صحافتي

محمد يونس مؤسس "بنك الفقراء" في بنغلاديش

صحافتي بتاريخ: 17-03-2024 | 2 أشهر مضت

محمد يونس أحد أشهر الاقتصاديين والمصرفيين في العالم، حاصل على ، ولد عام 1940، له تجربة في مكافحة الفقر في بلاده، إذ نجح في إنشاء وتأسيس بنك "غرامين" (بنك الفقراء)، الذي يهدف إلى الحد من الفقر من خلال توفير قروض صغيرة للفقراء من دون ضمانات، ترك رئاسة البنك عام 2011 بطلب من البنك المركزي لتجاوزه سن التقاعد (60 عاما).

المولد والنشأة

ولد محمد يونس في 28 يونيو/حزيران 1940، بـ"باثوا" إحدى قرى مدينة شيتاغونغ الواقعة جنوب شرق ولاية البنغال الشرقية، التي أصبحت جزءا من عام 1955 ثم أصبحت عام 1971، وكانت شيتاغونغ تعد في ذلك الوقت مركزا تجاريا لمنطقة البنغال الشرقي شمال شرق الهند وقتها.

هو الثالث بين 9 إخوة لعائلة مسلمة، كان والده يعمل صائغا في المدينة، وهو ما وفر له بيئة أفضل من أقرانه وقتها، في ظل الوضع المعيشي الجيد الذي جعل والده يصر على تعليمه هو وأشقاؤه تعليما رفيعا.

غير أن الأثر الأكبر في حياة يونس كان لأمه صفية خاتون، إذ عدّها قدوته، فعلمته كيف تكون له رسالة في الحياة، لا سيما لما رأى منها أنها لا تتردد في مساعدة أي فقير يطرق بابهم.

قضى طفولته المبكرة في قريته حتى عام 1944، وبعدها انتقل مع عائلته إلى مدينة شيتاغونغ، حيث توفيت والدته عام 1949.

محمد يونس حصل على الترتيب 16 من بين 39 ألف طالب في باكستان الشرقية في الثانوية العامة (أسوشيتد برس)

التكوين التعليمي والثقافي

تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة لامابازار الابتدائية، وأكمل تعليمه الثانوي في مدرسة شيتاغونغ؛ إذ حصل على الترتيب 16 من بين 39 ألف طالب في باكستان الشرقية في الثانوية العامة.

خلال سنوات دراسته كان مشاركا في الكشافة، وسافر إلى غرب باكستان والهند عام 1952، وإلى كندا عام 1955 لحضور المهرجانات.

في عام 1957 التحق بجامعة دكا لدراسة الاقتصاد، وتخرج منها عام 1961، وعين محاضرا في الاقتصاد في كلية شيتاغونغ عام 1961، وأنشأ خلال هذه الفترة مصنعا للتعبئة والتغليف.

حصل عام 1965 على منحة من مؤسسة فولبرايت لدراسة الدكتوراه في جامعة فاندربيلت بولاية تينيسي الأميركية.

في تلك الأثناء نشبت الحرب التي أدت إلى انفصال بنغلاديش عن باكستان، وبطبيعة الحال اتخذ يونس موقفا مساندا لبلاده، وأسس لجنة وحركة طلابية تطالب بالاستقلال.

عاد إلى بنغلاديش عام 1972، وعُين بلجنة التخطيط في الحكومة، لكنه وجدها وظيفة مملة، فاستقال منها للانضمام إلى جامعة شيتاغونغ، رئيسا لقسم الاقتصاد، وتعرضت بلاده لمجاعة صعبة عام 1974، تسببت في موت مليون ونصف مليون إنسان بنغالي.

نتيجة المجاعة التي عاشتها البلاد قرر يونس فعل شيء لمساعدة الفقراء (مواقع التواصل الاجتماعي)

كانت تلك الأحداث سببا في إحداث صدمة كبيرة في حياته العملية والعلمية، إذ رأى أنه يتعين عليه فعل شيء لمساعدة الفقراء في بلاده، وألا يبقى علمه ونظرياته الاقتصادية حبيسة جدران الجامعة.

