ماذا يعني إعلان مصر التدخل رسمياً لدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية؟

صدر الصورة، آثار قصف إسرائيلي في مدينة رفح الفلسطينية يرى مراقبون أن إعلان مصر عزمها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية يعد مؤشراً واضحاً على توتر العلاقات بين البلدين، فما الذي تعنيه هذه الخطوة؟ ولماذا أقدمت عليها مصر الآن؟ وقالت مصر الأحد إن هذه الخطوة تأتي "في ظل تفاقم حدة ونطاق الاعتداءات الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والإمعان في اقتراف ممارسات ممنهجة ضد أبناء الشعب الفلسطيني من استهداف مباشر للمدنيين وتدمير البنية التحتية في القطاع، ودفع الفلسطينيين للنزوح والتهجير خارج أرضهم"، وفق بيان رسمي للخارجية المصرية.

وبإعلان مصر هذه الخطوة، ستتمكن من تقديم الدعم القانوني والفني اللازم لجنوب أفريقيا في هذه القضية، وفقا للدكتور أحمد أبو الوفا، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق، جامعة القاهرة.

وتختلف مشاركة مصر هذه المرة عن مشاركتها السابقة في جلسات الاستماع أمام المحكمة عندما قدمت الدكتورة ياسمين موسى، المستشارة القانونية لوزير الخارجية المصري، مرافعة شفهية.

إذ تنقسم الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا إلى مرحلتين: في المرحلة الأولى "تتخذ المحكمة بعض الإجراءات حتى لا يتفاقم هذا النزاع"، وفقاً للدكتور أبو الوفا.

"وفي المرحلة الثانية تنظر في ذلك النزاع الذي لا يزال قائما، وسوف تستمر مصر في مشاركتها في هذه المرحلة التي قد تستغرق سنوات".

قصص مقترحة نهاية صدر الصورة، Arnie Sachs/CNP/Getty Images يقول طارق رضوان، رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري لبي بي سي عربي، إن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان المصري لديها "براهين ودلائل" ستدعم مشاركة مصر في القصية أمام محكمة العدل الدولية.

ويوضح قائلا إن اللجنة التي يرأسها "وثقت بعض الانتهاكات، وعرضتها على نواب برلمان من الولايات المتحدة ودول أوروبية لاطلاعهم على ما يحدث على الأرض".

كما قال البرلماني المصري إن الدولة المصرية بمختلف قطاعتها متمثلة في السلطة التنفيذية والتشريعية وغيرها، وكذلك منظمات المجتمع المدني وثقت هذه الانتهاكات، "وكانت هناك زيارات لمعبر رفح، وأطلعت بنفسي على حجم الانتهاكات التي تحدث في قطاع غزة".

صدر الصورة، by Momen Faiz/NurPhoto via Getty Images شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك الحلقات يستحق الانتباه نهاية ذكر مصدر مصري مقرب من دوائر صنع القرار في مصر لبي بي سي يوم الإثنين أن القاهرة تبحث إمكانية تخفيض تمثيلها الدبلوماسي لدى إسرائيل احتجاجا على العمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح، وسيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من المعبر مع مصر.

وأضاف المصدر لبي بي سي أن هذا الإجراء ستتضح معالمه في الأيام القليلة القادمة.

كما نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية عن مسؤول مصري قوله إن مصر تدرس خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل من خلال سحب السفير المصري لدى إسرائيل دون قطع العلاقات الدبلوماسية، في ظل توتر العلاقات بين البلدين، على إثر العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية المتاخمة للحدود المصرية.

ويقول رضوان "أعتقد أن الرؤية المصرية اختلفت عما سبق، وأن هذه خطوة تصعيدية من مصر تجاه حجم الانتهاكات التي تحدث على أرض غزة".

