لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟

صدر الصورة، Getty Images وسط تعثر المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى هدنة بين حركة حماس وإسرائيل، كثرت التكهنات في وسائل الإعلام الغربية والعربية حول ما إذا كانت حماس تدرس نقل مكتبها السياسي من قطر إلى بلد آخر، أو ما إذا كانت قطر تعتزم ترحيل قادة حماس وإغلاق المكتب.

ورغم نفي كل من قطر وحماس دقة تلك التكهنات، إلا أن المؤكد هو وجود استياء وإحباط قطري من بعض الأطراف وتعرض الدوحة لضغوط، ما دفعها إلى الإعلان عن أنها بصدد تقييم وساطتها بين حماس وإسرائيل.

فما أسباب الاستياء القطري؟ وما احتمالية أن تنسحب قطر من المفاوضات أو تغلق المكتب السياسي لحماس؟ استضافت الدوحة المكتب السياسي لحركة حماس في عام 2012.

فقد غادر رئيس المكتب السياسي للحركة آنذاك خالد مشعل سوريا متجها إلى الدوحة، في أعقاب تفجر الحرب الأهلية وتأييد المعارضة السورية التي خاضت صراعا داميا ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

ويقيم في قطر حاليا إسماعيل هنية، الذي انتخب رئيسا للمكتب السياسي لحماس خلفا لمشعل في عام 2017.

قصص مقترحة نهاية ووفقا لتصريحات عدة مسؤولين أمريكيين وقطريين، فإن استضافة قطر لمكتب حماس جاء بطلب من الولايات المتحدة التي أرادت أن تفتح خطا غير مباشر للتواصل مع الحركة بغية تهدئة حدة الصراعات التي تنشب بين الفلسطينيين وإسرائيل.

صدر الصورة، Getty Images يقول حسن أبو هنية الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية والخبير بمعهد السياسة والمجتمع بعمّان: "فتح مكتب لحماس تم بطلب من واشنطن، على غرار ما كانت تفعله قطر من وساطة مع حركة طالبان الأفغانية بطلب أمريكي، حيث تم التوصل إلى اتفاق في الدوحة في فبراير/شباط عام 2020 بين طالبان والولايات المتحدة".

شرح معمق لقصة بارزة من أخباراليوم، لمساعدتك على فهم أهم الأحداث حولك وأثرها على حياتك الحلقات يستحق الانتباه نهاية منذ الهجوم المباغت الذي نفذته حركة حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما أعقبه من حرب ضارية تشنها إسرائيل في قطاع غزة، لعبت قطر دورا محوريا في المفاوضات بين الطرفين.

ونجحت في التوسط لإعلان هدنة استمرت أسبوعا واحدا في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أطلقت خلالها حماس سراح 81 رهينة إسرائيلية، مقابل الإفراج عن 280 سجينا فلسطينيا كانوا محتجزين في السجون الإسرائيلية.

لكن كل المفاوضات التي أعقبت ذلك فشلت في تكرار تلك الهدنة، وتعرضت الوساطة القطرية لانتقادات إسرائيلية وأمريكية.

تعرضت قطر لانتقادات إسرائيلية متكررة، ولا سيما من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قال إنها تمول حماس، وطالبها في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي بالضغط على الحركة للإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، وقد وصف وزير خارجية قطر تصريحات نتنياهو بأنها محاولة للمماطلة وإطالة أمد الحرب، مؤكدا التزام قطر بجهود الوساطة وإنهاء الأزمة.

وفي الأسبوع الماضي، أعربت السفارة القطرية في واشنطن عن استيائها لتصريحات أدلى بها عضو الكونغرس الديمقراطي ستيني هوير، والتي طالب فيها بإعادة تقييم الولايات المتحدة لعلاقاتها مع قطر إذا لم تمارس ضغوطا على حماس وتهددها بقطع التمويل أو إنهاء استضافتها لقادة الحركة.

كانت تقارير إعلامية قد ذكرت في وقت سابق نقلا عن مسؤول أمريكي كبير أن الرئيس الأمريكي جو بايدن حث زعيمي قطر ومصر على الضغط على حماس للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وذلك بعد أن اتهمت الولايات المتحدة حماس بأنها "العائق أمام وقف إطلاق النار".

وأبدت قطر بشكل واضح إحباطها من الانتقادات التي تتعرض لها جهود الوساطة التي تقوم بها، حيث أعلن وزير خارجيتها ورئيس وزرائها الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يوم الأربعاء 17 أبريل/نيسان الحالي أن بلاده تقيم وساطتها في أزمة غزة: "للأسف، رأينا هناك إساءة استخدام لهذه الوساطة لصالح مصالح سياسية ضيقة.

.

وهذا يعني أن دولة قطر دعت إلى إجراء تقييم شامل لهذا الدور، ونحن الآن في هذه المرحلة لتقييم الوساطة، وكذلك تقييم كيفية مشاركة الأطراف في هذه الوساطة".

وقد كرر ماجد الأنصاري المتحدث باسم الخارجية القطرية في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء 23 أبريل/نيسان الحديث عن إعادة تقييم بلاده لوساطتها، مؤكدا أن دور الوسيط هو العمل مع كافة الأطراف للوصول إلى حلول مقبولة وليس الضغط عليها.

