أمبارش: علاقات المغرب وأذربيجان ودية .. وباكو تدعم سيادة المملكة

قال السفير المغربي المعتمد لدى دولة أذربيجان، محمد عادل أمبارش، إن العلاقات بين المغرب وأذربيجان “ودية للغاية”، مبرزا أنها “مبنية على الثقة والاحترام والدعم المتبادل.

وقد عرفت هذه العلاقات بعض المحطات التاريخية المتميزة التي ساهمت في تعزيزها وتوطيدها، ‏من بينها الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الراحل، حيدر علييف، إلى ‏الدار البيضاء عام 1994، للمشاركة في فعاليات الدورة السابعة من مؤتمر القمة لمنظمة التعاون الإسلامي التي كانت وقتها تسمى منظمة المؤتمر الإسلامي”.

وبخصوص قضية الصحراء، أورد السفير المغربي أن “موقف أذربيجان من القضية الوطنية واضح لا غبار عليه، ‏مبني على الشرعية ‏الدولية وعلى قرارات مجلس الأمن؛ ‏فأذربيجان تدعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية ‏وسيادتها على كافة أراضيها”، مستحضرا الدعم الذي قدمته باكو للرباط أثناء أزمة الكركرات في نونبر 2020، ‏وذلك من خلال مذكرة وجهتها وزارة الخارجية الأذربيجانية إلى نظيرتها المغربية.

وأوضح أمبارش، في الحوار التالي، أن المغرب يحظى بمكانة خاصة واعتبارية لدى الشعب الأذربيجاني، مسجلا أنه في إطار الجهود التي يتم بذلها من أجل الترويج للمغرب في باكو، تم تقديم التسهيلات الضرورية لعدد من المدونين والمؤثرين المحليين لزيارة المغرب، مما ساهم بشكل كبير في الرفع من جاذبيته، نظرا للاهتمام الكبير الذي يوليه الأذربيجانيون لمواقع التواصل الاجتماعي.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} نص الحوار: تعود جذور العلاقات المغربية الأذربيجانية إلى بداية التسعينات مع اعتراف المغرب باستقلال أذربيجان وبعدها مباشرة إقامة علاقات دبلوماسية.

أنت قضيت سنوات عدة سفيرا للرباط بباكو، كيف ترى العلاقة بين البلدين الآن؟ باختصار شديد، يمكننا القول إن العلاقات بين المغرب وأذربيجان علاقات ودية للغاية، وهي مبنية على الثقة والاحترام والدعم المتبادل.

وقد عرفت هذه العلاقات بعض المحطات التاريخية المتميزة التي ساهمت في تعزيزها وتوطيدها، ‏من بينها الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الراحل، حيدر علييف، إلى ‏الدار البيضاء عام 1994، للمشاركة في فعاليات الدورة السابعة من مؤتمر القمة لمنظمة التعاون الإسلامي التي كانت وقتها تسمى منظمة المؤتمر الإسلامي.

وهذه محطة متميزة عرفت، لأول مرة في تاريخ أذربيجان، اعتماد قرار يدين ‏العدوان الذي تعرض ‏له هذا البلد، ‏ويدعم جهوده من أجل ‏تحقيق وحدته الترابية وسيادته الوطنية على كافة أراضيه ‏طبقاً لقرارات ‏مجلس الأمن ‏ذات الصلة.

وكانت مناسبة اطلع فيها الجانب الأذربيجاني على قضية الصحراء المغربية وأوجه التشابه العديدة بين القضيتين.

كما شكل ‏انتخاب كل من المغرب وأذربيجان ‏ عضوين غير دائمين بمجلس الأمن في الفترة ‏2012-2013 ‏فرصة مثالية ‏للتشاور المستمر، والتنسيق المكثف، والتعاون المثمر، ‏‏خصوصا وأن البلدين يتقاسمان الرؤية نفسها إزاء عدد من القضايا ‏الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ‏بما في ذلك مناهضة الإرهاب ‏والحركات الانفصالية، ‏والتأكيد على محورية السيادة الوطنية والوحدة الترابية، ‏ونبذ خطاب الكراهية ومعاداة الإسلام، والدعوة إلى الوسطية والتعايش واحترام الآخر، إلخ.

