بدون عنوان: هكذا تراقب السلطات المواد الغذائية قبل الوصول إلى موائد المغاربة

طعامٌ يدخلُ منازلنا، يقتنيهِ المُستهلكُ وكله ثقةٌ في أنه صالحٌ وخالٍ من الملوثاتِ، لكن بينَ الفينةِ والأخرى تحدثُ انفلاتاتٌ قد تصل إلى حد تسجيل حالات تسممٍ؛ وعلى الجانبِ الآخرِ تُعلن أخبارٌ عن حجزِ وإتلافِ موادَ وأطعمةٍ فاسدةٍ.

هسبريس دقت بابَ السُلطاتِ المعنيةِ للتعرفِ على طرقِ مُراقبةِ الأسواقِ وضمانِ الأمنِ الغَذائي للمغاربة.

لجان المراقبة البدايةُ كانت من أسواقِ مدينةِ سلا، حيث واكبت هسبريس عمليةَ المراقبةِ في عددٍ من نقاطِ البيع، ووقفت على عمليةِ إتلافِ وحجزِ عددٍ من الموادِ التي كانت مُوجهةً للبيع.

وبحسب المعطياتِ التي حصلنا عليها فإنه تم العامَ الماضي إجراءُ مائتين وثلاثَ عشْرةَ جولةَ مراقبةٍ بهذه المدينة، أسفرت عن تحريرِ مائتين وثمانية محاضرَ مخالفةٍ، وإتلافِ أزيد من ألفين وثلاثمائة كيلوغرامٍ من الموادِ الاستهلاكية.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} وفي هذا الإطار قال عبد الرزاق خلوقي، رئيس مصلحة العمل الاقتصادي والمراقبة بعمالة سلا، إن اللجان المخصصة في مراقبة الأسواق تتكون من ممثلين عن مندوبية وزارة الصحة، وممثلين عن مندوبية التجارة والصناعة، وممثلين عن المكتب الوطني لسلامة المنتجات الغذائية، وكذلك السلطات الأمنية والمحلية، مؤكدا ضمن حديث مع هسبريس أن جولات المراقبة “اعتياديةٌ، لكن في الأوقات التي يكون فيها الطلب متزايدا بالنسبة للمستهلك نقوم بتكثيفها”.

وأضاف خلوقي أن “الهدف من المراقبة هو تتبع السوق من حيث التموين ومن حيث الأسعار، ولهذا تتم مراقبة جميع مسالك التوزيع والمعاملات التجارية”، مشيرا إلى أن “العملية تسفر عن حجز مجموعة من المواد الفاسدة التي يتم تحرير محاضر الحجز بشأنها، كما تم تحرير مخالفات في حق بعض المخالفين في مجال حرية الأسعار والمنافسة وحماية المستهلك”.

على الصعيدِ الوطني أسفرت تدخلاتُ اللجانِ المركزيةِ والمحليةِ التي ترأسها وزارةُ الداخليةِ على مستوى العمالاتِ والأقاليم، من فاتح ينايرَ الماضي حتى منتصف مارسَ، عن مراقبةِ ما يفوق خمسةً وخمسينَ محلاً للإنتاجِ والتخزينِ والبيعِ بالجملةِ والتقسيط، ما أسفر عن حجزِ وإتلافِ أكثرَ من مائتي طن من المنتجاتِ غير الصالحةِ للاستهلاك أو غيرِ المطابقةِ للمعاييرِ التنظيميةِ المعمولِ بها.

وتابع المتحدث ذاته: “هذه الجولات لها أهمية قصوى في مجال حماية المستهلك، في إطار تواصلٍ دائمٍ مع التجار من خلال العديد من مسالك التوزيع، ابتداء من أسواق الجملة والاستيراد ومحلات التخزين إلى محلات التوزيع ومحلات البيع بالتقسيط”.

وزاد المسؤول نفسه: “نقوم بالمواكبة بصفة دائمة لتأطير التجار، وتتبع حالات التموين، كما نوجه إنذاراتٍ شفويةً من أجل تحسين العرض”.

ما بين 1000 و1600 حالة تسمم سنويا موادُ فاسدة أو غيرُ صالحةٍ للاستعمالِ تُهددُ صحةَ المواطنِ، مخاطرها تكمنُ في الإصابةِ بالتسمماتِ الغذائيةِ التي قد تؤدي إلى الموتِ أو الإعاقة، ولها كُلفةٌ واسعةٌ ليس على الصحةِ فقط، بل على الاقتصادِ أيضا.

وبحسب نشرةِ علم الأوبئةِ والصحةِ العامة الصادرةِ عن وزارةِ الصحةِ والحمايةِ الاجتماعيةِ فإن المغربَ يُسجل ما بين ألف وألف وسِتِمائة حالةِ تسممٍ كمتوسطٍ في السنة.

وفي هذا الإطار قال الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إن التسممات الغذائية تأتي في مرحلة ثالثة بين مجموع التسممات التي يتم تسجيلها، عقب كل من لسعات العقارب والتسمم بالأدوية، موردا ضمن حديثه مع هسبريس أن “من بين كل سبعة تسممات يتم تسجيلها في المغرب واحد منها تسمم غذائي”.

وأوضح حمضي أن 38 بالمائة من التسممات التي تحدث في المغرب تكون داخل المنازل، أي من بين كل خمسة تسممات اثنان يكونان وسط المنزل، و24 بالمائة في أماكن عمومية؛ فيما من حيث الفئة العمرية 40 في المائة من المصابين بالتسمم هم بالغون و30 بالمائة هم أطفال.