صدر الصورة، Getty Images ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية السبت الماضي نقلا عن "مسؤولين عرب" أن القيادة السياسية لحركة حماس تبحث احتمال نقل مقرها إلى خارج قطر، وأنها تواصلت مع دولتين على الأقل في المنطقة، إحداهما سلطنة عمان، لمعرفة ما إذا كانتا منفتحتين على استضافة قادتها السياسيين.

وقبل أن ينفي مسؤول بحركة حماس صحة التقرير، ثم يصرح الأنصاري في المؤتمر الصحفي المشار إليه آنفا بأنه "طالما أن وجود قادة حماس هنا في الدوحة مفيد وإيجابي لجهود الوساطة، فإنهم سيبقون هنا"، كثر الحديث في وسائل الإعلام عن الدول التي سيرجح أن تنتقل إليها القيادة السياسية لحماس في حال خروجها من قطر.

ويظل احتمال إغلاق المكتب وخروج قادة حماس من قطر قائما، إذ إن تصريحات الأنصاري لم تنف ذلك بشكل مطلق، بل ربطت وجودهم بمجهودات الوساطة التي تقوم بها قطر، والتي أعلنت أنها بصدد إعادة تقييمها.

برزت تركيا من بين تلك الأسماء، ولا سيما مع وصول إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس إلى إسطنبول نهاية الأسبوع الماضي ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان.

وبسؤاله عن دور محتمل لتركيا بجهود الوساطة، قال الأنصاري إن تركيا من أهم الدول الداعمة للجهود التي تقودها قطر لوقف الحرب في غزة، وإن التنسيق مستمر معها في هذا الشأن.

أشارت بعض التقارير أيضا إلى الجزائر، إذ كانت صحيفة لوموند الفرنسية قد تحدثت عن وثيقة سعودية عُرضت على وزارة الخارجية الفرنسية تقترح خطة لإنهاء الأزمة في غزة وتشمل نفي قادة حركة حماس إلى الجزائر ونشر قوات حفظ سلام عربية في القطاع.

ومن بين الدول التي طرحت كمضيف محتمل لمكتب حماس السياسي إيران والأعضاء الآخرون بما يسمى "محور المقاومة": لبنان وسوريا واليمن.

ويرى الباحث حسن أبو هنية أن "الخيارات محدودة" أمام الحركة.

ويشرح قائلا إن "تركيا بلد متقلب، صعب أن يكون هناك وجود دائم للقيادة به، قد يصبح هناك وجود جزئي فقط.

بالنسبة للجزائر، الاقتراح الفرنسي غير عملي، وحماس لم تبد تحمسا له، كما أن موقف الجزائر لم يتضح.

الخيار الذي يتبقى هو إيران، فهي البلد الوحيد الذي ربما يكون على استعداد لاستقبال قيادة حماس التي تعتبرها جزءا من محور المقاومة، لكن ذلك لن يترك مجالا للضغوط.

أي خيار آخر سيكون غير عملي، لأن حماس مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومن ثم ستكون هناك تعقيدات كثيرة لاستضافتها".

ويتفق يوست هيلترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة الأزمات الدولية، مع أبو هنية: "لو أجبرت حماس على مغادرة قطر، فإنها ستجد صعوبة في العثور على دولة مضيفة جديدة، لأن بعض الدول التي يرجح أن تستضيفها من الممكن أن تقع تحت طائلة العقوبات الأمريكية لاستضافتها.

وبالطبع لن ينطبق ذلك على إيران".

صدر الصورة، Getty Images ولكن أبو هنية يستبعد أن تكون هناك نية جدية من قبل كافة الأطراف لنقل مقر قادة حماس إلى خارج قطر، على الأقل في الوقت الراهن.

"ما يحدث مجرد ضغوط من الدول للوصول إلى هدنة أو تهدئة لا أكثر ولا أقل.

وأعتقد أن هناك أيضا نوعا من التهديد القطري بالتخلي عن هذه الورقة.

.

إذ تحاول قطر أن تبعث برسالة للجميع مفادها أنه إذا تم التخلي عن وجود قيادة للمكتب السياسي لحماس على أراضيها، فإن البدائل الأوروبية والأمريكية للحوار مع الحركة ستصبح محدودة".

ويضيف أبو هنية أن الدوحة قد تطرد قادة حماس في حال ما طلبت الولايات المتحدة ذلك، لكنه يستبعد أن تقدم واشنطن على هذه الخطوة "لأنها ستفقد في تلك الحالة أي وسيلة للحوار والتواصل وتصبح الأمور أكثر تعقيدا.

الحركة قد تنوع وجودها، وهي بالفعل لديها وجود في إيران واليمن ولبنان، لكن سيبقى المكتب السياسي لغرض الحوار في قطر".

© 2024 بي بي سي.

بي بي سي ليست مسؤولة عن محتوى المواقع الخارجية.

الوكالات      |      المصدر: بي بي سي    (منذ: 1 أسابيع | 5 قراءة)
.