ومنذ افتتاح السفارتين، اشتغل البلدان على تعزيز الإطار القانوني من خلال التوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي.

‏ وهو أمر ضروري ‏للنهوض بالتعاون الثنائي وتعزيزه وتوسيع مجالاته.

‏كما اشتغل الجانبان على تكثيف الزيارات الثنائية للمسؤولين ‏على جميع المستويات للتعرف أكثر ‏وتعزيز التفاهم الثنائي بين البلدين.

أذربيجان جددت خلال انعقاد الدورة الثانية للجنة المشتركة للتعاون، في نونبر الماضي، التأكيد، مرة أخرى، على دعمها الذي تعتبره دائما وثابتا للوحدة الترابية للمغرب.

هل يمكن أن تستعرض أكثر هذا الموقف؟ موقف أذربيجان من القضية الوطنية واضح لا غبار عليه، ‏مبني على الشرعية ‏الدولية وعلى قرارات مجلس الأمن؛ ‏فأذربيجان تدعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية ‏وسيادتها على كافة أراضيها.

‏وكما تفضلت، فقد ‏شكلت ‏الدورة الثانية للجنة المشتركة ‏للتعاون الثنائي التي انعقدت في شهر ‏نونبر من السنة الماضية مناسبة جددت فيها أذربيجان هذا الدعم، كما أكدت تأييدها لمبادرة الحكم الذاتي في ‏إطار الوحدة الترابية للمملكة، الذي تقدم به المغرب كأساس وحيد ‏لإيجاد حل لأزمة الصحراء المغربية.

كما يجدر التذكير بالدعم الواضح الذي قدمته أذربيجان للمملكة المغربية أثناء أزمة الكركرات في نونبر 2020، ‏وذلك من خلال مذكرة وجهتها وزارة الخارجية الأذربيجانية إلى نظيرتها المغربية.

لكن، وانطلاقاً من كونك سفيراً يواكب “العقل السياسي الأذزيي” في علاقته بالصحراء، هل هناك تصور اطلعت عليه بخصوص الحضور الاقتصادي لأذربيجان داخل إقليم الصحراء في ما يتعلق بالاستثمارات؟ وهل تنهجون جهوداً لأجل تقريب الفاعلين الاقتصاديين من النهضة التّنموية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة؟ دعني أشدد على أن التواصل وتنمية العلاقات الاقتصادية يعتبران محورين هامين في عمل أية سفارة للمملكة المغربية في الخارج.

ومن ‏الطبيعي إذن أن تعمل هذه السفارة ‏بشكل يومي من أجل إخبار المسؤولين الأذربيجانيين بأحدث التطورات في المغرب، ‏سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، وتشجيع ‏من يهمهم الأمر على إقامة علاقات تجارية وشراكات، وربما استثمارات في ‏جميع أنحاء المغرب، بما في ذلك المناطق الجنوبية للمملكة.

وفي هذا الصدد، وبالإضافة إلى الاتصالات المباشرة مع المسؤولين ‏في القطاع العام والخاص على حد سواء، تنشر السفارة بانتظام نشرة إخبارية ونشرات سريعة بلغتين أجنبيتين (الأذربيجانية والإنجليزية).

كما تشارك السفارة في ندوات وتلقي عددا من المحاضرات تعرِّف بالمغرب أو حول مواضيع تهمه.

وتولي السفارة أهمية كبيرة لوسائل التواصل الاجتماعي، ‏وتقوم بتغطية جزء من نشاطها ‏على حساباتها في هذه المنصات.

دعنا نخرج مما هو سياسي خالص، مع أننا لن نتحرر منه كليا.

ما بدا لافتاً لهسبريس هنا بأذربيجان أنكم تركزون أكثر على الثقافة، وعلى ميكانيزمات اشتغالها الناعمة.

