نشطاء يطلبون إطلاق سراح "أم عازبة"

لا حديث في الأوساط الحقوقية بجهة كلميم وادنون، على امتداد الأسبوع المنصرم، إلا عن اعتقال أم عازبة تتحدر من جماعة إمي نفاست بإقليم سيدي إفني، بعد تخليها عن رضيعة حديثة الولادة توفيت بعد يومين من العثور عليها في مكان خلاء.

وتعود تفاصيل الواقعة، وفق المعطيات التي تحصلت عليها جريدة هسبريس من مصادر متطابقة، إلى يوم 3 أبريل الجاري؛ بعد العثور على رضيعة حديثة الولادة بجبل تكاديرت، على مستوى الجماعة الترابية إمي نفاست، قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة بعد يومين (5 أبريل) وسط المستشفى الإقليمي لسيدي إفني نتيجة تدهور حالتها الصحية.

وأضافت المصادر ذاتها أن الأبحاث التي باشرها المركز القضائي للدرك الملكي بسيدي إفني مكنت من تحديد هوية والدة الرضيعة المتخلى عنها، وهي أم عازبة تبلغ من العمر 27 سنة، تتحدر من دوار تكاديرت القريب من مكان التخلي عن الوليدة.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وأشارت المعطيات نفسها إلى أن البحث الذي أجرته الضابطة القضائية تكلل بتقديم الأم الموقوفة يوم عيد الفطر أمام النيابة العامة باستئنافية كلميم، التي أحالتها على قاضي التحقيق الذي أمر بإيداعها السجن المحلي بويزكارن، في انتظار بداية جلسات التحقيق التفصيلي في القضية.

وفي المقابل؛ أوردت المصادر ذاتها أنه موازاة مع إجراءات تقديم الأم العازبة أمام القضاء ، بعد محاولة انتحار عن طريق شرب مبيد للفئران ألزمتها العلاج لأيام بمستشفى كلميم، تمت متابعة المشتبه في تسببه في حملها في حالة سراح؛ بعد الاستماع إليه من طرف عناصر الدرك الملكي والنيابة العامة وقاضي التحقيق باستئنافية كلميم.

وخلفت خطوة متابعة المشتبه فيه (49 سنة) في حالة سراح، في مقابل إيداع الأم السجن، امتعاض العديد من الفعاليات الحقوقية بجهة كلميم وادنون، إذ اعتبرت في عدة تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس أن “القرار غير منصف من خلال إدانته الطرف المغلوب على أمره، في مقابل إطلاق سراح الطرف الرئيسي في الملف”، بحسبها.

وطالب الحقوقيون أنفسهم مختلف التنظيمات الحقوقية الوطنية بالوقوف إلى جانب الأم العازبة التي توجد حاليا في حالة اعتقال، ومؤازرتها في محنتها، خصوصا أنها تتحدر من وسط هش، وتعيش فقرا مدقعا رفقة أب ضرير وإخوة من ذوي الإعاقة، تعتبر هي المعيلة الوحيدة بالنسبة لهم.

وأكدت الفعاليات ذاتها أن المعتقلة “ليست سوى ضحية لمحيط اجتماعي هش، وحالة مادية ضعيفة جدا، جعلاها لقمة سهلة أمام ذئب بشري أقام معها علاقة غير شرعية، وتسبب في حملها، قبل أن يتركها لوحدها وسط جحيم اجتماعي ونفسي لا يطاق، أدى بها إلى الوضع والتخلي عن فلذة كبدها خوفا من مطرقة العار ونظرة الجيران القاتلة وسندان قلة ذات اليد”.

وتعليقا على الموضوع قال عمر الداودي، المحامي بهيئة الرباط، إن “اعتقال أم عازبة مازالت نفساء على ذمة التحقيق، رغم أنها بدورها ضحية تغرير من طرف أحد الذئاب البشرية، الذي ينعم الآن بالحرية، علاوة على كون هذه الشابة تنحدر من عائلة تعيش الفقر المدقع وأبوها ضرير ولها إخوة من ذوي الإعاقة، وحالتها النفسية متدهورة، يضعنا أمام حالة إنسانية تحتاج إلى المصاحبة الطبية والنفسية، وليس إلى تنفيذ عقوبة فعلية معجلة؛ مازال القضاء المختص لم يحكم بها”.

وأضاف محامي الأم العازبة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الاعتقال الاحتياطي تدبير استثنائي لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى، وهو مبدأ قلما يتم الركون إليه من طرف النيابة العامة وقضاة التحقيق لعدة أسباب، يتداخل فيها ما هو اجتماعي بما هو نفسي وتربوي”.

كما زاد الداودي في التصريح نفسه “في غياب قرارات محكمة النقض بخصوص تحديد مفهوم الضمانات، وشح التفسير القضائي من محاكم الموضوع لهذا المفهوم، فإن الركون إلى مضامين عدة دوريات لرئاسة النيابة العامة، وقبلها وزير العدل، يميط اللثام عن خطورة هذا الإجراء”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 2 أسابيع | 2 قراءة)
.