هل تتأثر مكانة حزب الاستقلال بتزايد حدة الصراعات والخلافات الداخلية؟

“قنبلة سياسية” تلك التي انفجرت في قلب حزب الاستقلال على خلفية “تسريب” تسجيل صوتي لنور الدين مضيان، القيادي في الحزب رئيس فريقه النيابي بمجلس النواب، يتحدث فيه بلغة اعتُبرت “غير مقبولة” عن زميلته رفيعة المنصوري، نائبة رئيس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ما دفعها لتضع شكاية ضده أمام المحكمة الابتدائية بطنجة.

تطورات كثيرة حدثت، آخرها زيارة مضيان إلى العيون للقاء الرجل النافذ في الحزب حمدي ولد الرشيد، التي ربطتها مصادر هسبريس بـ”الخلاف مع رفيعة المنصوري”، وبعدها تجميد مسؤوليته في رئاسة الفريق النيابي، وهو ما عدّه متتبعون “ورطة جديدة” سقط فيها الحزب التاريخي ستكون “ضربة موجعة” تنضاف إلى “صفع برلماني في المجلس الوطني” وحادثة “الصحون الطائرة”.

وإذ من المرتقب أن يبدأ التحقيق مع مضيان في غضون الأيام القليلة المقبلة على خلفية الموضوع، فإن محللين لم ينكروا أن “هذا الملف الأخلاقي الذي يكشف الصراعات في جوف الحزب، سيصيبه بأضرار بليغة على المستوى السياسي”، فيما قارب آخرون الموضوع من الزاوية التنظيمية، خاصة “إشراك المرأة سياسيّا في الحزب، بحيث من الممكن أن تهشّم هذه الواقعة بعض التصورات”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} “أضرار بليغة” عبد الحفيظ اليونسي، محلل سياسي جامعي وأكاديمي، اعتبر أن قضية نور الدين مضيان ستصيب الحزب بأضرار بليغة، لكنه أكد ضرورة توصيف ما يحدث لهذا القيادي في حزب الاستقلال بأنه “تصريف لصراع تنظيمي في أفق المؤتمر، لأن هذا السياق مهم جدا لفهم ما يجري”، مضيفا أن “القضايا ذات الطبيعة الأخلاقية تثير حفيظة المجتمع بخصوص البنية الداخلية للأحزاب، لا سيما وأن حزب الاستقلال يصنّف سياسيا كحزب محافظ”.

ومن بين الأضرار التي ستنهك الحزب التاريخي، ذكر اليونسي أن “هذا النوع من القضايا بالذات يمكن أن يكون له أثر جد سلبي على التنظيم في علاقته مع المجتمع ومع الأعضاء والمتعاطفين”، مسجلاً أن “الأثر سيمتدّ ليمسّ الثقة بين أعضاء الأحزاب أنفسهم في مستويات القيادة، سواء الوطنية أو المحلية”، وزاد: “من المتوقع أن يخسر الحزب جراء هذا الملف شخصية سياسية لها وزنها الانتخابي، خصوصاً في منطقة الريف وأيضا كبروفايل متمرّس في العمل البرلماني”.

ولفت المصرح لهسبريس إلى أن “الاستحقاق التنظيمي لحزب الاستقلال عرف تأجيلا بفعل تدبير موازين القوى داخل الحزب ما بعد مرحلة شباط وأيضا مرحلة الدخول في الحكومة”، مودا أن “المبتغى هو الذهاب إلى المؤتمر والحزب على الأقل في توافق حول تدبير المرحلة المقبلة، لكن واقعة الصفعة وقضية مضيان مع المنصوري، امتداد لعدم القدرة على حل خلافات الحزب داخليا، وبالتالي اللجوء إلى العنف والتسريبات، وهذا دليل على أن الحزب ليس بخير نهائيّا”.

“تضرر الاستقطاب” عبد الرحيم العلام، محلل سياسي أستاذ جامعي، قال إن “المواطن صار يميز بين ما هو شخصي وما هو حزبي، وإذا كان هناك تأثير على صورة الحزب، فسيكون جزئيا”، موضحا أن “المغاربة يعرفون أن المؤسسات ليست هي الأشخاص وأنه ليست هناك هيئة حزبية أو مدنية أو نقابية لا يوجد فيها أشخاص من نوع معين”، وزاد: “مع ذلك، هذا لا يعني أن هذا الحزب العريق لن يعاني من هذه المشكلة التي ألمت به”.

وما عده العلام، في تصريح لهسبريس، مفصليا التطرق إليه، هو “التأثير الذي من المحتمل أن ينجم على مستوى تركيبة الحزب”، معتبرا أنه “حين يصبح هناك صراع بين مناضلين داخل حزب سياسي معين، فهذا يؤثر على فعالية أعضائه، فمنهم من لن يعجبه الأمر ومنهم من سيتراجع ومنهم من سيجمد نشاطه، وحتى منهم من يمكن أن تصبح فعاليته التأطيرية ضعيفة، ما سينعكس على نشاطه داخل الحزب”.

ولم يفوّت المتحدث الإشارة إلى “احتمال ضعف الجانب الاستقطابي”، مبرزاً أنه “تماشيا مع ما يحدث، يمكن أن يصبح لدى مجموعة من النساء تخوف من الانخراط في هياكل الحزب”، وقال: “سيكون هناك نوع من التشويش على المنخرطات، ومنهنّ من ستواجه ضغوطات نفسية وعائلية؛ فمن يدعم انضمام بناته لهيئة سياسية ينتظر منها أن تكون فضاء للتأطير بشكل يخلق اطمئنانا، وليس اقتراف أفعال أخلاقية القانون واضح بشأنها”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 4 أسابيع | 4 قراءة)
.