إلى ماذا أفضى هذا التركيز على ما هو ثقافي كقناة للدبلوماسية المغربية هنا بباكو؟ مثلما لاحظت، تُولي السفارة أهمية كبيرة للعمل الثقافي بأذربيجان، وذلك لأسباب عدة.

أولاً، يمتلك المغرب تاريخًا عريقًا وثقافة غنية ومتنوعة نعتز ونفتخر بهما، وهو رصيد مهم من القوة الناعمة.

لذا فمن الضروري أن تعمل السفارة بنشاط لتعريف الناس بالجوانب المختلفة للحضارة والثقافة المغربية.

بالإضافة إلى ذلك، يُظهِر الشعب الأذربيجاني اهتمامًا وولعا كبيرين بالثقافة وبالفن في جميع أشكالهما.

وبالتالي، يوجد جمهور مثقف وشغوف ومتشوق لاكتشاف الثقافة المغربية.

بالإضافة إلى ذلك، فالمغرب وثقافته يحظيان باحترام وتقدير كبيرين لدى الأذربيجانيين.

ولتلبية هذا الطلب وإشباع هذا الشغف، تتواصل السفارة بشكل أكثر عبر وسائل الإعلام المحلية وشبكات التواصل الاجتماعي حول الجوانب الثقافية.

ومن المهم التأكيد أن الترويج الثقافي لا يستحوذ على عمل السفارة بشكل كامل؛ فهناك مجالات أخرى تأخذ أيضًا تصيبا وافرا من أنشطتها، مثل العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها، وإن كانت لا تحظى بدرجة التغطية الإعلامية نفسها، وذلك لأسباب مختلفة.

ماذا قمتم به، مثلا، على الصعيد الاقتصادي؟ على هذا الصعيد، مثلا، نظمت السفارة لقاءات عدة مع أوساط المال والأعمال الأذربيجانية، سواء كانت اجتماعات عامة أو قطاعية مثل السياحة والصحة والتوزيع والصناعات الغذائية والزراعية وغيرها.

وفي نونبر الماضي، زار المغرب وفد تجاري أذربيجاني كبير للمشاركة في منتدى الأعمال الأول بين البلدين.

ونحن الآن في انتظار الجانب المغربي لزيارة أذربيجان واكتشاف الفرص التي يزخر بها هذا البلد.

وتبقى السفارة على أية حال على أتم الأهبة والاستعداد لتقديم يد المساعدة للشركات المغربية الراغبة في القيام بأعمال تجارية مع أذربيجان.

كما أن هذه السفارة قد باشرت حملة دعائية لاستقطاب السياح الأذربيجانيين إلى المغرب، وذلك مباشرة عقب التوقيع يوم 4 ماي الجاري على اتفاق ثنائي بين البلدين يعفي حاملي جوازات السفر العادية من مواطني كلا البلدين من تأشيرة الدخول، سيدخل حيز التنفيذ في غضون الأسابيع المقبلة.

أود أن نعود إلى الثقافة لو سمحت.

يبدو أيضاً أن هناك تقاطعات ثقافيّة، خصوصاً من حيث التشابه في الزرابي، مع اختلافات طفيفة، بين المغرب وأذربيجان.

هل يمكن الاشتغال مثلا على هذا “المشترك التلقائي” في سبيل التعريف بالمغرب هنا؟ بالفعل.

وعلى الرغم من التباعد الجغرافي بين المغرب وأذربيجان، إلا أنه يوجد عدد كبير من القواسم المشتركة بين البلدين، نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، الجانب الثقافي، وذلك لقرب أذربيجان من العالم العربي ولكونها بلدا إسلاميا.

كما أنه سبق لهذه السفارة أن نظمت في يناير 2020 زيارة إلى المغرب لفائدة مديرة المتحف الأذربيجاني للزرابي، السيدة شيرين مليكوفا، حيث التقت بالسيد مهدي القطبي وتم التوقيع خلال هذه الزيارة على مذكرة تفاهم مع المؤسسة الوطنية للمتاحف المغربية.

وأعربت المسؤولة الأذربيجانية آنداك على استعدادها لاحتضان معرض للزربية المغربية بباكو.

