تحركات "مشبوهة" للجزائر تستبق قرار مجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية

تحركات مكثفة بصمت عليها الجزائر ودبلوماسيتها خلال الأيام الأخيرة، بالتزامن مع الإحاطة التي يقدمها ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، في جلسة مغلقة لمجلس الأمن، والتي جمعت وزير الخارجية الجزائري بكل من دي مستورا وجوشوا هاريس نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي بمقر بعثة الجزائر لدى الأمم المتحدة.

التحركات الجزائرية المكثفة لا شك في أنها تروم معاكسة المصالح المغربية في ملف الصحراء، والتي أراد حكام قصر المرادية تعزيزها باستقبال الرئيس الجزائري لزعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، في رسالة للرباط والمنتظم الدولي بأن الجزائر “مستمرة في موقفها الداعم للانفصال”.

وسجل مراقبون أن التحركات الجزائرية “لن تؤثر في شيء” على مشروع القرار الذي تتحكم الولاية المتحدة الأمريكية في صياغته، وهي الحليف الاستراتيجي للمغرب والداعم لمخطط الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط حلا وحيدا للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وتحاول الجزائر استثمار عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن من أجل تحقيق انتصار دبلوماسي على المغرب ظلت تطارده لسنوات؛ إلا أن البعض يعتقد أن كل هذا النشاط المفرط تعبير عن التخوف من المستقبل وإمكانية تعزيز الموقف المغربي باعتراف وتأييد مرتقب لسيادة المغرب على الصحراء من قبل باريس، الذي بدأت ملامحه تلوح في الأفق خلال الأسابيع الماضية.

في قراءته للتطورات الجديدة، قال المحلل السياسي الجزائري وليد كبير إن استقبال الرئيس الجزائري لزعيم جبهة البوليساريو، اليوم الثلاثاء، يأتي في خضم الإحاطة التي “يتم تقديمها خلال جلسة مجلس الأمن المغلقة حول ملف الصحراء المغربية”، مؤكدا أن الاستقبال يبعث رسائل إلى المغرب والقوى الفاعلة داخل مجلس الأمن.

وأضاف كبير، في تصريح لهسبريس، أن النظام الحاكم في الجزائر يقول للمغرب والعالم من خلال هذا الاستقبال إنه “يقف إلى جانب جبهة البوليساريو وموقفه لن يتغير رغم وجود الجزائر حاليا كعضو في مجلس الأمن”.

وأفاد المحلل السياسي ذاته بأن هذا الموقف يمثل “ردا على الاستقبال الذي خصصه وزير الخارجية ناصر بوريطة لاستيفان دي ميستورا، عندما رفع اللاءات المغربية الثلاث بخصوص شروط الرباط لاستئناف المفاوضات وبحث إطار التسوية لهذا النزاع الذي بات عمره نصف قرن”.

واستبعد كبير أن يكون للجزائر تأثير على مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب حول الصحراء المغربية، حيث قال: “النظام الجزائري يعيش خارج الإطار الزمني الذي نعيشه الآن، وعندما يتحدث عن مخطط يعود إلى سنة 1991، والذي لا تتم الإشارة إليه في قرارات مجلس الأمن”، واعتبر أن الجزائر “تغرد خارج السرب ولا أعتقد أن تحركاتها سيكون لها تأثير على مشروع القرار القادم بخصوص ملف الصحراء المغربية”.

وأشار المحلل السياسي الجزائري إلى أن هناك وساطة أمريكية حاليا يقودها جوشوا هاريس “لم تُعطِ لحد الآن أية نتيجة؛ لكن لا أعتقد أن الجزائر ستؤثر في مشروع القرار المقبل، لأن صاحبة القلم هي الولايات المتحدة الأمريكية”.

ولفت الخبير ذاته إلى أن هناك “ترقبا للاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على الصحراء، وفرنسا هي عضو دائم في مجلس الأمن والقرار المقبل سيحرج أكثر الجزائر الممثلة في مجلس الأمن”، مبرزا أن هذه التحركات تستبق الوضع.

من جهته، قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، إن الاستقبال “يذكرني عندما عاد زعيم الجبهة الانفصالية من إسبانيا عندما فجّر أزمة بين المغرب وإسبانيا واستقبله تبون في أحد المستشفيات في الجزائر وقال له: أنت في بلدك، ولم يقل له أنت في بلدك الثاني”.

وأوضح الشيات، في تصريح لهسبريس، أن الحدث تم “في بلد واحد وفي دولة واحدة بأقنعة مختلفة”، معتبرا أن تبون يمثل رئيس جمهورية و”الآخر يمثل دور مستقبل رئيس جمهورية لا نعرف الحكمة من ذلك، يجتمعان ليتدارسا موضوعا واحدا وهو معاكسة الحق المشروع والتاريخي للمغرب في أقاليمه الجنوبية”.

وأكد الشيات أن “لا شيء لا يمكن أن يبدد قناعة المغاربة عموما والعالم الذي لديه بصيرة في أن كل ما يقع من طرف النظام الجزائري يدخل في خانة معاكسة المغرب ومحاولة تقسيمه وتقزيمه وليس أي شيء آخر”.

وزاد موضحا “أن يحاول تبون من خلال هذا (الاستقبال) أن يضغط أو يوجه خطابا إلى الأمم المتحدة في إطار ما تتم مناقشته اليوم في قضية الصحراء المغربية، أنه ليس هناك استعداد من طرف الجزائر ولا من طرف البوليساريو أن تذهب في اتجاه المفاوضات، وأنها مصرة على موقفها الذي تسميه حق تقرير المصير”.

ومضى مبينا أن هذا الأمر “ربما يكون رسالة موجهة إلى الأمم المتحدة وإلى محبي وداعمي السلم العالمي، ومحاولة بائسة للضغط في هذا الاتجاه الذي أعتقد أنه لن يكون فيه أي تأثير على المسارات التي أصبحت الآن ترسمها الأمم المتحدة في إطار حل سياسي متفاوض حوله، قابل للتنزيل بين الأطراف”، خاتما “غير ذلك، فقط تمديد للصراع ومحاولة تمطيطه وجره إلى مستويات غير سلمية كما تفعل البوليساريو اليوم”، وفق تعبيره.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.