تكريم نزهة الركراكي .. "ربيع المسرح" يحتفي بأيقونة الكوميديا المغربية

من بين اللحظات التي يُنتظر أن تكون مميزة في الدورة الثانية لتظاهرة “ربيع المسرح” المقرر تنظيمها في مدينة تارودانت من 6 إلى 11 ماي المقبل، لحظة تكريم الممثلة الكوميدية الفنانة نزهة الركراكي، تقديرًا وعرفانًا بمسارها الفني المميز في المسرح والتلفزيون والسينما.

يتعلق الأمر بممثلة متمكّنة من أدواتها وكفاءتها التشخيصية، لدرجة يخال معها المرء أن الأدوار فُصّلت على مقاسها وشخصيتها.

ومن فرط صدق الأداء وعفويته وتلقائيته، تصير الشخصية المتقمَّصَة أكثر إقناعًا للجمهور وأكثر جاذبية له، فتتحقق بذلك مُتعة التلقّي.

سِرُّ فرادة نزهة الركراكي في التشخيص كونها تزاوج بين مستويين، فهي أحيانًا “تعيش” الدور، حتى تكاد تغيب الحدود بينه وبين ومؤدّيته.

وأحيانًا أخرى تُشعِر المتلقي بأنها “تلعب” بالمفهوم الفني ـ الإبداعي، ما دام أن “للمسرح علاقة وطيدة مع اللعب في مبادئه وقواعده، إنْ لم نقل في أشكاله أيضا”، كما يذهب إلى ذلك باتريس بافيس.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} كانت الحفلات المدرسية والمناسبات الفنية والوطنية فرصًا سانحة لها، خلال فترة الدراسة المبكّرة، لصقل موهبتها في التشخيص، خاصة وأن أسرتها الصغيرة لم تكن تبدي أي معارضة لهذه الميول الفنية، بقدر ما كانت مشجّعة لنزهة.

وبعد ذلك، حظيت بتحفيز وتشجيع من لدن عدد من رواد المسرح المغربي كفريد بنمبارك وأحمد الطيب العلج ومحمد حسن الجندي وغيرهم، حيث التحقت بمعهد التمثيل في الرباط، وشاركت في مسرحية “قاضي الحلقة” من تأليف أحمد الطيب العلج، حيث مثلت إلى جانب الفنان محمد الجم وغيره من النجوم.

وكانت تسند لها أدوار صعبة فتؤديها بإتقان.

وشكّل التحاق الممثلة نزهة بفرقة المسرح الوطني التي أسست سنة 1975 منعطفا هاما في مسيرتها الفنية، لا سيما نتيجة وجودها بمعية أسماء وازنة كمحمد الجم ومليكة العماري وعزيز موهوب والهاشمي بنعمرو… وتميزت منذ أعمالها الأولى، بشخصيتها المرحة والجدية في الوقت نفسه، ومن ثم بصمت على حرفية عالية في المجال الفني.

وهي دائما حريصة جدا على اختيار أدوارها، لا تقبل أي دور كيفما كان، لأنها تؤمن بأنه ينبغي أن تمتّع نفسها أولا بالدور، قبل أن تمتّع الجمهور.

وتفضل أن تغيب عن الخشبة والشاشة، بدل تقديم أعمال لا ترضى عليها هي أولا قبل رضا الجمهور.

نزهة الركراكي، ابنة مدينة الرباط، أيقونة الكوميديا بامتياز، ترسم بسمات البهجة على مُحَيَّا الجمهور، كما تثير لديه الضحكات الصافية، انطلاقًا من الأداء المبهر والحركات المتقنة واللكنة الخاصة المميّزة في الإلقاء.

وبذلك، تمكّنت من أن تأسر قلوب المغاربة، شأنها في ذلك شأن فنانات الرعيل الأول وجيل القنطرة، أمثال: أمينة رشيد وفاطمة الركراكي وصفية الزياني وحبيبة المذكوري ومليكة العمري وفاطمة بنمزيان وثريا جبران وسعاد صابر وفضيلة بنموسى ونعيمة إلياس وعائشة ساجد وغيرهن… وتواصلت نجاحاتها من خلال مسرحيات عديدة عُرضت داخل المغرب وخارجه، كما شاركت في التلفزيون، واستقطبت جمهورا عريضا مازال يستحضر حواراتها وشخصياتها وبعض مفرداتها المميزة إلى اليوم.

فقد شكلت هذه الفنانة على امتداد مسارها الفني ثنائيا فريدا مع عدد من شركائها الفنانين، أبرزهم مع الفنان القدير محمد الجم، إذ كوّنا معًا ثنائيا متميزا دخل قلوب المغاربة قبل بيوتهم بشكل لافت.

نذكر في هذا السياق على سبيل المثال لا الحصر المسرحيات التالية: “الرجل الذي، المرأة التي، جار ومجرور، ساعة مبروكة، اقدام الربح، وجوه الخير، هذا أنت، جا وجاب”… واللائحة طويلة.

لم يقتصر نجاحها على المسرح، بل تعداه إلى التلفزيون حيث مثلت في العديد من الأعمال: ـ المسلسلات: “حب المزاح، من دار لدار، الفرقة، عزيزة، خالي عمارة، خاطر من ندير، دابا تزيان، صافي سالينا، أبواب النافذة، شجرة الزاوية، دار الهنا…”.

ـ الأفلام التلفزية: “جاني أم بريء، مبروك، باب التوبة، الراحة والسياحة، أولاد البلاد، أسرار صغيرة…”.

ـ السينما: “وداعا أمهات، وهنا ولهيه لمحمد إسماعيل، أصدقاء الأمس لحسن بنجلون، قفطان الحب لمومن سميحي، رياح توسان لجيل بيهات…”.

وإذا كانت نزهة الركراكي وجدت الدعم والتشجيع من لدن زملائها وزميلاتها في المجال الفني، وحظيت أيضًا بالتقدير والإعجاب من لدن الجمهور العريض، فإنها وجدت كذلك السند من لدن شريكها في الحياة، الفنان البشير عبدو، منذ تعرفت عليه في ملتقى فني بتونس عام 1982، وجمعهما الرباط المقدس منذئذ، فأصبحا من أشهر الزيجات الفنية الناجحة، وانضاف إليهما نجاح ثالث، يتمثل في ابنهما المطرب النجم سعد المجرّد.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 4 قراءة)
.