صحافتي

الفساد في العراق … مرض متجذر في العروق

صحافتي بتاريخ: 28-10-2021 | 3 سنوات مضت

عبدالله جعفر كوفلي

باحث أكاديمي

بعد محاولات مستفيظة ومتعددة وبنية صادقة في معرفة ما كان يجري في الأيام الماضية بغية الاستفادة منها واخذ الدروس والعبر والوقوف على اهم الامراض السياسية والإدارية التي كانت تعاني منها الحكومات العراقية السابقة، وكانت أسباباً كافية لسقوطها وكره الشعب لها ومقارنة تلك الأيام بالوقت الحالي وكيفية التخلص من هذه الأوبئة التي أكلت من جسم الشعب حتى النخاع ، فقد تمكنا من الحصول أرشيف قيم لأغلب الجرائد والمجلات العراقية الصادرة منذ عام 1913 التي تحتوي على مواضيع مهمة للغاية، ويمكن للمرء ان يتطلع على تاريخ دولة العراق وأهتمامات حكوماتها وعلاقاتها الدولية والإقليمية وكيفية معالجتها للمشاكل وتخطي الصعاب وإنه بحق أرشيف كبير ويمثل منظاراً الى الماضي العراقي بتحالفاتها وصراعاتها ومواقفها و خفايا اسرارها وقوتها وضعفها وتعاملها مع الأحداث ويمكن الاستفادة منه ..

وخلال تصفحنا لهذا الأرشيف وقع العيون على مواضيع عديدة، منها ما جرّنا الى المتابعة والقراءة هو موضوع الفساد الإداري والمالي الذي كان يعاني منه الحكومات دون استثناء وبدرجات متفاوتة بل كان سبباً رئيسياً لكره الشعب لها وتذمرهم منها وسقوطها، بل نستطيع القول بأنه كان سبباً مباشراً للإنقلاب على النظام الملكي في 14 تموز 1958 واعلان النظام الجمهوري بقيادة عبدالكريم قاسم.

فعلى سبيل المثال لا الحصر نشر في جريدة الاستقلال التي كانت جريدة يومية سياسية مستقلة في عددها الأول بتاريخ (9تشرين الثاني سنة 1958) أي بعد الانقلاب بحوالي أربعة اشهر موضوعاً بعنوان رئيسي على الصفحة الأولى (الماني يكتب عن العراق في العهد البائد / الشعب العراقي يكره نوري السعيد و عبدالاله و فيصل) وتم نشر الخبر بالتفصيل في الصفحة الثالثة وتجنباً للاطالة نورد مقتطفات من مقال كتبه صحفي الماني زار العراق في أواخر عام 1957 أي قبل الانقلاب بأقل من سنة بعد زيارته لإيران وفي طريق عودته زار بغداد ومكث فيه لأيام و بعد عودته الى بلاده المانيا نشر مقالاً في جريدته في اقليم بافاريا الألمانية وتم ترجمة المقال من قبل هيئة تحرير جريدة الاستقلال ولم تصل الجريدة الألمانية الى العراق لما انطوى عليه من أقوال ونقل للواقع الملموس في العهد الملكي وبغية عدم اطلاع المواطنين عليه وأن أهم ما ورد في هذا المقال:

هذه العبارات وغيرها الكثير احتوته مقال الصحفي الألماني و وردناها في سبيل المثال ويمكن ان نخلص الى النقاط الاتية:

كل حكومة قائمة تحاول بشتى السبل تشويه سمعة الحكومة السابقة لها واتهامها بالفساد والتقصير والإهمال في تقديم الخدمات وتصف عهدها بالايام السوداء وهكذا دواليك الى يومنا هذا، وتستمر بل خرجت من اطار الحكومة الى المستوى الفردي حيث ان من يتولى منصباً ادارياً يحاول تشويه سمعة من قبله واتهامه بعدم الإخلاص والنزاهة وأفتقاره الى العلم والدراية في مجال أختصاصه وان طال مدة توليه لهذا المنصب .

ان الكتابة عن هذا المقال لا يعني كرهنا للعهد الملكي او ان العهد الجمهوري قضى على الفساد، فلكل عهد نسبة متفاوتة في الفساد وهذا يعني ان الفساد متجذر في العراق وأصبح دماً يجري في العروق. لذا فإن موضوع الإصلاح مهم وكبير و يحتاج الى جهود وقدرات كبيرة وإرادة فولاذية وتضحيات جسام، لأنها تصطدم بالعقبات و المصالح الشخصية، ولكن من يصلح لا يبالي بهؤلاء المتطفلين ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هل نعيش اليوم نفس تلك الأيام ؟

kuvileabdelah@yahoo.co.uk

28/10/2021

 

تم نسخ الرابط