علو الهمة

علو الهمة | مجلة سيدتي

إنَّ رحلة الحياة طويلة وشاقَّة يحتاجُ فيها المسافر إلى ما يحفَظُه في سفرِه
 وإلى ما يُعِينه على بُلوغ مَقصِده الآمِن الناعم، وصدَق مَن قال: إنَّ الناس في هذه الرحلة لا يتفاوتون بالصُّوَر إنما بالهِمَم، والهمَّة هي التي تحثُّ المسافر على السَّير، ولا تجعَلُه ينسى في واحات الراحة والتزوُّد وجهتَه وغايتَه، لذا مع بداية كل عام هجري جديد أذهب للمكتبة لشراء أجندة جديدة؛ لكي أقوم بتدوين جميع أهدافي لعام جديد كامل.
 وأشعر بالسعادة حيال ما أقوم به؛ حيثُ أشرع في كتابة أهدافي الرئيسة لكل عام جديد بحيث تكون متنوعة ومختلفة عن العام السابق سواءً كانت مبادرات أو برامج أو أعمالاً تطوعية نسائية فردية أو جماعية، وأسعد بتحقيقها على أرض الواقع وأرى ثمرة ذلك، ومن ضمنها أضع جدولاً لنفسي لممارسة بعض من الهوايات الجديدة وعدم إهمال الهوايات القديمة، واكتشاف ما هو جديد وممتع.
 كذلك أسعد بمعرفة شخصيات جديدة إيجابية محبة للخير تترك بصمة في طريقي، وتكون داعمة لي في مشوار حياتي فهم ثروة غنية بالنسبة لي ومكسب، وما أن يشرع العام في نهايته أقلب في أجندتي القديمة لجميع أهدافي التي وضعتها وحققتها بكل شغف، ومما لا شك فيه أن ذلك أكسبني محبة الناس بشكل أوسع وأسرع، كُلَّ ذلك نبع من همة وعزيمة في تقديم ما هو أفضل ومفيد للمجتمع بشكل عام وإفادتهم، فالهمة العالية هي النية على النشاط والتفاعل وتقديم ما هو أفضل، وهي تعبر عن الدفعة القوية لإنجاز ما نريده من أمور، وهي بمثابة الطاقة الكامنة في ذواتنا والتي تدفعنا للحركة والعمل وإذا انطلقت هذه الطاقة من جوانب الخير في نفوسنا كانت الحركة تجاه الخير ومعالي الأمور، وإن كان مصدر هذه الطاقة النفس الأمارة بالسوء فإن الحركة تنصب في الشر، فالهمة والجدية مطلب عزيز لا يناله إلا من جعل نصب عينيه أموراً ثلاثة:
وضوح الهدف والغاية، وصعوبة الهدف وعلوه، وإدراك أهمية الوقت، فالناس تنقسم وتتفاوت منازلهم في الهمة. 
منهم من يطلب المعالي بلسانه وليس له همة في الوصول إليها.
ومنهم من لا يطلب إلا سفاسف الأمور ويجتهد في تحصيلها وأعلى الهمم همة من تسمو مطالبه إلى ما يحبه الله ورسوله، ومن يقوم بخدمة وطنه فَهَنِيئاً لهم. 
ومما لا شك فيه أن الهمة تعتمد على الثقة بالنفس والمجاهدة والمثابرة لإتمام أي شيء ونجاحه مستشهدة على ذلك بقول المتنبي (رب همة أحيت أمة). 
وقول كريم الشاذلي (العين لا ترى إلا الشيء الكبير والشيء الكبير لا يتأتى إلا بصبر كبير والصبر الكبير تنتجه همة عالية). 
لذا لابد من أن يعلم الناس جميعاً أن أغلى ما يملكونه هو الوقت والعمر وكل يوم ينقضي من أعمارنا يجب الاستفادة منه فيما يرضي الله وقد قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - (خير الناس من طال عمرهُ وحسن عمله). 

ختاماً: 
أحلام الأمس حقائق اليوم وأحلام اليوم حقائق الغد. 
 

منوعات      |      المصدر: مجلة سيدتي    (منذ: 3 سنوات | 73 قراءة)
.