الشاعر مخلص الصغير يستحضر القدامى والحداثيين في "الأرض الموبوءة"

عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في العاصمة اللبنانية بيروت، صدر للشاعر المغربي مخلص الصغير ديوان “الأرض الموبوءة”، في 160 صفحة وعشرين قصيدة كتبت خلال 20 سنة، بإيقاع شاعر مُقل يعتني بكتابة قصائده ويحرص على حسن إبداعها وإخراجها ليذكرنا بالقصائد المعلقات والحوليات التي كانت تستغرق عاما كاملا، بينما قد يستغرق الديوان سنوات وعقودا من الزمن الشعري الطويل.

وهو يقتفي في ذلك أثر الشعراء المغاربة المؤسسين لحداثة الشعر العربي، وفي مقدمتهم الشاعر أحمد المجاطي، الذي أصدر ديوانا واحدا هو “الفروسية” ومعه الشاعر محمد الخمار الكنوني صاحب ديوان “رماد هسبريس”.

وقبل ذلك، نستحضر في هذا السياق ديوان “الحرية” لعبد الكريم بن ثابت، بوصفه رائد الرومانسية الشعرية المغربية، وديوان “أحلام فجر” لعبد القادر حسن، باعتباره العمل الشعري المؤسس لحداثة الشعر المغربي منذ 1936.

هي أرقام كثيرة وأعلام ومرجعيات شعرية واختيارات جمالية يصدر عنها صاحب “الأرض الموبوءة” في عمله الشعري الأول والمؤسس لتجربة شعرية جديدة، تأتي في هذه اللحظة الإنسانية التي نجتازها اليوم.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} في ديون “الأرض الموبوءة” يستحضر مخلص الصغير أسلافه القدامى والحداثيين من شعراء العالم، والشعراء المغاربة المعاصرين، حيث تتقاطع صوره الشعرية وقصائده التفعيلية والنثرية مع هوميروس والمتنبي ورامبو وفاليري وبودلير وسان جون بيرس وماتشادو ولوركا وغينسبيرغ وإليوت.

وقد كتب الشاعر قصيدة “الأرض الموبوءة” التي حملت عنوان الديوان، بعد مرور مائة سنة على ظهور قصيدة “الأرض الخراب” للشاعر الإنجليزي ت.

س إليوت، وهو يستحضر فيها ديوان الخمار الكنوني، حين يقول: “أَيْنَكَ يَا هِرَقْلْ؟/ مَنْ يُنْقِذُ التُّفَّاحَاتِ الثَّلَاثِ الْمُتَبَقِّيَاتِ/ مِنْ رَمَادِ هِسْبِرِيسْ/ مَنْ يُنْقِذُ الْأَرْضَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضْ؟ مَنْ يُخَفِّفُ عَنْ أَطْلَسَ/ هَذَا الْحِمْلَ الثَّقِيلَ/ قَبْلَ أَنْ يُلْقِي بِهَذِهِ الْأَرْضِ الْمَوْبُوءَةِ/ وَيُطَوِّحَ بِهَا فِي الْيَمّْ…”.

ويحضر الوباء في الكثير من قصائد الديوان، مثلما تحضر الحروب والجوائح التي عصفت بالأرض واللغة، وهي تدعونا إلى ضرورة كتابة شعر جديد، وتجاوز اللغة باللغة نفسها.

بينما يصر الشاعر على كتابة السهل الممتنع والممتع، حتى وهو يتساءل عن المصير الإنساني على هذه الأرض في قصيدة “إلى أين؟”، ومنها: أُمَّةٌ أَمْ بِلَادٌ هُنَا تَحْتَرِقْ/ الْمَدَى غَامِضٌ/ وَخَيَالِي قَلِقْ.

وَالْوَبَاءُ يُطَارِدُنَا/ إِنَّهَا الْبَشَرِيَّةُ/ تُوشِكُ أَنْ تَخْتَنِقْ.

لَا مَلَاكَ يُحَلِّقُ/ فَوْقَ سُطُوحِ الْمَدِينَةِ/ لَا حَجَلٌ يَنْطَلِقْ/ فَالسَّمَاءُ مُلَبَّدَةٌ بِالْحُرُوبِ/ وَأَحْلَامُنَا فَوْقَنَا تَحْتَرِقْ/ وَالصَّوَارِيخُ تَقْصِفُ أَدْعِيَةً/ أَرْسَلَتْهَا فَتَاةٌ/ إِلَى مَنْ تَثِقْ.

رَبَّنَا قُلْ لَهَا مَا الْعَمَلْ/ قُلْ لَهَا: أَنْتَ أَيْضا بَرِيءٌ/ وَلَا تَتَّفِقْ.

أَيُّهَا التَّائِهُونَ/ إِلَى أَيْنَ نَمْضِي/ وَأَيَّ طَرِيقٍ تُرَى نَعْتَنِقْ؟ إِنْ بَقِينَا بِلَا أَمَلٍ فِي الْأَمَلْ/ فَلْنَدَعْ هَذِهِ الْأَرْضَ/ وَلْنَفْتَرِقْ.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 أسابيع | 3 قراءة)
.