صحافتي

شاب يعتصم فوق خزان لليوم العاشر

صحافتي بتاريخ: 03-07-2025 | 19 ساعات مضت

من على ارتفاع شاهق يواصل شاب أربعيني يُدعى بوعبيد، ويُلقب بـ”فلسطين”، اعتصامه المفتوح فوق خزان مائي بجماعة أولاد يوسف، إقليم بني ملال، لليوم العاشر على التوالي، في مشهد احتجاجي نادر ومؤلم، تملؤه الأسئلة وتغيب عنه الإجابات الرسمية.

صعد بوعبيد إلى أعلى الخزان صباح الثلاثاء الماضي، وأعلن دخوله في اعتصام صامت، متحديًا حرّ الشمس، ورافضًا النزول حتى يتم “فتح تحقيق نزيه وشفاف” في وفاة والده، الذي توفي في ظروف يصفها بأنها “غامضة”، بعد أن أحيل على التقاعد.

ورغم تدخل السلطات ومحاولات ثنيه عن موقفه مازال بوعبيد متشبثًا بمكانه دون طعام أو ماء، ولا يرد على النداءات المتكررة إلا بعبارة واحدة يكررها بصوت جهير: “عاش الملك”، في ما يبدو أنها استغاثة موجَّهة مباشرة إلى من بيده القرار.

شهادات استقتها هسبريس من مصادرها بالجماعة الترابية تفيد بأن المُعتصم شخص مسالم، معروف بهدوئه وتواضعه، ويعيش ظروفًا اجتماعية صعبة؛ لم يُعرف عنه اللجوء إلى العنف أو التصعيد، لكنه اختار هذه الخطوة القصوى بعد أن “انسدت في وجهه كل الأبواب”، حسب تعبير أحد الجيران.

ومن بين المشاهد المؤثرة التي شهدها موقع الاعتصام وصول والدة الشاب من مدينة العيون، ومحاولتها العاطفية الحثيثة لإقناعه بالنزول. إلا أن دموع الأم لم تنجح في زحزحة قرار ابنها، الذي بدا وكأنه سجين فكرة واحدة: “لن أنزل قبل أن تُكشف الحقيقة”.

الاعتصام شغل الرأي العام المحلي، بعدما تحوّل إلى قبلة للمواطنين الذين يتوافدون يوميًا لمعاينة تفاصيله عن قرب، وسط حالة من الذهول والقلق المتصاعدين. وفي ظل الغياب التام لأي تدخل رسمي فعّال تتزايد التساؤلات حول أسباب هذا الصمت، وغياب أي تدخل لإنهاء الاعتصام قبل أن يتحول إلى مأساة.

الفعاليات المدنية والحقوقية المحلية دقت ناقوس الخطر، محذّرة من كارثة إنسانية قد تقع في أي لحظة، خاصة أن المعتصم يوجد في ظروف مناخية قاسية، دون أبسط شروط الحماية الجسدية أو النفسية.

وحتى مساء الأربعاء مازال بوعبيد معلقًا بين الأرض والسماء، شاهقًا بجسده النحيل، ومصرًا على أن يسمعه أحد، ومؤكدا على البقاء فوق الخزان إلى حين فتح تحقيق جدي في ما يعتبره “موتًا غامضًا” لوالده، كما يطالب بحلّ “قضية إرث عالقة” يرى أنها مرتبطة مباشرة بالملف.