائر، وهذه لها أثر في حجم المبيعات والأرباح.
واستجابة للتعليقات والأسئلة العديدة، أصدرت هيئة الأوراق المالية SEC إرشادات تفسيرية جديدة محدثة حول كيفية تقييمها للمعالجات المحاسبية غير المتوافقة مع الممارسات الأمريكية، وهذا ما ألمح إليه الرئيس التنفيذي لشركة كوالكوم، من وجود تأثير لتطبيق المعايير الدولية، وكذلك ألمحت له شركة سانوفي الفرنسية العملاقة، أنه على أساس المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية، بلغ صافي الدخل 1.46 مليار يورو "1.59 مليار دولار"، بارتفاع من 1.13 مليار يورو العام الماضي، وبلغ صافي المبيعات، حسب المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية، 10.73 مليار يورو، بارتفاع 7.3 في المائة، من 9.99 مليار يورو قبل عام.

إنشرها

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 1 سنوات | 73 قراءة)
.