صحافتي

إعادة تعريف رواية النضال الفلسطيني من جديد

صحافتي بتاريخ: 01-05-2024 | 6 أشهر مضت


لا انتماء حزبيا أو سياسيا

إن عودة الحركات الاحتجاجية إلى أروقة الأوساط الأكاديمية هي ظاهرة معقدة، وتكشف عن طبقات من التطور السياسي والاجتماعي والنفسي الذي ظل يغلي على نار هادئة لعقود من الزمن. إن "حركة التمرد الطلابي" هذه ليست مجرد نتاج احتجاجات عفوية؛ إنها تمثل قوسا تاريخيا طويلا من التغييرات التدريجية والوعي الناشئ بين الطلاب. وخلافا للعديد من الحركات التقليدية، فإن هذه الحركة لا تنحاز إلى أي إطار أيديولوجي محدد أو جماعة سياسية أو عسكرية. إن انفصالها عن الجماعات السياسية العالمية يسلط الضوء على موقفها الفريد.
تركز الحركة على الدعوة إلى العدالة، ولا سيما تسليط الضوء على القضية الفلسطينية والأزمة الإنسانية الأليمة في غزة. وهذا يعكس أهمية التحول الكبير نحو النشاط الشعبي، الذي لا يرتبط بالقيود التقليدية للانتماءات السياسية، ولكنه مدفوع برغبة جماعية في معالجة الظلم العميق ومواجهة حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل

وتركز الحركة على الدعوة إلى العدالة، ولا سيما تسليط الضوء على القضية والأزمة الإنسانية الأليمة في غزة. وهذا يعكس أهمية التحول الكبير نحو النشاط الشعبي، الذي لا يرتبط بالقيود التقليدية للانتماءات السياسية، ولكنه مدفوع برغبة جماعية في معالجة الظلم العميق ومواجهة حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل. إن غياب راية أيديولوجية واحدة يشير إلى نهج أوسع وأكثر شمولا للنشاط، يرحب بالأصوات ووجهات النظر المتنوعة داخل الجسم الطلابي.

يعد إحياء النشاط الطلابي هذا بمثابة تذكير قوي بالدور المؤثر الذي لعبه الطلاب في تشكيل الخطاب السياسي وإحداث التغيير الاجتماعي عبر التاريخ. فمن حركات الحقوق المدنية في الستينيات إلى الاحتجاجات المناهضة للفصل العنصري، كان للطلاب دور محوري في الدفع نحو التحولات المجتمعية. ويعتمد الطلاب المتظاهرون اليوم على هذا الإرث الغني، ويستخدمون حرمهم الجامعي كمنابر لتحدي الظلم وحشد الدعم للفلسطينيين المضطهدين في غزة والضفة الغربية.

نضال مستمر من فيتنام إلى غزة

لقد كان النشاط الطلابي منذ فترة طويلة قوة مؤثرة في تشكيل الخطاب العام والتأثير على السياسة، وخاصة في القضايا ذات الاهتمام الدولي. ومن خلال مقارنة الاحتجاجات الطلابية خلال حقبة حرب فيتنام بالاحتجاجات الطلابية الحالية لدعم فلسطين، يمكننا الكشف عن رؤى أعمق حول دوافع هذه الحركات وأساليبها وأهدافها الشاملة، مما يكشف عن التزام مستدام بالعدالة الاجتماعية ومقاومة القمع.

خلال الستينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، أثارت حرب فيتنام غضبا واسع النطاق بين مجموعات مختلفة في الولايات المتحدة وحول العالم، ولا سيما بين طلاب الجامعات. تميزت هذه الفترة بحركة طلابية نشطة لم تعارض التدخل العسكري للولايات المتحدة في فيتنام فحسب، بل عارضت أيضا قضايا أوسع مثل الحقوق المدنية ونزع السلاح النووي. كان المتظاهرون مدفوعين بإحساس عميق بالظلم والإيمان بالحاجة إلى نظام عالمي أكثر إنصافا وسلاما. لقد استخدموا الاعتصامات والتدريس والمسيرات والتجمعات الجماهيرية كأشكال من أشكال المقاومة السلمية، كما سلطت احتجاجاتهم الضوء على طموح جماعي لتحدي وقلب ما اعتبروه سياسة خارجية متعجرفة وعدوانية.
يتشارك هؤلاء الطلاب الناشطون، سواء من حقبة حرب فيتنام أو من الجيل الحالي الداعم لفلسطين، بروح لا هوادة فيها لتحدي الوضع الراهن والدعوة إلى إعادة تصور العلاقات الدولية والسياسات الوطنية التي تفضل السلام والعدالة على الاستعمار والإجرام الممنهج

