سياق استثنائي لذكرى استرجاع طرفاية .. "لاءات ثلاث"ودينامية قضية الصحراء

لا تشبه الذكرى السادسة والستين لاسترجاع طرفاية إلى الوطن غيرها، فهي تأتي هذه السنة في سياق يرجّح محللون أنه “قرّب نزاع الصحراء المفتعل من الحل نهائيا”، أمام تمسّك المملكة المغربية بالخيارات السلمية المتاحة، في مهمة القضاء على فكرة الانفصال التي ترعاها الجزائر.

أهمية أخرى لهذه الذكرى أنها تتصادف مع عودة ملف الصحراء إلى قبة مجلس الأمن الدولي، بعد مرور ستة أشهر عن آخر جلسة، قصد تقديم إحاطة ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى الصحراء، حول القضية.

هذه الإحاطة، التي تأتي بعد “تأطير حازم” من الدبلوماسية المغربية بمنطق “اللاّءات الثلاث”، الذي “أدخلته المملكة إلى تصور دي مستورا”، في آخر لقاء تم بالمغرب، تجعل هذه الذكرى (15 أبريل) ذات “بعد ملحمي خاص” يبرز استمرار المغرب في خياراته الهادئة، بعيدا عن “منطق الصدام ورد الفعل”؛ وهو ما يفسره متتبعون بالحرص على المسار الأممي لملف الصحراء المغربية، وتخويل الجهة الأمميّة الصلاحية الحصرية للسهر على إنهائه.

“سياق متميز بالإحاطة” سعيد بركنان، باحث مختص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، قال إن “ذكرى استرجاع طرفاية من إسبانيا هذه السنة تحلّ في سياق يتميز بتدفق متسارع للأحداث المتعلقة بملف الصحراء المغربية وكذلك بتدفق التطورات التي تميز العلاقة الاستراتيجية التي أسس لها كل من المغرب وإسبانيا (المستعمر السابق لهذه الأقاليم) والتي انتقلت إلى التنزيل العملي لخارطة الطريق وخطة العمل المشتركة بين البلدين نحو إنشاء سوق اقتصادية إقليمية مستقرة وسوق اقتصادية عالمية عابرة للقارات، خاصة منها القارة الأوروبية والأفريقية”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} واعتبر بركنان، في تصريح لهسبريس، أن “استرجاع طرفاية في 15 أبريل 1958 كان بداية إصرار المغرب على استكمال وحدته الترابية واسترجاع جميع أراضيه الجنوبية سلميا”، مبرزا أن “احتفال المغرب بذكرى استرجاع طرفاية هذه السنة يأتي في سياق يتميز بنجاحات المغرب دبلوماسيا في تمهيد الطريق نحو إنهاء أمد الصراع المفتعل حول أحقية المغرب في سيادته على الصحراء”.

ولفت المتحدث عينه إلى السياق الدولي الذي “يجعل من الاحتفال بذكرى استرجاع طرفاية حدثا استثنائيا هذه السنة؛ وهو استعداد ستيفان دي ميستورا، المبعوث الأممي إلى الصحراء، حول القضية، لتقديم إحاطته أمام أعضاء مجلس الأمن حول ملف الصحراء المغربية المبرمج لها يوم غد 16 أبريل”، مسجلا أن الإحاطة “من شأنها أن تطلع الدول الأعضاء في المجلس بمستجدات الملف والتطورات التي تزكي نجاح الدبلوماسية المغربية في التسريع بالنزاع المفتعل نحو الحل النهائي في الأمم المتحدة”.

وأكد الباحث المختص في العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن المسار الأممي الذي اتخذه المغرب يزكي هذا الطرح، خصوصا أن هذه الإحاطة من شأنها دعوة الدول الأطراف المعنية بملف الصحراء إلى العودة إلى طاولة المفاوضات التي توقفت منذ سنة 2019″، مشيرا إلى هذا الترابط الموضوعي بين ذكرى “استرجاع طرفاية ونجاحات المغرب في انتزاع اعترافات الدول الأعضاء بأحقية المغرب في صحرائه وسيادته عليها”.

“إصرار للطي النهائي” لحسن أقرطيط، كاتب مختص في العلاقات الدولية، قال إن “الحدث له رمزية تاريخية حاسمة تتعزز هذه السنة بسياق عام ودينامية لافتة يشهدهما هذا النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء”، ذاكرا “ما يتعلق بالاختراقات التي حققها المغرب من أجل انتزاع الاعتراف الدولي بسيادة المملكة على أقاليمها الجنوبية، وفي الآن نفسه تأتي في ظل إحاطة المبعوث الأممي نصف السنوية التي تشرّب فيها الأخير لاءات المغرب الثلاثة”.

وأضاف أقرطيط، في حديث إلى هسبريس، أن “هذه الإحاطة ستتناول المعطيات الموضوعية التي تتعلق أساسا بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها الأقاليم الجنوبية”، مبرزا أن “هذه السياقات تبين أن الإحاطة لها أهمية كبيرة بعدما أكدت الرباط للمبعوث الأممي أن قضية الصحراء هي قضية وجودية بالنسبة للمغاربة، وأن أفق أية مفاوضات لن يتعدى أفق مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب، وأنه لا صيغة للمفاوضات خارج الموائد المستديرة”.

وسجل المتحدث “حيوية هذا السياق الذي تأتي فيه الذكرى”؛ لأن الأخيرة حد ذاتها ذات أهمية قصوى في تذكير المنتظم الدولي بأن قضية المغرب هي قضية عادلة، وبأن ترافع المغرب من أجل انتزاع الاعتراف بمغربية الصحراء انطلاقا من معركة التحرير التي قادها المغاربة وتكللت بتحرير هذه المدينة الجنوبية، يعني أن هذه القضية لها أهمية قصوى بالنسبة للمغرب”.

وأجمل قائلا: المغرب اتخذ قرارا استراتيجيا يتمثل في الطي النهائي لهذا النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، وفي وضع استراتيجية تعتمد أولا على الحفاظ على المسار الدفاعي عن المسار الأممي”، مؤكدا أن “التزام الرباط به في ما يتعلق بالمفاوضات مع الأطراف المعنية بهذا النزاع حتّم اعتماد دبلوماسية قوية وصارمة من أجل الدفاع عن وحدة أراضي المملكة، ومن أجل الإنهاء الفعلي والسريع لهذا النزاع المفتعل”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.