متضررو الزلزال يتخلون عن الطابع التقليدي.. ودعوات لاحترام الخصوصية المحلية

نسبة مهمة تلك التي بلغتها عملية إعادة الإعمار بعدد من المناطق المتضررة من زلزال ثامن شتنبر الماضي، إذ تطورت نسبة المنازل التي انطلقت بها الأشغال في الآونة الأخيرة بعد أن تسلم أصحابها رخص البناء الخاصة بهم وصُرفت لهم أشطر من الدعم المعلن سابقا.

غير أن ما لوحظ هو أن المنازل التي جرى بناؤها تتخذ في عموميتها طابعا عصريا، إذ تمت تهيئتها على طريقة البناء الحضري رغم أن الملك محمدا السادس أكد في جلسة العمل بتاريخ الـ14 شتنبر الماضي أن “إعادة الإعمار يجب أن يتم في إطار إشراف تقني وهندسي منسجم مع تراث المنطقة، الذي يحترم الخصائص المعمارية المتفردة”.

وبحسب فعاليات محلية فإن الساكنة بعموم المناطق المتضررة توجهت نحو اعتماد مواد البناء العصرية، بما فيها الخرسانة والقوالب الإسمنتية الجاهزة عوضا عن الطين والحجر كما كان معمولا في السابق، وهو ما تم تبريره بأن “البناء التقليدي جد مكلف ويتطلب ميزانية تفوق تلك التي تمنحها الدولة”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} أما محليون آخرون فذكروا أن “إعادة الإعمار تظل مناسبة لتجاوز البناء التقليدي الذي اتضح أنه لم يكن مجديا خلال حدوث كارثة الزلزال، وهي مناسبة كذلك من أجل عصرنة منظومة السكن بالمنطقة وتقويتها لتغدو أكثر صلابة ومتحملة لطقس المجال الجغرافي”.

محمد بلحسن، من المتضررين من الزلزال بمنطقة أمزميز، قال إن “الصراحة تقتضي القول إن البنية الجديدة للمنازل التي جرى بناؤها في إطار برنامج إعادة الإعمار لا تتناسب مع الخصوصية الثقافية للمنطقة، وحتى طبيعة الطقس القاسية”، ملقيا بالمسؤولية على الجميع.

وأضاف بلحسن مصرحا لهسبريس أن “الناس لم يعودوا يريدون البناء بالمواد المحلية التي تتناسب مع خصوصية المنطقة، بالنظر إلى كونه يتطلب مساحات كبرى وليس 70 مترا الممنوحة لنا”، وزاد: “نتحدث هنا عن أسر مكونة من عدد كبير من الأفراد تعيش تحت سقف واحد ولا يسعها العيش في مساحات محدودة بعدما كانت تعيش في مساحات جد واسعة”.

وذكر المتحدث ذاته أن “هناك عددا من السكان المحليين الذين رفضوا البناء بالمواد المحلية، وطالبوا بتمكينهم من تصاميم بناء على الشاكلة العصرية، في وقت لم نر أن هناك إجبارا من قبل السلطة على اعتماد البناء بالمواد العصرية بالعالم القروي خصوصا، في حين يوجد تأكيد بالأوساط الحضرية على ضرورة اعتماد البناء العصري”.

من أمزميز إلى إمي نْ تالا، حيث قال عزيز أيت أوكادير إن “الساكنة هنا فطنت إلى ضرورة الابتعاد عن البناء التقليدي وضرورة اعتماد البناء العصري”، مردفا: “رأينا كيف أن المنازل العصرية هي التي نجت في وقت الزلزال من الكارثة، فيما كل المنازل التقليدية صارت في خبر كان”.

ولفت أيت أوكادير، مصرّحاً لهسبريس، إلى أنه “رغم ضرورات احترام الخصوصيات الثقافية، وكوننا سنتعذب من ناحية الطقس، إلا أننا نريد العمل على بناء الدوار بأكمله بالمواد العصرية، لأن البناء التقليدي اتضح أنه لم يعد مجديا أمام الكوارث”، مبرزا أن “المنازل الجديدة تظل صغيرة من ناحية المساحة مقارنة بالمنازل التي كنا نقطن فيها، التي كانت تسع لأربع أسر على سبيل المثال”.

ومن إمي ن تالا إلى جماعة أغواطيم، حيث استقينا رأي عبد الحميد بجيح، أحد المتضررين بالمنطقة، الذي أكد أن “تنزيل الرؤية الملكية بخصوص ضمان الخصوصية الثقافية للمنطقة يبقى رهينا بالرفع من التعويضات الممنوحة للأسر، إذ إن مبلغ 80 ألف درهم يمكن من بناء منزل متواضع بشكل عصري، لكن لا يمكن أن يساهم في بناء منزل تقليدي لاعتبارات ميزانياتية”.

وذكر المتحدث لهسبريس أن “ضيق مساحة المنازل الجديدة لا يراعي بدوره خصوصية المنطقة المعروف عنها اتساع المنازل، في حين أن حتى محاولة إضفاء اللمسة التقليدية عليها خارجيا لا تمكن، بالنظر إلى أن هذه الأخيرة جد مكلفة”، مشيرا إلى “توجه عام نحو اعتماد العصرنة في إعادة الإعمار”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أيام | 5 قراءة)
.