وبالتقدم سريعا إلى الحاضر، نلاحظ طفرة مماثلة في النشاط الطلابي، مع التركيز هذه المرة على حرب إبادة تمارس ضد المدنيين في غزة وفلسطين. قام الطلاب في مختلف الجامعات على مستوى العالم بالتعبئة للتعبير عن التضامن مع الفلسطينيين، والدفاع عن حقوق الإنسان، وحث مؤسساتهم على الابتعاد عن الشركات الإسرائيلية التي تساهم في تصفية قضايا الشعب الفلسطينية. هذه الحركة الأكاديمية والطلابية هي امتداد تاريخي لاحتجاجات الطلاب المدفوعين برغبة عميقة في دعم المضطهدين والدعوة إلى مقاطعة الظلم على نطاق عالمي.

وعلى الرغم من العقود التي تفصل بينهما، فإن الحركتين تربطهما أهداف مشتركة أهمها السعي إلى تحقيق العدالة، ودعم المضطهدين، ومعارضة عدوان وغطرسة ونظام عالمي فاسد يساند إسرائيل في تصفية الأبرياء من النساء والأطفال والرجال المدنيين. يتشارك هؤلاء الطلاب الناشطون، سواء من حقبة حرب فيتنام أو من الجيل الحالي الداعم لفلسطين، بروح لا هوادة فيها لتحدي الوضع الراهن والدعوة إلى إعادة تصور العلاقات الدولية والسياسات الوطنية التي تفضل السلام والعدالة على الاستعمار والإجرام الممنهج.

كسر الاحتكار الإعلامي وإعادة تعريف الرواية من جديد

في المشهد العالمي الذي يشهد تطورات سريعة اليوم، يتزامن تراجع هيمنة وسائل الإعلام الغربية مع ظهور وسائل الإعلام البديلة. وتلعب منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام غير الغربية هذه دورا محوريا في بث تحديثات لحظية حول العالم، لا سيما تلك المتعلقة بحرب الإبادة الدائرة في غزة. لقد أثرت وسائل الإعلام الحديثة بشكل كبير على التصورات العالمية من خلال عرض الحقائق الصارخة للجرائم الإسرائيلية وداعميها الغربيين،
أدى هذا الوعي المتزايد إلى إعادة تعريف السرد المحيط بالمحنة الفلسطينية، وتصويرها ليس فقط كقضية إقليمية، بل كنضال مستمر من أجل البقاء ضد المحاولات الإسرائيلية المنهجية للتهجير والاستئصال
والتي غالبا ما يتم تجاهلها أو تحريفها من قبل وسائل الإعلام الغربية التقليدية. وقد أدى هذا التحول في نشر المعلومات إلى تحويل الجامعات إلى مراكز لتبادل المعلومات وتنظيمها، حيث تقوم المجموعات الطلابية المناصرة للقضية الفلسطينية بحشد الدعم وتنسيق الأنشطة وبناء منصات جديدة للرأي سيكون لها مستقبل مختلف وواعد.

وقد أدى هذا الوعي المتزايد إلى إعادة تعريف السرد المحيط بالمحنة الفلسطينية، وتصويرها ليس فقط كقضية إقليمية، بل كنضال مستمر من أجل البقاء ضد المحاولات الإسرائيلية المنهجية للتهجير والاستئصال. ويرمز الشعار القوي "من النهر إلى البحر، فلسطين ستتحرر" إلى هذا التحول، حيث يوحد هذا الشعار تحالفا واسعا من المتظاهرين من خلفيات متنوعة، تشمل أطيافا سياسية ودينية واجتماعية، بما في ذلك اليساريين والمسلمين والمسيحيين واليهود. وتقف هذه المجموعات معا في تضامن، ومعارضة لإسرائيل وحربها وآثار هذه الحرب على العدالة العالمية.

إن الجرائم الإسرائيلية التي تتكشف يوما بعد يوم هي بمثابة تذكير قاتم للحقائق القاسية للسياسة الدولية، وفضح أسطورة "النظام الغربي"، ويؤكد قانون الغاب السائد أن المقاومة قد تكون السبيل الوحيد للمضي قدما في هذه الأوقات الحرجة. وبينما يتخذ الطلاب والمواطنون في مختلف أنحاء العالم مواقف أخلاقية سياسية، فإن دعمهم للقضية الفلطسينية تعكس معارضة جماعية ضد التواطؤ الملحوظ من جانب القوى الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، في إدامة إبادة جماعية مشهودة وموثقة بالأدلة.