التطرف في القارة الإفريقية يستوجب احتياطات أمنية وعسكرية كثيفة من المغرب

في تصريحات له لشبكة “فوكس نيوز” الأمريكي، أكد الجنرال مايكل لانغلي، رئيس القيادة الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم)، أن عدد التنظيمات والجماعات المسلحة المتطرفة في القارة الإفريقية تضاعف بشكل كبير منذ سنة 2008، مسجلا في الوقت ذاته أن هذه التنظيمات التي تنشط في إفريقيا كانت حينها لا تمثل سوى نسبة قليلة من مجموع الحركات المتطرفة في الساحة العالمية؛ فيما تصل اليوم إلى حوالي 40 في المائة.

وأكد قائد “أفريكوم” أن بلاده في حاجة إلى تعزيز التعاون والتنسيق مع شركائها الأفارقة لمواجهة هذه التنظيمات المتطرفة وتحقيق الأمن والاستقرار في القارة، في وقت يؤكد فيه مهتمون أن هذا المعطى المتمثل في ارتفاع حدة التطرف في المجال الإفريقي خلال السنوات القليلة الماضية يفرض على المملكة المغربية التحديث المستمر لمنظومته الأمنية وزيادة إنفاقه الدفاعي من أجل مواجهة هذا التحدي الذي يعيق مواجهته غياب التنسيق والتعاون ما بين الدول على هذا المستوى نتيجة تفاقم الخلافات الدبلوماسية والسياسية.

تحيين وإنفاق قال هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية، إن “تزايد أنشطة التنظيمات الإرهابية المتطرفة في إفريقيا يرفع من دون شك من التحديات التي يواجهها المغرب وسيدفع الرباط إلى التحيين المستمر والدائم لآلياتها الدفاعية والرفع من ديناميكية مناطقها الحساسة التي تواكب هذا النوع من التهديدات”، مضيفا أن “تزايد هذه التنظيمات سيحتم على المغرب أيضا الرفع من ميزانيته الدفاعية والأمنية ومضاعفة الأطقم المهنية في مختلف القطاعات العسكرية والحربية، بالإضافة إلى تحديث أنظمته التكنولوجية وتوسيع دائرة عملياته الاستباقية من أجل مسايرة خطر هذا التهديد الإستراتيجي في فضائه الإقليمي والقاري”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وشدد المصرح لهسبريس على أن “هذا النوع من التحديات الجيوستراتيجية والأمنية يتطلب تنسيق الجهود بين الدول المعنية بهذه التهديدات الإرهابية، ولا يمكن لأية دولة كيفما كان وزنها السياسي أو ثقلها الاقتصادي أو حتى قوتها الدفاعية والأمنية أن تواجه هذا الإرهاب المتنقل والحركي دون خلق تحالفات لمواجهته وبناء تكتل أمني منضبط لتحييد مخاطره”.

في هذا الصدد، سجل معتضد أن “المغرب يسعى، منذ مدة طويلة، إلى تنشيط التنسيق الإقليمي بين الدول الأفارقة المعنية بهذه الظاهرة الإرهابية الصاعدة؛ إلا أن عدم الاستقرار السياسي في بعض الدول وضعف الرؤية السياسية لدى أخرى يُعقدان بناء هذا التصور المشترك ويضعان الفضاء الجيو-ستراتيجي للمغرب والدول الإفريقية المعنية بهذه القضايا على المحك”.

ولفت الباحث في الشؤون الاستراتيجية إلى أن “الخلاف السياسي والروابط الدبلوماسية غير الصحية تؤثر بكل تأكيد وبشكل مباشر على تعزيز التنسيق الأمني المشترك أو البناء الدفاعي المتداخل في مثل هذه الحالات؛ وبالتالي فبعض الدول مستعدة للتضحية بأمن شعبها وأمان دولتها على حساب تصحيح علاقاتها بين الدول في المنطقة من أجل بناء سد منيع على تحركات الحركات الإرهابية وتناميها”، مشددا على أن “التنسيق يتطلب براغماتية واقعية في بناء التصورات الأمنية والدفاعية المشتركة بعيدا عن الإيديولوجية السياسية والحسابات الشخصية للقيادات”.

