بعد مسلسل طويل حول تسليم دبابات إلى أوكرانيا، بدأ مسلسل آخر بين أوكرانيا وألمانيا، إذ تريد الأولى مقاتلات تراها الأخيرة "خطا أحمر".

عندما أعلن المستشار أولاف شولتز عن تسليم دبابات قتال ألمانية من طراز "ليوبارد 2"، لكييف، في البوندستاج (البرلمان)، الأربعاء الماضي، لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا لرسم خط أحمر جديد.

وقال شولتز: "لقد أوضحت في وقت مبكر جدًا أن الأمر لا ينطبق على الطائرات المقاتلة.. وأفعل ذلك هنا أيضًا".

ماذا يعني شولتز؟ إن موقف ألمانيا الرافض تماما لإرسال مقاتلات لكييف "لم يتغير شيء فيه، ولن يتغير شيء أيضًا"، على حد قوله.

لكن المستشار الألماني يبدو في ورطة مكررة لورطة "ليوبارد" التي علق فيها أسابيع قبل أن يتراجع أمام الضغوط الدولية ويعلن تسليم هذه الدبابات الحديثة إلى أوكرانيا.

خريطة الناقلات.. حرب أوكرانيا تغيّر وجه تجارة النفط

ويعد موقف شولتز صعبا، لأن الشركاء من الولايات المتحدة وفرنسا وبولندا لا يشاركونه موقفه من إرسال الطائرات، ولا يستبعدون أي شيء.

وحتى الآن هناك عنوان واضح: الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (45 عامًا) طلب تسلم طائرات مقاتلة. كما اقترح نائب وزير الخارجية الأوكراني، أندريه ميلنيك تحالفًا من طائرات إف-16 وإف-35 الأمريكية ويوروفايتر وتورنيدو ورافال الفرنسية، وغريبن السويدية في المعركة بأوكرانيا.

لكن عين كييف بشكل أساسي على 89 مقاتلة تورنيدو يملكها الجيش الألماني ويخطط الأخير لاستبدالها تدريجيا في الأشهر والسنوات المقبلة بمقاتلات إف-35 أمريكية ويوروفايتر أوروبية.

بينما بات السؤال في ألمانيا حاليا: هل الحكومة مستعدة لتسليم هذه المقاتلات إلى أوكرانيا في الأشهر المقبلة أم أنها ستبقى على الخط الأحمر الذي رسمه شولتز؟ أم سيتكرر جدل الدبابات الذي استمر لأسابيع.

اللافت أن الضغط الخارجي على برلين في هذا الملف بدأ مبكرا مقارنة بجدل الدبابات السابقة، إذ قال رئيس الوزراء البولندي ماتيوز موراويكي في تصريحات صحفية أمس، إن حكومة بولندا ستصوت بالموافقة إذا قرر حلف شمال الأطلسي "الناتو" تسليم المقاتلات، لكن بالطبع يجب أن يكون قرار الناتو بأكمله.

حتى فرنسا لا تستبعد تسليم طائرات مقاتلة لكييف، وقال رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان، توماس جاسيلود أمس، "علينا فحص الطلبات على أساس كل حالة على حدة وترك كل الأبواب مفتوحة"، مضيفا "سنرى ما سيحدث بعد ذلك في الأسابيع المقبلة لأن الأمور تسير بسرعة".

كما أن الأمور تتحول بسرعة في الولايات المتحدة، إذ قال نائب مستشار الأمن القومي، جون فينر، لشبكة "إم إس إن بي سي" الأمريكية إنه "لم يتم استبعاد أي نظام أسلحة محدد"، مضيفا "سيتم تصميم الدعم وفقًا لما تحتاجه أوكرانيا.. وسنناقش هذا بعناية شديدة".

هجوم القدس واقتحام جنين أمام اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي

في الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الهولندي، فوبكه هوكسترا، أمام البرلمان: "عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي يمكن أن تقدمها هولندا لكييف، لا توجد محرمات".

ووفق شبكة سي إن إن الأمريكية، تعد هولندا عنصرا مهما في استراتيجية الضغط الأوكرانية للحصول على مقاتلات، إذ إن أمستردام تملك مقاتلات إف-16 من المقرر استبدالها بمقاتلات إف-35 بحد أقصى 2024:

وتوجد في هولندا وحدها 24 طائرة مقاتلة من طراز إف-16، من المقرر أن تخرج من الخدمة لصالح مقاتلات إف-35 بحلول عام 2024.

وفي الداخل الألماني، بدأ الجدل يتشكل حول تسليم مقاتلات تورنيدو الألمانية لكييف، لمواجهة موسكو.

وقال الخبير في الشؤون الخارجية بالاتحاد المسيحي المعارض، رودريش كيزيوتر، في تصريحات للتلفزيون الألماني: "في العام الماضي، قال شولتز: لن يتم تسليم دبابات القتال الرئيسية وناقلات الجند المدرعة تحت أي ظرف من الظروف لكييف، وحدد ذلك على أنه خط أحمر".

وتابع "الآن يعرف بأنه الخط الأحمر الجديد والمتعلق بالطائرات المقاتلة، سيكون من الحكمة للغاية إذا قال شولتز: لا يمكننا استبعاد أي شيء".

وبالنسبة للرأي العام، الغالبية العظمى من الألمان (63%) يرفضون حاليًا تسليم الطائرات المقاتلة لكييف، وهذه نتيجة استطلاع أجراه معهد أبحاث الرأي "فورزا" الخاص.

وتورنيدو طائرة مقاتلة متعددة المهام من إنتاج أوروبي مشترك تشارك فيه كل من بريطانيا وألمانيا وإيطاليا، وتتكون الطائرة من محركين نفاثين.

وجرى تطوير هذه المقاتلة لتكون قادرة على حمل القنابل الذكية والعنقودية والأسلحة البيولوجية مثل الأسلحة الحرارية، وعدد 2 قنبلة نووية والصواريخ المضادة للأشعة والعديد من القنابل التقليدية.

وسرعة طائرة تورنيدو ذات المحركين 990 ميلا في الساعة، ومداها القتالي 863 ميلا، وشاركت في عمليات حربية في كوسوفو وليبيا، وأفغانستان، وضد تنظيم "داعش" الإرهابي، في سوريا والعراق.