إذ رأى أن الفقر يتسبب في حرمان صاحبه من كل قيمة إنسانية نبيلة، ولذلك فإن توفير قروض ولو صغيرة جدا تعد حقا من حقوق الإنسان ووسيلة فعالة لمواجهة الفقر والخروج من دائرته.

وحاول بعدها إقناع البنك المركزي أو البنوك التجارية بوضع نظام لإقراض الفقراء بدون ضمانات، وهو ما دعا رجال البنوك للسخرية منه ومن أفكاره، زاعمين أن الفقراء ليسوا أهلا للإقراض.

التجربة الاجتماعية

في عام 1976، حينما قام بجولة لزيارة الأسر الأكثر فقرا، في محيط القرى المجاورة لجامعة شيتاغونغ، اكتشف أن القروض الصغيرة جدا يمكن أن تحدث فارقا لهؤلاء الفقراء، خاصة لما وجد أن مجموعة من النساء يصنعن من الخيزران أثاثا، بالاعتماد على القروض لشراء المواد الخام، وهو ما أثر على أرباحهن.

كانت البنوك التقليدية وقتها توفر قروضا صغيرة بفائدة معقولة بسبب ارتفاع المخاطر الاقتراضية على البنوك نفسها، وهو ما كان يتناقض تماما مع فكرة يونس، التي تقوم على ضرورة توفير القروض للفقراء مقابل مدة سداد طويلة، حتى بدأ فكرته بإقراض 42 امرأة قروية 27 دولارا.

في ديسمبر/كانون الأول 1976، نجح يونس في الحصول على قرض من الحكومة عن طريق بنك جاناتا لإقراض الفقراء في قرية جوربا، وواصلت المؤسسة العمل، وتأمين قروض من البنوك الأخرى لمشروعاتها، حيث وصل عدد المقترضين 28 ألفا بحلول عام 1982، ومن هنا بدأ التفكير في مشروع تجريبي متكامل لتأسيس بنك غرامين (بنك القرية).

تجربة بنك غرامين

مع اختمار الفكرة واتجاهها نحو اتخاذ الطابع المؤسسي، واجه يونس وزملاؤه حملة قاسية من جانب بعض الحركات الراديكالية والحركات اليسارية، التي حاربت فكرة الاقتراض من البنك أساسا، ولكن كل ذلك لم يؤثر على فكرته والسير في طريق تنفيذها.

نجح يونس في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1983 في تحويل المشروع التجريبي في قرية "جوبرا" في مقاطعة تشاتوغرام ببنغلاديش إلى مصرف سماه "بنك غرامين"، وأعاد هيكلة المصرف وحوله إلى مؤسسة مستقلة، هدفها الأساسي التخفيف من حدة الفقر وتمكين الفقراء المهمشين في بنغلاديش من قروض صغيرة.

الميزة في نشاطات البنك، أنه لا يطلب ضمانات للحصول على قرض، وتتم جميع المعاملات المصرفية باستثناء صرف القروض في اجتماعات المقترضين في المراكز على مستوى القرية.

كان من أولويات البنك، تمكين المرأة وإشراكها في الأنشطة الاقتصادية، وكان نحو 98% من المقترضين نساء، وأثرت هذه القروض على حياتهن وحسنت ظروف عيشهن.

محمد يونس خلال افتتاح بنكه عام 1983 (مواقع التواصل الاجتماعي)

أرقام وإحصائيات

وفقا للموقع الإلكتروني للبنك، فقد افتتح فروعه في 40 منطقة، ويمتلك 40 مكتب تدقيق، و2568 مكتبا فرعيا، ويبلغ عدد موظفيه حتى يناير/كانون الثاني 2024 نحو 22 ألف موظف.