وفي السياق الثقافي نفسه، ولكن في مجال الموسيقى هذه المرة، لا بد من الإشارة إلى أن الفن التقليدي الأذربيجاني المعروف بـ Mugham، وهو مشتق من كلمة “المقام”، يجعل الأذن الأذربيجانية تستسيغ الفن المغربي الأصيل كالأندلسي.

وخير دليل على ذلك أن العرض الذي قدمته مجموعة الموسيقى الأندلسية في طنجة، بقيادة المنشد عبد الرحيم عبد المومن، في 2018، أسعد جمهور مركز موغام الدولي الذي كان مملوءا عن آخره.

وكان هذا العرض الذي نظمته السفارة قد تعزز بحضور السيدة ليلى علييفا، ابنة رئيس جمهورية أذربيجان، والسيد أبو الفاز غاراييف، وزير الثقافة، بالإضافة إلى العديد من السياسيين والدبلوماسيين والمثقفين والفنانين.

ولعل تأثر اللغة الأذربيجانية ذات الأصول التركية باللغة العربية التي تشكل حوالي 30% من القاموس اللغوي الأذربيجاني، أسهم في تعزيز أوجه التشابه بين البلدين واهتمام الأذربيجانيين بالثقافة المغربية بصفة عامة.

انطلاقا من كل هذا، أخيراً، كيف ينظر الأذريون، وأقصد العامّة، إلى المغرب؟ أود أن أقدم إشارة صغيرة، هي أن الحركة السياحية بين البلدين عرفت نموا مطردا في الآونة الأخيرة، حيث ارتفع عدد السياح الأذربيجانيين الذي زاروا أو مقبلين على زيارة بلدنا سواء لأول مرة أو ممن سبق لهم السفر إلى المغرب.

وإذا كان هذا يدل على شيء فإنما يبرز المكانة التي أصبحت تحظى بها بلادنا كإحدى الوجهات السياحية المفضلة لدى الأذربيجانيين بالرغم من عدم وجود رحلات جوية مباشرة تربط البلدين.

وفي إطار الجهود التي نبذلها من أجل الترويج لبلدنا، تم تقديم التسهيلات الضرورية لعدد من المدونين والمؤثرين المحليين لزيارة المغرب، مما ساهم بشكل كبير في الرفع من جاذبيته نظرا للاهتمام الكبير الذي يوليه الأذربيجانيون لمواقع التواصل الاجتماعي.

ولعل الإعفاء المتبادل للتأشيرة بالنسبة لحاملي جواز السفر العادي من مواطني البلدين سيعطي زخما إضافيا لهذه الحركة السياحية.

وفي سياق متصل، لعبت “الدبلوماسية الرياضية” دورا كبيرا في تسليط الضوء على بلدنا وتقريب المواطن الأذربيجاني منه، بدءا من المشاركة المتميزة للفريق الوطني المغربي خلال مونديال قطر، مرورا بمختلف الفعاليات الرياضية التي شارك فيها المغرب هنا.

فعلى سبيل المثال، كان هناك إجماع تام في أذربيجان لدعم الفريق المغربي خلال المونديال الأخير إلى درجة أن السفارة كانت تتلقى عددا هائلا من المكالمات الهاتفية، سواء من قبل مسؤولين محليين كبار للتعبير عن دعمهم وإعجابهم، أو من طرف عموم الجماهير الذين كانوا يرغبون في الحصول على العلم المغربي لتشجيع المنتخب الوطني خلال المباريات.

أما بالنسبة للمشاركات الرياضية، فقد كان أداء الفرق المغربية الحاضرة في تظاهرات مختلفة جد مشرف، حيث توج فريق كرة القدم المغربي داخل القاعة لأقل من 19 سنة ببطولة “حيدر علييف 2023” المقامة بباكو في نونبر الماضي، واحتل فريق الشوفكان المغربي المرتبة الثانية ضمن المنتخبات الستة المشاركة في الدوري الدولي الذي نظمته أذربيجان خلال الفترة نفسها.

وهذا يحمل دلالات كثيرة.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.