ويوضح البرلماني المصري أن سيطرة إسرائيل على معبر رفح كانت "الطلقة الأولى" التي دفعت بمصر في هذا الاتجاه نحو دعم دعوى جنوب أفريقيا، إضافة إلى ما يصفه بـ "الانتهاكات التي تحدث داخل قطاع غزة، والذي يعد تهديداً للأمن القومي لمصر وغزة".

كما استشهد رضوان بالتوترات التي تحدث في البحر الأحمر، محذراً من أنها "ربما تتخذ منعطفا آخر لزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأكملها".

أما الدكتور محمد عز العرب، رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بمركز الأهرام للدراسات السياسية، فيقول لبي بي سي عربي إن هناك أسباباً حكمت هذا السلوك المصري، "ومن أبرزها الأزمة غير المسبوقة التي يعاني منها سكان قطاع غزة".

كما يوضح عز العرب أن "الرفض الإسرائيلي المتعنت لكل الحلول التي تُطرح من الوسطاء، وآخرها المقترح المصري الذي قبلت به بشكل أولى حركة حماس، دفع مصر إلى اتخاذ هذه الخطوة".

وتعد هذه الخطوة هي أول تحرك رسمي مصري من نوعه ضد إسرائيل في المحافل الدولية، منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

صدر الصورة، Getty Images تحدثنا إلى الدكتور مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، وعضو اللجنة المركزية لحزب العمل الإسرائيلي، وقال إن ذلك الموقف الذي اتخذته مصر "سيؤثر على نص وروح معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية، وهو ما سيؤثر سلباً على العلاقات بين البلدين".

وردا على سؤال حول ما أثارته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية من أن القرار المصري شكل "مفاجأة" لإسرائيل، وما إذا كان التنسيق العسكري بين الجانبين سيتأثر بذلك، قال مصري "إن واقع العلاقات الأمنية بين البلدين، والمحكومة بضوابط جامدة، لا تخضع لمثل هذه المؤثرات السياسية والآنية".

وفي هذا الإطار أيضا، قال الدكتور محمد عز العرب: "أعتقد أن ما يحدث في الساحة الفلسطينية ربما ينال من العلاقات المصرية الإسرائيلية الثنائية، ومن بينها معاهدة السلام، ولكن هذا يتوقف على السلوك الإسرائيلي الميداني على نحو يجعل القاهرة تفكر في مراجعة بنود عملية السلام بشكل كبير، وهو ما أعلنته أكثر من مرة".

وأوضح عز العرب أن هناك توتراً بين مصر وإسرائيل منذ بداية حرب غزة على مدى سبعة أشهر تقريبا، "لكن القاهرة كانت قادرة على إدارة هذا التوتر في المقام الأول لصالح الفلسطينيين، ولتخفيف معانتهم وللمحافظة على جانب الاستقرار الإقليمي الذي تراه مصر".

وعلى الرغم من ذلك، قال مصري إن التنسيق الأمني متواصل بين البلدين "بغض النظر عن الخلافات السياسية القائمة والمتزايدة بينهما، بحكم الجغرافيا والمصالح الإستراتيجية المشتركة".

كما تواصلت بي بي سي نيوز عربي مع مسؤولين في وزارة الخارجية الإسرائيلية، ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للتعليق على قرار مصر التدخل لدعم دعوى جنوب أفريقيا، وإذا كان ذلك سيؤثر على العلاقات بين البلدين، لكنهم رفضوا التعليق.

لكن وزير الخارجية المصري سامح شكري قال في تصريحات يوم الأحد إن اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية "هي خيار استراتيجي اتخذته مصر على مدار أكثر من أربعة عقود"، مشيرا إلى أنها الركيزة الأساسية في المنطقة لحفظ السلام والأمن.

وأوضح شكري أن هناك آليات نظمتها اتفاقية السلام مع إسرائيل لمراجعة أي مخالفة قد تحدث في إطار فني من خلال اللجنة العسكرية المشتركة بين الجانبين.

© 2024 بي بي سي.

بي بي سي ليست مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية.

الوكالات      |      المصدر: بي بي سي    (منذ: 4 أسابيع | 2 قراءة)
.