ضعف التحفيز يقض مضجع المهندسين

على غرار قطاع الصحة الذي يعاني من فقدان مئات الأطباء كل سنة، بسبب الهجرة إلى الخارج، يعاني قطاع الهندسة بدوره من نزيف في المهندسين، للسبب نفسه، إذ قدّر الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة عدد المنتسبين إلى القطاع الذين يغادرون البلاد سنويا بما بين 600 و800 مهندس.

ويعود سبب هجرة المهندسين المغاربة إلى الخارج إلى ضعف الأجور وغياب التحفيز في القطاع العمومي، وعدم توقيع اتفاقية جماعية في القطاع الخاص، بحسب إفادة عبد الرحيم الهندوف، رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة، وهو الإطار المهني المحاوِر للحكومة، ذلك أنه هو الذي وقع آخر اتفاق اجتماعي معها في 28 يونيو 2011، تمخض عنه النظام الأساسي الخاص بهيئة المهندسين والمهندسات المعماريين المشتركين بين الوزارات.

وقال الهندوف، في ندوة صحافية نظمها الاتحاد الوطني للمهندسين في مقره بمدينة الرباط، أمس الثلاثاء، وسلّط فيها الضوء على مسار ملف المهندسين، والخطوات الاحتجاجية التي يعتزم القيام بها، إن العمل في القطاع العامّ لم يعُد يُغري المهندسين المغاربة، بسبب ركود الوضعية المادية والمهنية للعاملين في هذا القطاع، محذرا من تَبعات ذلك على التنمية في المغرب، في ظل الأوراش التنموية الكبيرة التي فتحتها المملكة، ويحتاج تنفيذها إلى الأطر الهندسية.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأضاف المتحدث ذاته: “بعد مرور ثلاث عشرة سنة ملى توقيع آخر اتفاق مع الحكومة فإن القدرة الشرائية للمهندسين بالقطاع العام، حتى مع احتساب الزيادات في الأجور، انخفضت بنسبة 25 في المائة، إذا أخذنا بعين الاعتبار الارتفاع الكبير للأسعار، وتناقص الأجور بسبب الزيادة في اقتطاعات التقاعد”، معتبرا أن “استرجاع مستوى القدرة الشرائية للمهندسين التي كانت لديهم سنة 2011 يقتضي زيادة الأجور بنسبة 25 في المائة”.

وأوضح رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة أن النظام الحالي يسمح بالترقية ثلاث مرات، “ما يعني أن المسار المهني للمهندس في الوظيفة العمومية ينتهي بين 16 و25 سنة، أي إنه يصير بدون أي آفاق، وبدون ترقية، وبدون زيادة في المعاش، قبل حوالي 15 سنة من إحالته على التقاعد، وبالتالي لا يوجد تحفيز إضافي يمكن أن يشجع الإنسان على مزيد من العمل والعطاء”، وفق تعبيره.

وانطلاقا من الأسباب المذكورة، يُردف الهندوف، “فإن العديد من المهندسين لا يفضلون الاشتغال في القطاع العام، لأنه لم يعد مغريا وجذابا”، وزاد: “هناك اليوم عدد من الوزارات لديها مناصب مالية كل سنة ولا تجد مهندسين للعمل فيها”.

وفي القطاع الخاص قال المتحدث ذاته إن وضعية المهندسين ليست أفضل، بسبب غياب اتفاقية جماعية تضمن حقوقهم، “وهو ما يجعل العديد من المهندسين يفضلون الهجرة، وهذا خطير جدا إذا استمر، لأن طاقات هندسية ذات كفاءة تحتاجها بلادنا، وأنفقت عليها الدولة أموالا كثيرة لتكوينها، يتم تقديمها على طبق من ذهب لدول أخرى”، حسب تعبيره.

وعلاوة على الجانب المادي يطالب الاتحاد الوطني للمهندسين بتنظيم المهنة، التي مازال يؤطرها ظهير قديم يعود إلى سنة 1949، قال الهندوف إنه “ينظم حمل لقب المهندس لكن لا يعطيه أي امتياز، وله بُعد شَرفي أكثر من أي قيمة أخرى”، وتابع: “لا نتوفر على قانون ينظم مهنة المهندس، باستثناء قانون المهندسين المساحين الطوبوغرافيين”.

ويرى رئيس الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة أن عدم تنظيم مهنة الهندسة “تنجم عنه مزاولتها من كل مَن هب ودب، مع ما قد يترتب على ذلك من عواقب، مثل حوادث انهيار البنايات”، مبرزا أنه “في ظل غياب تنظيم المهنة لا أحد يستطيع تقديم أرقام حول العدد الحقيقي للمهندسين في المغرب، والتخصصات والاحتياجات المطلوبة في التكوين مستقبلا”.

وذهب المتحدث ذاته إلى القول إن التكوين الهندسي بالمغرب “فيه فوضى في القطاع الخاص، حيث يُنشئ كل من هب ودب مدارس في عمارات، بينما يجب أن يكون التكوين وفق شروط ودفاتر تحملات”.

وقرر الاتحاد الوطني للمهندسين المغاربة خوض وقفة احتجاجية أمام البرلمان يوم غد الخميس، “للدفاع عن الملف المطلبي للمهندسات والمهندسين، وفي مقدمته إقرار نظام أساسي خاص بهيئة المهندسين والمهندسات المعماريين المشتركة بين الوزارات الذي اقترحه الاتحاد منذ سنة 2022”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.