وقفات ذات معنى

قياس التغير التنموي الذي تشهده المملكة في الوقت الحاضر ليس بالأمر الصعب، لأن المشاهد تحكي عن نفسها والإنجازات تعبر عن نفسها أمام عينيك سواء عند سفرك بين مدن المملكة أو رحلتك إلى مقر عملك أو تسوقك داخل المدينة أو نزهة عائلية في أحد أرجائها المتنوعة.

بدءا برحلة العمل، الشوارع اليوم ليست كشوارع الأمس من حيث حركة المرور ودرجة الالتزام بأصول السلامة لقيادة السيارة سواء من حيث السرعة أو الالتزام بالمسارات أو عدم تجاوز الآخرين للاقتراب من إشارة المرور استعدادا للانطلاق الجنوني أو تراكم السيارات والوقوف الخاطئ أمام المحال التجارية.

لا شك أن الصرامة في تطبيق الأنظمة وإدخال التقنية في عملية ضبط المخالفات أحدثا تغييرا كبيرا في عدد الحوادث والوفيات، وأسهما في رفع الوعي المروري عموما ومراعاة حقوق مستخدمي الطريق خصوصا، علاوة على نظافة الشوارع وخلوها من "البركسات" التي كانت تشوه جمالية الشوارع.

ومن المشاهد التي تراها وتثلج صدرك - أيها القارئ الكريم - زيادة المتنزهات والميادين الجميلة المخصصة لممارسة رياضة المشي في عدد كبير من الأحياء.

وعند القيادة بعيدا عن الأحياء السكنية على مخارج المدينة ستواجه مظاهر مبهرة، وفي مقدمتها مشروع متنزه البحيرات بجنوب الرياض على طريق الحائر – حوطة بني تميم.

فقد حول هذا المشروع أراضي صحراوية جرداء إلى حدائق غناء تسر الناظرين، ويهدف إنشاء هذا المشروع الترفيهي والجمالي، إلى توسيع الخيارات أمام العائلات للتنزه في أماكن جديدة وراقية، والتمتع بالمسطحات المائية، والرحلات المائية، إلى جانب زيادة الجذب لمدينة الرياض، وعند الانتهاء من هذا المشروع ستتوافر بعض الفنادق ومراكز التسوق ومدينة ألعاب مائية، علاوة على مسطحات خضراء وقنوات مائية.

وهذا يعكس التنمية الحضرية التي تشهدها مدينة الرياض وسائر مدن المملكة، ويعكس أيضا الجهود الحازمة والصارمة لمكافحة الفساد واستعادة الأراضي الحكومية لتكون منفعتها للمجتمع.

ولاكتمال التنمية في منطقة البحيرات، أتمنى العمل السريع لتحسين انسيابية الحركة المرورية على طريق الحائر بدءا من الطريق الدائري الجنوبي وانتهاء بمتنزه البحيرات، مع النظر في نقل سجن الحائر إلى مكان مناسب أو زحزحة الطريق السريع بعيدا عنه.

من جهة أخرى، تسلك طريق مكة المكرمة عن طريق "القدية"، فترى حركة البناء الجادة لإنجاز مشروع القدية الترفيهي الذي سيخدم غرب مدينة الرياض والمدن الصغيرة المجاورة، إضافة إلى زيادة الجذب لمدينة الرياض من مناطق المملكة والدول المجاورة كافة.

وتتجه إلى الشمال الشرقي في اتجاه روضة "التنهات"، لترى المها العربية تعود إلى مواطنها، لا أتخيل أبدا أن أرى المها العربية في روضات مفتوحة كتلك، إنه مشهد يثلج الصدر ويعيد الأمل في نفوس الناس بعودة الصحاري إلى سابق عهدها الذي يتميز بثراء غطائها النباتي وتنوع حياتها الفطرية.

جهود رائعة لمكافحة التصحر تدعمها الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في مختلف مناطق المملكة، ما كان هذا ليحدث لولا إنشاء الشرطة البيئية وممارسة أعمالها قبل شهور، إنه حلم كثيرين يتحقق على أرض الواقع، فشكرا للقيادة الحكيمة والرؤية الرائدة.

هذا الاهتمام بمكافحة التصحر ليس من قبل الجهات الرسمية وشبه الرسمية فقط، بل انتشر الوعي البيئي بين الأفراد والجمعيات الأهلية، وبالمناسبة لقد تشرفت قبل أسابيع بتسلم هدية من جمعية الحلوة الخضراء عبارة عن مجموعة من البذور لنباتات صحراوية متنوعة.

وفي السياق نفسه، نقرأ بين الحين والآخر في الصحف تصريحات للجهات المسؤولة عن الكشف عن الفساد، وتحديد عقوبات رادعة للمتورطين في الفساد بأنواعه كافة دون استثناء، ما أدى إلى الحد من التلاعب بالمرافق العامة والأراضي الحكومية والمال العام.

وأختتم بمشهد معبر ورائع، كنت قبل أيام أمام أحد المستشفيات، واستوقفني موقف مثير، يدعو إلى التأمل والرضا.

رأيت امرأة عجوزا تنتظر أمام باب المستشفى، وما هي إلا لحظات حتى توقفت سيارة صغيرة تقودها بنت في بداية عقدها الثاني، أوقفت السيارة جوار العجوز ونزلت ففتحت باب السيارة ثم قامت بمساعدة العجوز على الصعود إلى مقعد السيارة، ثم رجعت لمقعد السائق، وتحركت سيارتها بسلام.

إنه موقف يذكر.

نفتخر برؤية المملكة 2030 التي يقف وراءها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، والأمير محمد بن سلمان.

لقد أسهمت هذه الرؤية في تمكين المرأة وتوسيع الفرصة أمامها لخدمة أسرتها، ومن ثم الإسهام الفاعل في تنمية وطنها في مختلف المجالات.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 3 سنوات | 24 قراءة)
.