عقوبة الإعدام في حق "ولد الفشوش" .. مخالفة للدستور أم تشريع للحياة؟

بعدما قضت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بالإعدام والسجن المؤبد في حق متهمين في ملف قتل الشاب بدر بالدار البيضاء الصيف الماضي، وجدت الديناميات المغربية المناهضة بإطلاق للعقوبة السالبة للحياة الفرصة مناسبة لإثارة الموضوع مرة أخرى، بتأكيد “عدم قبول الحكم بالإعدام في هذا الملف، رغم التأكيد المبدئي والأخلاقي بأن ما اقترفه “ولد الفشوش” يقتضي أشد العقوبات الممكنة”.

وعلى الرغم من أن غالبية المغاربة تلقوا الحكم بـ”الكثير من الارتياح”، وفق ما تبينه التعليقات المصاحبة للقضية، فإن “الفعاليات المدافعة عن الإلغاء وجدت نفسها خارج هذا ‘التصور الانفعالي’، وفق وصفها، من خلال التركيز على حمضها النووي: الإعدام مرفوض في كل النوازل بلا أي هامش للاستثناء”؛ في حين أن جهات أخرى تقرّ بـ”فعالية الإعدام بالمغرب وجدواه كتكريس للشريعة الإسلامية، التي هي شريعة للحياة”، بتعبيرهم.

“عقوبة مرفوضة” مصطفى العراقي، عضو الائتلاف المغربي ضد عقوبة الإعدام، رفض “حكم الإعدام في هذه القضية”، معتبرا أن “جميع فعاليات الائتلاف لا تقبل الانتقام باسم القانون، ورغم أننا اندهشنا بكم الفظاعة في مقتل الشاب بدر، فإننا كمُناضلين من أجل إلغاء العقوبة السالبة للحياة ندافع عن حق الجاني في الحياة، لأن الإعدام رغم تطبيقه في دول أخرى وعلى مر التاريخ لم يكن حلا ناجعا لوقف انتشار جرائم القتل”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} واعتبر العراقي، في تصريحه لهسبريس، أن “ما يسمى بـ”الإرادة الشعبية” التي تفرح للحكم أو لتفعيل عقوبة الإعدام هي موجة من ردود الأفعال العاطفية التي نعتبرها مفهومة لأنه يتم تصريفها بالنظر إلى طبيعة الفعل الجرمي”، مشددا على أنه “لا يمكننا أن نقبل الإعدام كعقوبة؛ لأننا ضدها وننادي بوقفها في إطار اتجاه دولي كاسح لإنهاء العمل بهذه الوحشية”، مسجلا “اتجاه السياق الدولي نحو أنسنة العقوبة وتكريس نظام حقوق الإنسان في عمل العدالة”.

وأشار صاحب كتاب “دليل مرجعي حول عقوبة الإعدام” إلى “غياب التطبيق المغربي لعقوبة الإعدام منذ سنة 1993، وهو ما يوفر سياقا مهما يمكن أن ننطلق منه، بما أن النطق بالحكم دون تنفيذه هو أيضا مرفوض بالنظر إلى القلق الذي يخلقه لدى المحكومين بالإعدام”، مؤكدا على “ضرورة أن يتخذ المغرب الخطوات المناسبة لإزالة هذه العقوبة من كل القوانين المغربية؛ وعلى رأسها القانون الجنائي، تماشيا مع الدينامية التي يعرفها فعل الإلغاء حول العالم”.

“تشريع للحياة” حسن الموس، باحث في العلوم الشرعية عضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث، دافع عن “عقوبة الإعدام وضرورة بقائها في التشريعات المغربية”، مسجلا أن “الشريعة الإسلامية هي في الأصل شريعة للحياة، والله عز وجل وضع تشريعات عديدة غايتها حفظ النفس البشرية.

لهذا، ليست الغاية هي التعذيب أو التنكيل بالمجرمين أو القتل من أجل القتل؛ وإنما الغاية من أن القاتل يقتل هو أن نحفظ حياة بقية الناس ونحافظ على بقاء النفس البشرية حية ومستمرة”.

وأوضح الموس، في تصريح لهسبريس، أن “الحكم بعشرين سنة أو أكثر لا تثني هؤلاء عن القيام بهذا الفعل مرة أخرى، وبالتالي كان دور تطبيق عقوبة الإعدام رادعا وواقعا ملموسا في وقف الجريمة من خلال بث الخوف في النفوس بخصوص عدم الإقدام على إزهاق أرواح أو التطاول على أنفس أخرى يعد حق التصرف فيها بيد الله وحده الذي خلقها”، مثمنا خيار القضاء بالحكم بالإعدام في قضية مقتل الشاب بدر لكونه “يعيد الشعور بالاطمئنان إلى تلك الأم المكلومة”.

وألح عضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث على ضرورة استمرار الحكم بالإعدام بالمغرب، رغم المعرفة المسبقة أنه لا يطبق؛ لكن النطق به له دور وهيبة في محاصرة جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد بكل ما يحمله ذلك من اعتداء على الحق في الحياة بالنسبة للمقتولين”، خاتما بالقول إن الولايات المتحدة الأمريكية بدورها تقوم بتطبيق الإعدام، وهو انتصار لحق المقتول في الحياة قبل الانتصار لهذا الحق لدى الجاني.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 0 قراءة)
.