تحقيقات حول تبييض أموال تحاصر "بارونات" مواد بناء بشمال المغرب
علمت هسبريس من مصادر جيدة الاطلاع باستنفار تصريحات بالاشتباه، واردة عن مصادر بنكية، مراقبي الهيئة الوطنية للمعلومات المالية، بعدما حملت معلومات خطيرة حول تحركات مشبوهة لشبكة متخصصة في تبييض الأموال وتهريب العملة، تحت غطاء تجارة مواد البناء شمال المملكة، تحديدا ضواحي طنجة وتطوان، موضحة أن النتائج الأولية للتحريات التي باشرتها مصالح المراقبة بالجهاز الرقابي المشار إليه أكدت استغلال الشبكة شركات لتسويق المواد المذكورة، أغلبها تحت غطاء شركات ذات مسؤولية محدودة SARL، في بيع فواتير وهمية والتلاعب بمعاملات بنكية وعمليات استيراد بين المغرب وإسبانيا.
وأفادت المصادر ذاتها باستغلال عناصر المراقبة في الهيئة الوطنية للمعلومات المالية معطيات دقيقة وردت ضمن تقارير تفتيش نوعي أنجزته لجان من الإدارة المركزية، أثناء تحقيقاتها في خروقات قطاع مواد البناء بمناطق متفرقة من المملكة، موردة أن التقارير لمحت إلى نشاط شبكة متخصصة في تبييض الأموال عبر شركات لتسويق مواد البناء (كلسات عصرية)، تورطت في بيع الفواتير، والاتجار بمنتجات مغشوشة، وتبييض مبالغ مالية ضخمة لفائدة أفراد ومقاولات، تم الحصول عليها من مصادر مجهولة، ومؤكدة استغلال الشركات المذكورة في تبرير تكاليف وهمية وتحويلات بنكية، بغرض تمويل عمليات اقتناء مواد بناء من أجل غسل مليارات مشبوهة، يشتبه في تدفقها من أنشطة الاتجار الدولي بالمخدرات.
وأكدت مصادر الجريدة تعزز مؤشرات الاشتباه لدى المراقبين في هيئة المعلومات المالية، بعد فحص محتوى كشوفات بنكية فاقت قيمتها رقم معاملات الشركات موضوع التحقيقات الجارية حول تبييض الأموال، إضافة إلى امتلاك مسيريها الجنسيتين المغربية والإسبانية، مردفة بأن التحريات المنجزة توقفت عند تزويد “بارونات” مواد البناء أوراشا ضخمة شمال المملكة، وتوسيعهم أنشطتهم من خلال مستودعات شيدت فوق أراض فلاحية، ومشددة على أن هذا الوضع دفع مصالح المراقبة إلى تعميق البحث في ارتباطات مسؤولي الشركات المعنية، والتثبت من شبهات استفادتهم من تراخي مراقبة رجال السلطة، خصوصا بعد التوصل بمعلومات حول وجود معاملات ملتبسة بينهم، تمثلت في تبادل منافع، أبرزها تزويد أوراش خاصة بمواد بناء مقابل التغاضي عن بيع الفواتير والاتجار بدفاتر الشيكات.
ومعلوم أن الهيئة الوطنية للمعلومات المالية كانت أحالت ما مجموعه 71 ملفا على وكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية بكل من الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش، وكذا على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، بخصوص غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وقفز عدد الملفات المحالة على النيابة العامة بنسبة 31.48 في المائة بين 2022 و2023؛ فيما مثلت الملفات المرتبطة بأفعال التزوير أو تزييف الكشوفات البنكية أو وسائل الأداء أو وثائق أخرى ما نسبته 38 في المائة من القضايا المحالة على المحاكم الابتدائية المختصة، والنسبة نفسها في ما يخص حالات النصب والاحتيال، مع ظهور تصنيفات أخرى تتعلق بغسل الأموال، بما في ذلك الرهان الرياضي والبيع الهرمي والعملات المشفرة.
وكشفت مصادر هسبريس عن رصد مصالح المراقبة لجوء المتورطين إلى استخدام مسيرين صوريين لشركاتهم، واستعمالهم حسابات بنكية مفتوحة بأسماء مستخدمين لديهم لتنفيذ تحويلات بنكية، بهدف تبييض أموال مجهولة المصدر، واستغلالهم دفاتر شيكات الصادرة عن هذه الحسابات لتبرير تكاليف التزود، بعد التلاعب بهوية مصدري الشيكات وتقديمهم كزبائن، لتمويه مصالح المراقبة الجبائية وسد ثغرات الكشوفات المحاسباتية، مؤكدة اعتماد “بارونات” مواد البناء على جنسياتهم المزدوجة للتنقل بحرية بين المغرب وإسبانيا، وإجراء عمليات استيراد بمبالغ ضخمة فاقت أرقام المعاملات بالشركات المعنية، ما عزز الشكوك بشأن شبهات تهريب العملة عبر تضخيم فواتير واردات، حيث طلب المراقبون من نظرائهم الإسبان مدهم بمعلومات دقيقة حول الوضعية المالية للمشتبه فيهم خارج المملكة.