ورقة بحثية ترصد مكانة الشراكة المغربية البرازيلية في الفضاء الأطلسي

أكدت ورقة بحثية نشرت ضمن “التقرير السياسي لأمريكا اللاتينية للعام 2023″، الصادر عن “مرصد أمريكا اللاتينية”، أن “العلاقات المتميزة بين الرباط وبرازيليا تشكل محفزا لإقامة شراكة أطلسية نموذجية تخدم الواجهتين الإفريقية والأمريكية اللاتينية في إطار التعاون جنوب-جنوب”، مسجلة أن الفضاء الأطلسي يحظى بأهمية متزايدة ضمن أجندة السياسة الخارجية لكلا البدين اللذين يتميزان بريادة إقليمية وجيو-سياسية متنامية، تؤهلهما للعب دور مركزي في هيكلة هذا الفضاء ومستقبله.

وفي رصدها الفرص الممكنة بالنسبة للمغرب لتحقيق الاستفادة المثلى من القيمة الإستراتيجية للفضاء الأطلسي في ظل التحولات الدولية الراهنة أوضحت الوثيقة ذاتها، لصاحبها إسماعيل الرزاوي، أستاذ زائر بكلية الحقوق بسلا، أن “الرباط تسعى إلى تحويل الواجهة الأطلسية إلى فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي والإشعاع القاري والدولي، ولذلك تحرص على استكمال المشاريع الكبرى التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة”، إضافة إلى تسهيل الربط بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي من خلال العديد من المبادرات الموجهة للدول الإفريقية الأطلسية.

وبخصوص البرازيل، أوضح المصدر ذاته أن “الاهتمام البرازيلي بمنطقة الجنوب الأطلسي ليس وليد اليوم، بل يعود إلى عدة عقود تم خلالها تبني الخطوات الأولى لمأسسة الأمن والتعاون في هذه المنطقة عبر إنشاء منطقة السلام والتعاون في جنوب المحيط الأطلسي”، موردا على ضوء ذلك أن “الدولتين المغربية والبرازيلية تتقاسمان وجهات النظر حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، وهما متفقتان على مواصلة التشاور حول العديد من الملفات، لاسيما في منطقة جنوب المحيط الأطلسي التي تزخر بإمكانيات إستراتيجية للبلدين”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} فعلى المستوى الاقتصادي تمثل البرازيل السوق الاقتصادي الأول للمملكة داخل الفضاء اللاتيني، ويعد المغرب ثالث أهم سوق للمنتجات الفلاحية في القارة الإفريقية ووجهة مهمة للصادرات الصناعية البرازيلية، فيما سجلت الوثيقة ذاتها أن “جنوب الأطلسي يظهر أيضا بالإضافة إلى ذلك كفضاء هام للتعاون العسكري بين المغرب والبرازيل”، مشيرة في الصدد ذاته إلى أن “التعاون الأمني والعسكري بين البلدين يساعد على تشكيل فهم أعمق للفضاء الأطلسي في ظل تزايد التهدديات الأمنية المتصلة بالجريمة العابرة للقارات والإرهاب والقرصنة”.

وحول جهود البلدين لجعل جنوب الأطلسي مدخلا لتعزيز التعاون جنوب-جنوب، أشار كاتب الورقة إلى أن “المغرب سرع من وتيرة هذا التعاون في إفريقيا الأطلسية، خاصة بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي”، وكمثال على ذلك مشروع أنبوب الغاز الأطلسي الذي سيربط المغرب ونيجيريا، والمتوقع أن يغير موقع المنطقة في سوق الطاقة العالمي، فيما تراهن البرازيل بدورها على هذا التعاون وعلى الفضاء الأطلسي من أجل “تقديم نفسها كقائد للجنوب وكسر احتكار وهيمنة الشمال”.

وأردف الباحث ذاته بأن “الشراكة من أجل التعاون الأطلسي تشكل فرصة مهمة للدول المطلة على هذا الفضاء البحري، التي عانت من فراغ وجود منصة موحدة للتشاور السياسي والدبلوماسي بخصوص المنطقة”، مضيفا أن “هذه الشراكة تتيح أيضا لكل من المغرب والبرازيل زيادة قدراتها العسكرية البحرية من خلال الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة التي تحظى بها دول حلف ‘الناتو’، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب الاستفادة من تمويلات هذا التكتل”، كما يمكن لمناورات الأسد الإفريقي أن تشكل فرصة لمشاركة البرازيل وبلدان أخرى من إفريقيا الأطلسية.

وخلصت الورقة إلى أن المجال الأطلسي يمنح المغرب مكاسب مهمة من خلال تعزيز موقعه الإقليمي ودعم التعاون جنوب-جنوب، والانفتاح على الأسواق الأطلسية، وتعزيز التعاون مع الدول في مجال الصيد البحري والمجال الدفاعي؛ فيما ستستفيد البرازيل بدورها من خلال حشد الدعم للعضوية الدائمة بمجلس الأمن، وتعزيز ريادتها القارية والانفتاح على الأسواق الإفريقية ومنافسة القوى الدولية الأخرى.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 3 قراءة)
.