وخلص الباحث ذاته إلى أن “واشنطن تراهن على الرباط لمواجهة هذا التحدي الإرهابي؛ بالنظر إلى تاريخ المغرب في المنطقة ومصداقية مؤسساته الأمنية والدفاعية، بالإضافة إلى المكانة التي تتميز بها أطره المتخصصة في محاربة كافة أشكال الإرهاب، فضلا عن التوجهات السياسية للدولة وتصوراتها الإستراتيجية التي تنبثق من مبادئ المغرب التاريخية في استتباب الأمن والسلام في المنطقة”.

علاقات سياسية قال جواد القسمي، باحث في الشؤون الدولية، إن “المغرب كبلد مجاور لمنطقة الساحل الإفريقي المضطربة يفرض عليه تزايد أنشطة التنظيمات الإرهابية المتطرفة في القارة الكثير من التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة في ظل تنامي قدرات هذه الجماعات المسلحة وسهولة حصولها على السلاح، وضعف عمليات المراقبة على الحدود في بعض المناطق المجاورة للمغرب؛ مما يفرض جهدا كبيرا ومضاعفا لضبط وتأمين حدود المملكة، بالإضافة إلى ضرورة زيادة الإنفاق العسكري لمواجهة مختلف هذه التحديات”.

وبين القسمي أن “التصدي للظاهرة الإرهابية عموما، وفي إفريقيا على وجه الخصوص، يحتاج لتضافر الجهود على مختلف الأصعدة وطنيا وإقليميا ودوليا، والمغرب يعد في هذا الباب نموذجا فريدا ورائدا في مكافحة الإرهاب، وهو يسخر كل إمكاناته في سبيل تعزيز التعاون مع الدول المجاورة وباقي الدول الإفريقية للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، عن طريق مشاركة المعلومات الاستخباراتية وتبادل الخبرات في مجال المكافحة، وتكوين القيادات العسكرية الإفريقية في المدارس العسكرية الملكية ومدها بالخبرات والمعارف اللازمة في هذا الباب”.

وزاد الباحث في الشؤون الدولية شارحا: “لا شك في أن عمليات التصدي للظاهرة الإرهابية في القارة الإفريقية عموما، وخاصة في منطقة الساحل والصحراء، تتأثر كثيرا بطبيعة العلاقات السياسية بين الدول المجاورة والخلافات بين هذه الدول الإفريقية؛ فمن شأن هذه الخلافات التأثير على الاستقرار على الحدود مما يؤدي إلى سهولة تدفق الأسلحة والمقاتلين، وتزايد الأنشطة الإجرامية المرتبطة بهذه التنظيمات من قبيل الاتجار بالبشر والتهريب واستغلال المهاجرين غير الشرعيين كمصدر للدخل أو حتى كمجندين محتملين؛ مما يفرض ضغوطا متزايدة على دول المنطقة”.

على صعيد آخر، أشار المتحدث لهسبريس إلى “تزايد الاهتمام الأمريكي بالمغرب كشريك موثوق لمواجهة التحدي الإرهاب”، معتبرا أن “الأمر ليس جديدا؛ لأن المملكة تعد حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود، وتربطها بها شراكات قوية في مجالات مختلفة ومنها مكافحة الإرهاب واتفاقيات عسكرية وأمنية طويلة الأمد”.

ولفت القسمي إلى أن “أهمية المغرب لدى واشنطن زادت، في السنوات الأخيرة؛ بالنظر إلى طبيعة الأحداث التي تشهدها المنطقة والعالم، لاعتبارات عديدة أهمها: موقعه كمفترق طرق بين إفريقيا وأوروبا، وتشاركه الحدود مع كل من الجزائر وموريتانيا وهما دولتان تعانيان من انتشار الجماعات المتطرفة مما يجعله خطا دفاعيا هاما ضد هذه الجماعات، أضف إلى ذلك الاستقرار السياسي والأمني للمملكة مقارنة مع باقي دول المنطقة، وخبراتها العسكرية والاستخباراتية الطويلة التي اكتسبتها طيلة عقود من الزمن، وهي كلها عوامل تجعلها شريكا لا محيد عنه لأمريكا وحلفائها في العالم في مكافحة الإرهاب”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أيام | 7 قراءة)
.