ونبه الطبيب الباحث ذاته إلى أن تقريرا سابقا لوزارة الصحة أظهر أن عشرين أو خمسة وعشرين في المائة من الأماكن التي تعرض مأكولات، من مطاعم وغيرها، تكون ملوثة أو لا تحترم المعايير الصحية.

دور “أونسا” معلوم أن هناك تشريعاتٍ وطنيةً تفرض مراقبةَ كل ما يعرضُ للمستهلكِ المغربي.

هسبريس دقت باب المكتبِ الوطني للسلامةِ الصحية للمنتجاتِ الغذائية، المعروفِ اختصارا بـ”أونسا”، وهو الهيئةُ المُكلفةُ بمراقبةِ كل الموادِ الموجهةِ للاستهلاكِ، سواءٌ تلك التي تُنتجُ داخليا أو حتى المستوردةُ، وكانت البدايةُ من أحد المعابرِ الحدوديةِ.

.

ميناءُ مدينةِ الدار البيضاء الذي استقبلَ السنةَ الماضيةَ أزيدَ من مليونين وستمائة ألفِ طنٍ من الموادِ الاستهلاكيةِ، أتلفت المصالحُ المختصةُ أكثر من ألفِ طنٍ منها.

وفي هذا الإطار تحدثت فاطمة الزهراء جغرافي، رئيسة مصلحة مراقبة المنتجات الغذائية المستوردة ذات الأصل النباتي، التابعة لمديرية المراقبة والجودة بميناء الدار البيضاء، عن ثلاثِ مراحلَ للمراقبةِ على مستوى الميناء.

وقالت جغرافي ضمن حديث مع هسبريس: “يتم إيداع ملف طلب المراقبة، وبعد ذلك تتم العملية عبر ثلاثِ مراحلَ”، مفيدة بأن “المرحلة الأولى، وهي المراقبة الوثائقيةُ، يتم فيها فحص الوثائقِ المرفقة للملف، خصوصا الشهادة الصحية، وهي بمثابة ضمان للسلامة الغذائية للمنتج صادرة عن البلد المصدر”.

المرحلة الثانية التي ذكرتها المتحدثة هي المراقبة العينية، حيث تتم مراقبة ظروف النقل والتخزين، ثم المراقبة التحليلية، حيث يتم أخذ عينات يتم إرسالها إلى المختبر، وزادت: “إذا كانت النتائج مطابقة يتم السماح للبضائع بالدخول إلى السوق الوطنية، أما إذا كانت غير مطابقة يتم إتلافها”.

مسالكُ الإنتاجِ المُختلفةِ لا بد أن تخضعَ هي الأخرى للمراقبةِ.

وتقتضي المهمةُ التأكدَ من الموادِ الأوليةِ وصولاً إلى المنتجِ النهائي.

هسبريس زارت مصنعًا متخصصًا في إنتاجِ المعجنات، للوقوفِ على سيرِ هذه العملية.

وفي هذا الإطار قال عبد المنعم جرادي، رئيس مصلحة بالمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية: “في إطار مهام المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، المخولة له بحكم القوانين والنصوص التنظيمية الجاري بها العمل، يقوم المفتشون التابعون له بعمليات مراقبة المواد الغذائية في مختلف مسالك الإنتاج والتوزيع”.

وتابع جرادي ضمن حديثه مع هسبريس: “المفتشون يقومون بالمراقبة في مؤسسات إنتاج المواد الغذائية، وفي مؤسسات التسويق والتخزين وعند الاستيراد والتصدير، وكذلك عند نقاط البيع، وفي المطاعم الجماعية عن طريق لجان مختلطة.

وهذه العملية هي من أجل ضمان السلامة الصحية للمنتجات الغذائية، أي إن الإنسان يمكنه أن يستهلك المواد الغذائية الخاضعة للمراقبة دون أن تلحق ضررا بصحته”.

وأردف المتحدث ذاته: “هذه العملية تتم من المواد الأولية إلى المنتج النهائي، وتمر من عدد من المراحل، كلٌّ منها لها معاييرُ قانونيةٌ منصوص عليها في النصوص التنظيمية الجاري بها العمل، التي يعتمد عليها المكتب الوطني ليحدد هل المادة غذائية صالحة للاستهلاك أو غير صالحة؟”.

المنتجاتُ الحيوانيةُ وذاتُ الأصلِ الحيواني هي الأخرى من الموادِ سريعةِ التلوثِ، وتكمنُ خطورتها في إمكانيةِ نقلِ بعضِ الأمراضِ إلى الإنسانِ، من قبيلِ داءِ السُلِ، وهو ما يتطلبُ مراقبةً مكثفةً، لكن رغمَ ذلك تنتشرُ الذبيحةُ السريةُ وسطَ تحذيراتِ مهنيينَ من تناميها، وحديثِ عن إقبالِ أصحابِ بعض المطاعمِ عليها.

وفي هذا الإطار قال أحمد العلام، رئيس المصلحة البيطرية الإقليمية لمولاي يعقوب، التابعة للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، إن “الهدف من مراقبة المجازر المعتمدة والمرخصة هو حماية المستهلك من عديد من الأمراض التي من الممكن أن تنتقل من اللحوم للمستهلك، مثل مرض السل ومرض الحمى المالطية والأمراض الطفيلية، وأمراض عديدة أخرى”، مؤكدا أن “العملية تتم عبر مرحلتين أساسيتين الأولى قبل عملية الذبح ثم بعدها”.

تبقى المسؤوليةُ ملقاةً على المستهلكِ الذي لا بد أن يكون واعيًا بسلامةِ ما يدخلُ جوفَه، والتأكدِ من خضوعِ كل ما يقتنيه للمراقبةِ الضروريةِ واللازمةِ حتى لا يتسبب في هلاكه.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 4 أسابيع | 5 قراءة)
.