كما ذُكر على موقع البنك الرسمي مجموعة من الإحصائيات منها:

ويعد برنامج "الأعضاء المتسولين"، من أكثر البرامج الإنسانية والاستثنائية التي يقدمها البنك لعملائه، إذ يقدم قروضا بدون فوائد لمساعدة المتسولين على بناء قدراتهم المالية، حتى لا يضطروا إلى التسول مرة أخرى، ونجح البنك في مساعدة أكثر من 21 ألف شخص على التوقف عن التسول وأصبحوا مكتفين ذاتيا.

محمد يونس حصل على 50 دكتوراه فخرية من جامعات مختلفة (الفرنسية)

يقدم البنك كذلك خدمات الإقراض للكوارث الطبيعية وخدمات الإقراض للأسرة، وبحلول عام 2005 بلغ إجمالي القروض التي منحها البنك على مدار عمله نحو 4.8 مليارات دولار، وارتفع إلى 7.6 مليارات دولار عام 2008.

وتماشيا مع مشروعات مواجهة تغير المناخ، نفذ البنك برنامجا جديدا لزراعة الأشجار، ونجح في زراعة أكثر من 206 ملايين شجرة حتى سبتمبر/أيلول 2023.

وإلى حدود يناير/كانون الثاني 2024، بلغ المبلغ التراكمي لقروض البنك، منذ إنشائه 37 مليونا و997 ألفا و9 دولارات أميركية، واستفاد منها 10.50 ملايين عضو مقترض، 97% منهم من النساء.

نشاطات وبرامج

توسعت نشاطات البنك وأفرعه ليس داخل بنغلاديش فقط، بل امتد ليقدم خدماته ونشاطاته في العديد من الدول من بينها ( و و و و)، بل امتدت نشاطاته أيضا لتصل إلى الدول الغنية، ومن بينها، إذ يوجد بها 19 فرعا للبنك في 11 ولاية، وقدم خدماته لنحو 100 ألف امرأة وفقير أميركي بالطريقة نفسها التي يعامل بها أقرانهم في بنغلاديش.

كما تم إنشاء مؤسسة غرامين التابعة للبنك عام 1997 وكونت شبكة عالمية شملت 52 شريكا في 22 دولة قدمت المساعدة لنحو 11 مليون شخص في آسيا وأفريقيا والأميركتين والشرق الأوسط.

في أواخر الثمانينيات، بدأ البنك بتنويع نشاطاته من خلال مشاريع أحواض الصيد ومضخات الري مثل الآبار الأنبوبية العميقة، وفي عام 1989 دفعت هذه النشاطات المتنوعة القائمين على البنك إلى التفكير في إنشاء مؤسسات اقتصادية مستقلة.

وأصبحت للبنك مؤسسات وشركات ربحية وغير ربحية تابعة له، منها مؤسسة "غرامين لمصايد الأسماك" ومؤسسة "غرامين الزراعية" و"غرامين تراست" و"صندوق غرامين"، فضلا عن "غرامين تليكوم" التي تملك حصة في "غرامين فون" وتعتبر أكبر شركة للهاتف الخاص في بنغلاديش.

الوظائف والمسؤوليات

الجوائز والإنجازات

حصل على جوائز دولية ومحلية، وأوسمة ودرجات للدكتوراه الفخرية، وصلت إلى 50 درجة دكتوراه، من جامعات في 20 بلدا، إضافة إلى 113 جائزة عالمية من 26 دولة مختلفة، بما في ذلك أوسمة الشرف من 10 دول، ومن بين أبرز تلك الجوائز:

الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما يوشح محمد يونس بوسام الحرية الرئاسي عام 2009 (الفرنسية)

كتب ومؤلفات

ألف يونس مجموعة من الكتب وشارك في تأليف مجموعة أخرى مع مؤلفين وخبراء، ومن بينها:

محمد يونس ألف مجموعة من الكتب المختلفة في عالم الاقتصاد والخدمة الاجتماعية (رويترز)

إضافة إلى ما سبق، ألف الدكتور محمد يونس وشارك في كتابة عدد آخر من الكتب، ومن بينها: