غزة- يمني برس- متابعات
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية من خبراء مختصين حول الأسلحة التي يستخدمها العدو الإسرائيلي، بما في ذلك احتمالية استخدامها لقنابل تولّد حرارة شديدة تؤدي إلى تبخّر أجساد الضحايا في إطار العدوان الواسع على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وقال المرصد الأورومتوسطي إن شهادات وثقها ومعلومات أولية جمعها كشفت جانبًا مخفيًا من المستويات المروعة للقتل الذي يمارسه العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، يتعلق بتُبخر أو انصهار أجساد الضحايا بفعل قنابل تسقطها طائرات حربية إسرائيلية على المنازل السكنية.
وأوضح الأورومتوسطي أن لجوء جيش العدو إلى إحداث دمار هائل في مربعات سكنية بأكملها خلال هجماته على قطاع غزة يؤدي إلى أعداد ضخمة من الشهداء والمصابين، يثير مخاوف من احتمال استخدامه “أسلحة حرارية” أو ما يعرف باسم “القنابل الفراغية”، والتي تشتهر في المجال العسكري بفاعليتها في تدمير الكهوف ومجمعات الأنفاق الأرضية.
وأشار إلى أن آلاف الضحايا ما يزالون في عداد المفقودين، إمّا لعدم القدرة على انتشالهم من تحت الأنقاض؛ لعدم توفر المعدات والإمكانات الفنية، أو لعدم العثور على جثامينهم في أماكن أزيلت منها الأنقاض، أو لإخفائهم قسرًا من جيش العدو الإسرائيلي.
وكشف الدفاع المدني الثلاثاء عن وجود نحو 10 آلاف مفقود تحت ركام المباني التي دمرها القصف الإسرائيلي في قطاع غزة.
ووثق المرصد الأورومتوسطي عدة حالات لضحايا قضوا في غارات العدو الإسرائيلي مدمرة لمبانٍ سكنية، ولدى محاولة انتشال جثثهم اتضح اختفاء البعض منهم أو احتمال تحولهم إلى رماد، وهو ما يثير علامات استفهام بشأن ماهية القنابل المستخدمة في هذه الهجمات.
ومن ذلك، ما أفاد به “أحمد عمر” الذي استشهد 15 شخصًا من عائلته، بينهم والداه، في قصف إسرائيلي على منزلهم في مدينة غزة يوم 15 أكتوبر الماضي.
وقال “عمر” إن طواقم الدفاع المدني وأقارب العائلة قامت بمحاولات مضنية لانتشال جثث الضحايا بفعل الهجوم الإسرائيلي، إلا أن ثلاثًا منهم لم يُعثر على أي أثر لأجسادهم على الرغم من تواجدهم في المنزل نفس لحظة هجوم العدو الإسرائيلي، وهم كل من “رغد صالح فروانة” (14 عامًا)، وعلا صالح فروانة (7 أعوام) و”رهف أحمد قنيطة” (8 أعوام).
وقال “جمال عوني” -الذي استشهد سبعة من أفراد عائلته في قصف إسرائيلي في 6 يناير، على منزل نزحت إليه العائلة في مدينة دير البلح وسط القطاع-: إن كل المحاولات للعثور على جثمان ابنته “شيماء” (28 عامًا) باءت بالفشل وتبين لهم وكأن جثتها قد تبخرت.
يضاف إلى ذلك عدة تصريحات صدرت عن مسؤولين في جهاز الدفاع المدني في غزة بشأن تبخر جثامين ضحايا وتحولها إلى رماد، ومن هؤلاء ضحايا المقبرة الجماعية التي عثر عليها في مجمع “ناصر” الطبي في خان يونس جنوبي قطاع غزة في أبريل 2024.
وطالب المرصد بفتح تحقيق دولي في استخدام العدو الإسرائيلي أسلحة محرمة دوليًا، بما في ذلك القنابل الحرارية التي يعتقد أنها تعمل باستخدام متفجرات تقليدية صغيرة لإنتاج سحابة من الجزيئات أو القطرات شديدة الاشتعال ومن ثم قيام عبوة ناسفة ثانية بإشعال سحابة المواد القابلة للاحتراق.
وبيّن أن ذلك يولد درجات حرارة عالية جدا تصل إلى 2500 درجة مئوية بما يؤدي إلى حرق شديد في الجلد والمناطق الداخلية من الجسم وبالتالي تفحم الجثث حد التبخر أو الانصهار الكامل، لاسيما في الأماكن التي تكون فيها سحابة التفجير أكثر كثافة.
ووفق التقديرات الأولية، فإن احتمال تحلل الجثث إلى رماد يتم بعد وقت من الوفاة بسبب توفر ظروف تخلقها القنابل الحرارية، وهو ما يستدعى فتح تحقيق دولي لتقديم وصف دقيق لنوعية السلاح المستخدم من “إسرائيل”.
وأشار إلى أن القانون الدولي الإنساني يحظر استخدام القنابل الحرارية لاستهداف مدنيين في المناطق المدنية المأهولة، وذلك وفقًا لاتفاقيات لاهاي لعامي 1899 و1907 واتفاقيات جنيف لعام 1949، كما ويعتبر استخدامها جريمة حرب وفقًا لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أن للكيان الإسرائيلي سجلًا حافلًا في ارتكاب انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني بما يشمل انتهاك مبدأ التمييز ومبدأ التناسب ومبدأ الضرورة العسكرية وقواعد الحماية في النزاعات المسلحة، لاسيما خلال العدوان المستمر على قطاع غزة، بما في ذلك شن هجمات عشوائية مدمرة دون إيلاء أي اعتبار لسلامة المدنيين وحياتهم.
وأبرز أن جيش العدو استخدم وما يزال أنواعًا مختلفة من الأسلحة والذخائر وقوة تدميرية غير متناسبة ضد المدنيين الفلسطينيين وممتلكاتهم، في انتهاك لقواعد الحماية للمدنيين وممتلكاتهم من مخاطر الحرب، والتي يوفرها القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، والخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب.
وشدد على ضرورة تفعيل مستويات التحقيقات الدولية والقانونية والقضائية كافة وآليات المساءلة والعمل الجدي على محاسبة القادة والجنود الصهاينة وعدم السماح لهم بالإفلات من العقاب، وتعويض الضحايا وعائلاتهم وفقا لقواعد القانون الدولي.