أنسنة وإبداع وفنون حضارية

الاحتفالية التي تنطلق هذا الشهر في المملكة تحت المسمى العالمي "نور الرياض"، ضخمة ومتعددة، والأهم أنها بمشاركة دولية من خلال فنانين ينتمون إلى 20 دولة، ويشكل الفنانون السعوديون منهم 40 في المائة.

وهذه الفعالية، التي تعتمد على الإضاءة في مخرجاتها الفنية والإبداعية، تقدم فنا عالي الجودة والمستوى، ويدخل - بالطبع - ضمن المخططات الاستراتيجية التي وضعتها القيادة في المملكة عبر تنفيذ محكم لرؤية المملكة 2030.

فهذه "الرؤية" - كما هو معروف - تهدف إلى إعادة البناء السعودي في كل ميدان، بما يتوافق مع متطلبات المستقبل واستحقاقاته، ويسير جنبا إلى جنب مع القدرات التي يتمتع بها السعوديون، والإمكانات التي تتمتع بها البلاد أيضا، فحراك البناء يشمل كل شيء، من الاقتصاد إلى المجتمع والفنون والترفيه والتعليم والثقافة والرياضة.

"نور الرياض" هو، أكبر معرض في العالم لفنون الإضاءة، حيث سيشهد تقديم 60 عملا، ويدخل ضمن فعاليات برنامج "الرياض آرت"، أحد المشاريع الأربعة، التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بمبادرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وهذه البرامج ليست لفترة محدودة، بل وضعت أساسا لتحويل مدينة الرياض، إلى معرض فني مفتوح يمزج بين الأصالة والمعاصرة.

وهذه النقطة مهمة جدا لدى القيادة السعودية، فهي رغم مضيها قدما في عمليات التطوير والتغيير على مختلف المستويات، إلا أنها حريصة في كل مشروع على المحافظة على المعايير التي تستند إلى الأصالة والموروث الثقافي للبلاد عبر تاريخها القديم والحديث، وهذا ما يرفع حقا من اهتمام العالم بهذه التحولات، خصوصا تلك التي ترتبط بالجوانب الفنية والثقافية والتاريخية.

الأعمال الفنية التي ستقدم في احتفالية "نور الرياض"، تتضمن بصورة خاصة جوانب تاريخية وهندسية وضوئية، فضلا عن منحوتات، وعروض للإضاءة، واللافت أن هذه الاحتفالية تتضمن سلسلة من الفعاليات، ما يجعلها متنوعة وكبيرة تستقطب الاهتمام على المستوى العالمي.

ومن أهم هذه الفعاليات معرض "نور على نور"، الذي يعد أكبر معرض فني جماعي يرصد الحركة الفنية في مجالات الإضاءة، منذ ستينيات القرن الماضي إلى اليوم.

والمسألة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تتركز أساسا في تحويل مدينة الرياض إلى معرض فني مفتوح، وهذا أمر نادر على الساحة العالمية، إلا من بعض المدن الصغيرة هنا وهناك.

الهدف الأهم، هو تنفيذ أكثر من ألف عمل ومعلم فني من إبداعات الفنانين السعوديين والأجانب، ليحتل المشروع قائمة أكبر المشاريع من هذا النوع في العالم.

هذه الاحتفالية وما يرتبط بها، تجسد - في الواقع - الدعم السخي وغير المحدود للفنون بمختلف أصنافها، من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي وضع الثقافة والفنون ضمن أدوات البناء الاستراتيجي للمملكة، وفي إطار ما تستحقه البلاد في هذا الميدان الفني والإبداعي والإنساني.

فمثل هذه المشاريع، توفر الساحة الملائمة للتبادل الفكري والثقافي، كما أنها تسهم في إحداث تطور حتى في الآليات والإبداعات، فمن دون التشارك في هذا المجال، تبقى حتى الفنون قاصرة ومغلقة في محيطها، بصرف النظر عن جودتها ومستواها.

فالاحتفالية ليست مكانا لتقديم الإبداعات فقط، بل هي مكان أيضا لورش العمل، وجلسات النقاش، والعروض والجولات، فضلا عن برامج التطوع التي تسهم هي الأخرى في تنمية مدارك المتطوعين، إضافة إلى الفعاليات السينمائية والموسيقية المصاحبة.

"نور الرياض" ميدان للفن وروابطه وعلومه والتلاقي الإنساني والإبداعي والثقافي.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 3 سنوات | 96 قراءة)
.