هل يجسّد الرئيس الفرنسي "نفاق الديمقراطيات الغربية" أمام العالم الثالث؟

ألقى إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، ” تشبّثه” بالسلطة، الضوء على “الديمقراطيات الغربية” في مواجهة أنظمة دول العالم الثالث، التي يعني تشبّثها بالسلطة وفق المنظور الغربي، “الديكتاتورية”.

يقترب اليمين المتطرف من تحقيق “نصر” غير مسبوق في بلاد الحريات، كما تقول أرقام استطلاعات الرأي، التي لم تبد أي تفاؤل بصعود معسكر ماكرون في الانتخابات التشريعية المقررة يوم غد الأحد.

واستبق الرئيس ماكرون تساؤلات الرأي العام الفرنسي عن مصير كرسي الحكم، قائلا: “لا أعتزم الاستقالة في حالة صعود اليمين المتطرف في الانتخابات وحصوله على مقاعد كثيرة في البرلمان”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وقد نهج ماكرون، وفق الصحف الفرنسية، “خطاب الهجوم والتخويف” عند حديثه أمام الفرنسيين، مع تحذيرات التصويت على اليمين المتطرف، ومستقبل البلاد وأوروبا، مقرّا بذلك بأن “تصويت الفرنسيين لهذا التيار سببه المشاكل المجتمعية التي لم تحلّ بعد”.

ويرى محمد نشطاوي، خبير في العلاقات الدولية، أن “حب السلطة” داء لا يزول عن أي زعيم سياسي كان، “سواء من الجنوب أو دول الغرب المتقدمة ديمقراطيا كما تقول هي”.

وأضاف نشطاوي، في حديث لهسبريس، أن حرب أوكرانيا، وصعود اليمين المتطرف، واليوم قرب توليه الحكم في فرنسا، أمور تظهر أن “الغرب حاول إسماعنا نحن شعوب دول العالم الثالث شعارات منافقة عن الديمقراطية”، موردا أن “تشبث ماكرون بالسلطة ما هو إلا تجسيد واضح لهذا النفاق”.

وأمس الثلاثاء، وفق وكالة الأنباء الفرنسية، عرفت مناظرة تلفزيونية بين جوردان بارديلا، اليميني المتطرف، الذي ينظر إليه كرئيس الوزراء القادم في حالة صدق استطلاعات الرأي، ورئيس الوزراء الحالي، غابرييل أتال، عدم قدرة الأخير على زعزعة الثقة بالنفس لدى بارديلا.

وفي ظل توقعات صعود اليمين، كان سجل تعامل إيمانويل ماكرون مع أنظمة الحكم المتشبّثة بالسلطة في مستعمرات فرنسا السابقة مليئا بالدروس عن الديمقراطية، ولعلّ انقلابات الساحل واحدة من الأمثلة الراهنة.

ماكرون رفض بشكل “قاطع” الانقلابات العسكرية التي عرفتها هذه الدول التي كان حكامها موالين لفرنسا، وبهذا الخصوص علّق عمر المرابط، خبير في العلاقات الدولية مختص في الشأن الفرنسي، بأن “الأمر مختلف تماما، والفرنسيين معتادون على تعايش الرئيس مع وزير أول معارض له”.

واستعرض المرابط نماذج حدث فيها تعايش رئيس الجمهورية الفرنسي مع تيار حزبي معارض له، كما وقع مع ميتران وشيراك، مؤكدا أن “ما قام به ماكرون لا يمكن أن يتم انتقاده على مستوى الديمقراطية”.

وأضاف أن نظام الحكم في فرنسا مخالف لما يوجد في ديمقراطيات غربية كألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، فهو معروف بوجود تشارك في السلطة بين الرئيس والوزير الأول، وفق ما ينصّ عليه الدستور.

ولفت المرابط إلى أن تشبّث حكام دول الجنوب في إفريقيا بالسلطة “مخالف لما هو في الغرب، وتحديدا في فرنسا، لأن الرئيس، وفق الدستور، له فترة حكم محددة لا يمكن تجاوزها، بينما في القارة السمراء يمكن للحاكم أن يستمر إلى الأبد، ولنا أمثلة حية على ذلك”.

وأوضح الخبير في الشأن الفرنسي أن “ما قام به ماكرون مبرّر ديمقراطيا، فهو استبق احتمال سقوط حكومته في الخريف، وقام بحركة سياسية مفهومة، ويُتوقع بعد صعود اليمين المتطرّف الذي لن تكون له أغلبية مطلقة، بل فقط نسبية في البرلمان، أن يتعايش معه ماكرون كما حدث مع رؤساء فرنسا منذ وقت طويل”.

وفي خطابه بعد صعود اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، صرح ماكرون بأنه “الوحيد الذي يمتلك برنامجا سياسيا دون الأحزاب الأخرى، مع استعداده للعمل بعد نتائج الانتخابات مع الأحزاب التي تؤمن بالديمقراطية”.

وقال محمد النشطاوي إن “ماكرون يخوّف الأحزاب الأخرى، ويظهر نفسه الوحيد القادر على الحكم”، مؤكدا أن “حبّ السلطة غريزة طبيعية في الإنسان منذ بدايته”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أيام | 7 قراءة)
.