إقبال المغاربة على التعبد في شهر رمضان .. التزام أم عادة اجتماعية؟

يعكس “إلحاحُ” بعض المغاربة على ضرورة فتح المساجد لأداء صلاة التّراويح والعشاء تصاعد نمط جديد من “التّدين الشّعبي” المرتبط بالمناسبات وبعض الشّعائر الدّينية؛ ذلك أنّ الإقبال المتزايد على الفضاءات الدينية وأماكن التّعبد يكثر خلال شهر رمضان، فيما يتراجع في باقي شهور السّنة.

وخلال شهر رمضان، يقبل المغاربة كثيرا على المساجد لأداء الصلوات الخمس جماعة، عكس باقي شهور السّنة، التي تشهد تراجعا في عدد المصلّين.

ويرى البعض في شهر الصّيام “فرصة للاستغفار والتقرب إلى الله بصالح الأعمال والدعوات”، فيما يراه البعض الآخر “من طرق إعلان التّوبة وتفادي المعاصي”.

ومنذ أسابيع، يخوض عدد من النّاشطين حملة قوية على مواقع التواصل الاجتماعي للمطالبة بفتح أبواب المساجد خلال رمضان، موردين أنّ “استمرار إغلاق المساجد، وفي المقابل فتح أبواب المرافق الاجتماعية الأخرى أمام المواطنين، هو شكل من أشكال التعسف على الحقوق الثقافية والدينية لشريحة عريضة من المواطنين”.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} ويرى الباحث في الشّؤون الدّينية سعيد لكحل أن “مظاهر التدين في المجتمع المغربي تكثر، بل تكاد تطغى على سلوك الأفراد، خلال شهر رمضان، وقد تمسّ حتّى أولئك الذين لم يكونوا يؤدون صلواتهم في باقي الشهور أو لا يحافظون عليها”.

ويورد الباحث في قضايا الإسلام، في تصريح لهسبريس، أنه “قبل سنوات كان يُطلق على من لا يصلون إلا في رمضان ‘عبدة رمضان’ أو ‘عبدة الحريرة’، في حين كثرت اليوم أعدادهم، ونجدهم يملؤون المساجد أثناء صلوات الجمعة والتراويح”.

وفي هذا الصّدد، يشرح لكحل أن “للظاهرة أسبابها غير المرتبطة مباشرة بتقديس شهر رمضان الذي يجله المغاربة ويقدسونه، بل هي تعبير عن درجة الأسلمة ونجاح إستراتيجية تيار الإسلام السياسي في أسلمة المجتمع على مستوى التفكير والسلوك والمظاهر”.

وقال الباحث الجامعي إنه ”كما صار الحجاب تجسيدا لهذه الإستراتيجية ثقافة وسلوكا ومظهرا من مظاهر التدين، صار كذلك الإقبال على صلاة التراويح تعبيرا عن تغلغل هذه الإستراتيجية في المجتمع، إلى درجة تولد الاعتقاد لدى عموم المواطنين بأن صحة الصوم لا تتحقق وتكتمل إلا بأداء صلاة التراويح جماعة، التي هي ليست فريضة ولا حتى سنّة نبوية”.

ويقف الباحث ذاته عند مطالب فتح المساجد لأداء التراويح، ويقول إن “هناك أسباب كثيرة وأهدافا سياسية وراء هذه الحملة، رغم الخطر الذي يشكله وباء كورونا على الأرواح وعلى الاقتصاد”، وزاد: “هذه الأصوات ليس هدفها الرئيسي التعبد والتقرب إلى الله تعالى، وإنما لها أهداف سياسية متعددة”.

ويُعدّد لكحل هذه الأهداف في “محاولة إرباك الدولة بالضغط عليها لفتح المساجد وتوفير كل الظروف لانتشار الوباء وتفشيه في المجتمع، حتى تظهر عاجزة عن التحكم في الوضعية الوبائية، ومن ثم تأزيم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ودفعها إلى الانفجار عبر الاحتجاجات والاعتصامات”.

كما يقف الباحث عند الهدف الثّاني، المتمثل في “الاستقطاب الواسع، خاصة للشباب وللناخبين المترددين على المساجد، حيث يتم استغلال الدروس التي تقدم للتأثير إيديولوجيا عليهم”، وزاد: “كل تنظيم يسعى إلى استغلال مناسبة رمضان لإكثار سواد أتباعه ومناصريه”.

ويستطرد المتحدث ذاته: “مهما كانت مراقبة مضامين الدروس الدينية فإن هذه التنظيمات لها من الحيل ما يسمح لها بتمرير رسائلها بكل اطمئنان؛ ذلك أن الدعوة مثلا إلى ارتداء الحجاب وستر البدن واجتناب الاختلاط فيها ما يكفي من الرسائل الخطيرة التي تستهدف الدولة وقوانينها، إذ تصورها لرواد المساجد كأنها كافرة لا تطبق شرع الله ولا تمنع الاختلاط ولا تفرض الحجاب”.

ويعتبر الباحث أن “هذا الخطاب يوحي للمواطنين بأن التنظيمات الإسلامية هي التي تغار على الدين والأخلاق، وهي الأحق بالاتباع والنصرة، سواء في الانتخابات أو في الاحتجاجات”.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 11 قراءة)
.