التضامن مع فلسطين يدفع إسرائيل إلى تحذير مواطنيها من السفر للمغرب‎

في إطار الاستعدادات الجارية لاستقبال عطلة الربيع، أصدر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الخميس، تحذيرات إلى المواطنين الإسرائيليين لتجنب السفر إلى مجموعة من الدول والوجهات بسبب تنامي المخاوف من وجود تهديدات أمنية تستهدف الإسرائيليين في الخارج، مشيرا إلى أن “ارتفاع مستوى التحذير من السفر يعكس تزايد خطر وقوع أعمال إرهابية، والدول التي يجب الإشارة إليها بشكل خاص والتي يجب تجنبها في الوقت الحالي هي المغرب وتركيا والأردن ومصر، بما في ذلك سيناء”.

وذكر التحذير ذاته، الذي اطلعت هسبريس عليه في الموقع الإلكتروني الرسمي للحكومة الإسرائيلية، إلى “إحباط العشرات من الهجمات الإرهابية ضد أهداف إسرائيلية في جميع أنحاء العالم خلال الأشهر القليلة الماضية”، لافتا إلى أن “احتمال وقوع حوادث إرهابية ضد الإسرائيليين واليهود بعد أكثر من خمسة أشهر على الحرب، يبقى مرتفعا للغاية”.

يأتي هذا التحذير في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي طالبت الرباط في أكثر من مناسبة بوقفها والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لسكان القطاع، وكذا استمرار خروج المسيرات التضامنية بشكل شبه يومي، خاصة في رمضان، إلى شوارع المدن المغربية للتنديد بانتهاكات الجيش الإسرائيلي والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني الذي تحظى قضيته بأولوية هامة في السياسة الخارجية المغربية وفي قلوب المغاربة.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} تقديرات أمنية وواحة سلام تعليقا على ذلك، قال جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية بمراكش والصويرة، إن “التحذيرات التي أطلقها مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في هذا الصدد جاءت بناء على معلومات ترجح فرضية أن يشكل سفر المواطنين الإسرائيليين إلى الدول المعنية خطرا عليهم”، موضحا أن “هذه المؤسسة الإسرائيلية ملزمة بتحذير مواطنيها في حال وجود أي خطر أو تهديد إرهابي محتمل على سلامتهم”.

وأضاف كادوش، في تصريح لهسبريس، أن “هذا التحذير لن يؤثر على حركية المسافرين ما بين المغرب وإسرائيل بحكم أن هذه الحركية عرفت من جهة ركودا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي رغم توافد عدد مهم من اليهود إلى المغرب بعد هذا التاريخ.

ومن جهة أخرى، فإن هذه الفترة وما بعدها لا تشهد تنظيم أي مواسم أو مناسبات يمكن أن تشكل فرصة لتوافد يهود إسرائيل على المملكة المغربية”، مُمنيا النفس بـ”عودة الهدوء إلى الشرق الأوسط واستئناف حركية الأشخاص ما بين البلدين بشكل طبيعي”.

من جهته، أوضح البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، أن “تحذير السفر هو إجراء روتيني تصدره عادة الدول بناء على مؤشرات ومعطيات وتحليلات أمنية لتنبيه مواطنيها إلى تشديد الإجراءات المتعلقة بالسلامة والأمن أثناء السفر والتنقل في ظل ظروف معينة، بناء على تقدير موقف أو تقييم تصدره الجهات الأمنية الهدف منه هو تمكين المسافرين من اتخاذ قرار واضح بشأن وجهة سفر معينة”.

وشرح البراق أنه “في حالة التحذير الإسرائيلي لتجنب السفر إلى المغرب مع مجموعة من الدول بينها فرنسا والسويد وتركيا، فإن الجهة التي تستطيع تقديم تقدير موقف أمني موضوعي هي الدولة المغربية، والواقع يؤكد أن المغرب بفضل العمل النوعي للأجهزة الأمنية المغربية بمختلف فروعها، هو اليوم بكل وضوح واحة أمنية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط رغم التداعيات الخطيرة للمواجهات العسكرية في الشرق الأوسط على الأمن البشري لهذه المنطقة”.

تحذيرات سابقة وإجراءات مغربية وسجل الخبير في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، في حديث مع هسبريس، أن “إسرائيل أصدرت بعد أحداث السابع من أكتوبر تحذيرا للسفر يضم قائمة من 80 دولة، بينها دول أوروبية وخليجية وفي شمال أمريكا، وهذا لا يعني بطبيعة الحال انعدام الأمن بشكل كامل في هذه الدول، بل هو إجراء احترازي تقوم به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لتنبيه مواطنيها إلى احتمالية وجود مخاطر نتيجة السياسات الإسرائيلية في الأرض المحتلة”.

وأشار إلى أن “هيئة الأمن القومي الإسرائيلية قامت في أكتوبر من العام 2021 بإلغاء تحذير السفر إلى المغرب بعد عشر سنوات من التحذيرات المتتالية بشكل دوري، وهذا لا يعني توقف زيارات اليهود المغاربة إلى وطنهم الأم طوال تلك المدة أو أن الوضع الأمني في المغرب كان هشا خلال عشر سنوات من التحذير الإسرائيلي”.

وتفاعلا مع سؤال حول علاقة هذا التحذير بتنامي الغضب الشعبي من السياسات الإسرائيلية، أورد البراق أن “مشاهد الحرب الدائرة في قطاع غزة، وبشكل خاص العمليات العسكرية وطبيعة المواجهات المستفزة لمشاعر الشعوب الإسلامية، وبالنظر للتجاوزات الخطيرة التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في حق المدنيين الفلسطينيين، وبشكل خاص النساء والأطفال والعجائز، فطبيعي أن هذه الممارسات يمكن أن تغذي الشعارات الشوفينية والمتطرفة التي ترفع في بعض المظاهرات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني، والتي تقوم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بتحليلها وتقدير موقفها الأمني لإصدار التحذيرات على أساسها”.

وشدد المتحدث ذاته على أن “هذه الشعارات المستوردة غريبة عن سلوك الإنسان المغربي ولا تعكس طبيعة المجتمع المغربي المحب للسلام والمتسامح والمتمسك بقيم التعايش الإنساني”، موضحا أن “الأجهزة السيادية في المغرب تمتلك تقدير موقف واضحا مبنيا على معطيات دقيقة ميدانية، وعلى أساسه سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة، وهو ما أكدته وقائع سابقة”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 4 أسابيع | 1 قراءة)
.