الاستفزازات الجزائرية للوحدة الترابية للمملكة تستدعي ضرورة إعادة إعمار الكويرة
في ظل الدينامية التنموية والاقتصادية التي تعرفها مدن وحواضر الصحراء المغربية وتنامي الدعم الدولي لمغربية الصحراء على المستويين الدبلوماسي أو الاقتصادي، وفي ظل استمرار الاستفزازات الجزائرية للوحدة الترابية للمملكة واتخاذها لأبعاد خطيرة في الفترة الأخيرة، طالب نشطاء ومهتمون بإعادة إعمار مدينة الكويرة من أجل دمجها في المسلسل التنموي والمبادرات الإقليمية التي أطلقها المغرب وقطع الطريق أمام أطماع حكام الجزائر في الحصول على منفذ أطلسي من خلال دعم المشروع الانفصالي في الصحراء.
خدمة للاستقرار وتكريس للسيادة
قال مصطفى العياش، رئيس المنظمة المغربية للمواطنة وللدفاع عن الوحدة الترابية، إن “التطورات المتلاحقة التي تشهدها قضية الصحراء المغربية على المستويين الدبلوماسي والتنموي وتنامي الاستفزازات الجزائرية في الفترة الأخيرة باتت تفرض اليوم وأكثر من أي وقت مضى إعادة إعمار مدينة الكويرة من أجل قطع الطريق بشكل نهائي أمام أطماع النظام الجزائري في الوصول إلى الواجهة الأطلسية”.
وأضاف العياش، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “إعادة إعمار هذه المدينة المغربية ودمجها في المسلسل التنموي بالأقاليم الجنوبية يخدم أولا الاستقرار والأمن في المنطقة، كما يخدم أيضا المبادرات والمشاريع الكبرى التي أطلقها المغرب على غرار المبادرة الأطلسية باعتبار موقعها الاستراتيجي المتميز”.
وسجل المتحدث ذاته أن “أية خطوة من هذا القبيل ستساهم بلا شك في تصفية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية وزيادة الدعم الدولي والإقليمي لمغربية الصحراء وإقبار المشروع الانفصالي في الصحراء بشكل لا رجعة فيه”، داعيا في الوقت ذاته إلى تشجيع المستثمرين الأجانب والمغاربة، خاصة مغاربة العالم، على الاستثمار في هذه المدينة.
من جهته، قال محمد فاضل الخطاط، المنسق الجهوي للمركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، إن “تنمية الأقاليم الجنوبية، ومدينة الكويرة بشكل خاص، ستضع حدا لكل استفزازات أعداء الوحدة الترابية الذين يحاولون دائما عرقلة هذه الخطوة بالاستناد إلى اتفاقيات واهية لا تصمد أمام المحاججة التاريخية والمنطق السليم”.
وأضاف الخطاط أن “الشعب المغربي عامة وأبناء الأقاليم الجنوبية خاصة يرغبون ويطالبون بتنمية منطقة الكويرة بشكل عاجل ومستعجل”، مسجلا أن “السياسة الأطلسية المغربية ومشاريعها الكبرى التي ابتكرها صاحب الجلالة ليست فقط من أجل المشاريع الاقتصادية وتنمية الأرض؛ ولكن في عمقها هي تنمية الإنسان في الأقاليم الجنوبية وتلافي التأخر الذي حدث في هذه الأقاليم، وخاصة وادي الذهب، رغم الإمكانيات التي وفرتها المملكة وبسخاء لهذا الغرض”.
وشدد المصرح لجريدة هسبريس الإلكترونية على أن “فتح باب الاستثمار على مصراعيه للرساميل الدولية والوطنية لتنمية هذه المدينة المغربية هو مشروع وطني يجب، ليس فقط تشجيعه، وإنما الحث والتأكيد عليه وبقوة، باعتباره حجر الزاوية في تحقيق الاندماج الاقتصادي الإقليمي والإقلاع الاقتصادي الوطني”.
رغبة مغربية وقرار سيادي
قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن “النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي ترجمته الأوراش التنموية الكبرى؛ كالطريق السريع الأطلسي – إفريقيا العابر للصحراء المغربية وميناء الداخلة الأطلسي، والمشاريع التنموية التي تعرفها مختلف مداشر ومدن الصحراء المغربية كلها مؤشرات تؤكد أن صانع القرار السياسي في المغرب له رغبة أكيدة في إعادة إعمار مدينة الكويرة من منطلق تنموي بأبعاد جيوسياسية تحمي الأمن القومي المغربي”.
وأضاف البراق شادي عبد السلام أن “الدولة المغربية، من خلال مؤسساتها السيادية ممثلة في مجلس جهة الداخلة وادي الذهب والمجلس الإقليمي لأوسرد، تمتلك رؤية واضحة لتطوير العرض التنموي الاستثماري في المنطقة من خلال العديد من المؤشرات التي لها دلالاتها الدقيقة؛ أهمها وجود هيكل إداري منتخب ممثل في جماعة الكويرة التابعة لإقليم أوسرد وباشوية الكويرة كإطار إداري ترابي معين.. وعليه وبشكل تلقائي يوجد برنامج عمل جماعي لهذه الجماعة يتضمن فرصا استثمارية واعدة قادرة على النهوض بأوضاعها كباقي مدن ومداشر الأقاليم الجنوبية”.
وأوضح المتحدث ذاته أن “إعادة إعمار مدينة الكويرة ستكون لها تداعيات إيجابية على الأمن البشري للمنطقة وطنيا وإقليميا؛ لأنها خطوة ستؤكد على الدور المحوري الذي يمكن تلعبه الواجهة الأطلسية للمغرب في حماية أمنه القومي وكذا الأمن الإقليمي والقاري والدولي. كما أنها ستنهي بشكل نهائي كل الأطماع الجزائرية بالوصول إلى إطلالة أطلسية على حساب الوحدة الترابية للمغرب”.
وشدد الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر على أن “الكويرة بسبب موقعها الإستراتيجي ستشكل قاعدة ارتكاز رئيسية للمشروع التنموي المغربي بأبعاده الأطلسية في ظل الدينامية التنموية والسياسية التي تعرفها الصحراء المغربية والدول المحيطة بها، سواء موريتانيا أو السنغال جنوبا، في ظل المشاريع المهيكلة العابرة للدول التي يطرحها المغرب؛ كمشروع أنبوب إفريقيا – الأطلسي، ومشروع الربط الكهربائي القاري، وباقي المشاريع الاستشرافية؛ كالطريق السيار الإفريقي الأطلسي، والخط السككي الإفريقي الأطلسي”.
وتفاعلا مع سؤال حول الإشكالات التي قد تواجه خطوة إعادة الإعمار هذه، بيّن المتحدث ذاته أنه “لا توجد أية عوائق قانونية تقف أمام رغبة المملكة المغربية في الاستثمار بمنطقة تقع تحت سيادتها الترابية، لأن قرار إعادة إعمار منطقة الكويرة هو قرار سيادي للمغرب والموقف الموريتاني يمكن معالجته في إطار تسوية إقليمية؛ وبالتالي فإن تنفيذ عملية إعادة الإعمار تتطلب المزيد من بذل الجهود الدبلوماسية والقانونية لتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة لتطوير المنطقة وتأهيلها لتتحول إلى محطة دولية تجارية وسياحية ولوجستيكية مغربية نحو إفريقيا”.