اليمن وحجم السعوديّة.. سورية وحجم «إسرائيل»

اليمن وحجم السعوديّة.

.

سورية وحجم «إسرائيل» اليمن وحجم السعوديّة.

.

سورية وحجم «إسرائيل» في فبراير 28, 2021 818 يمني برس:   يبدو للكثيرين من الذين يتابعون مسارات المنطقة وتطوراتها أن مسار الملف النووي الإيراني يشكل العامل الحاسم في رسم مستقبل المنطقة، وفي هذا جانب من الحقيقة نظرا لمحورية موقع إيران في معادلات المنطقة من جهة، ولمحورية المخاطر التي تترتب على ذهاب إيران خارج الاتفاق النووي وصولا إلى امتلاك سلاح نووي، يزيد التعقيد ويطرح معادلات جديدة، لكن الجانب الآخر من الحقيقة هو أن الملف النووي لإيران لا يختصر حقائق المنطقة ومعادلاتها الجديدة.

  فعندما وقع الاتفاق حول الملف النووي قبل خمس سنوات لم يكن ممكنا تجنّب تداعيات وتأثيرات هذا التوقيع على كل ما يجري في المنطقة، وعلى الأحجام والأوزان المتصلة بقوى كبرى وفاعلة في المنطقة، خصوصا من حلفاء واشنطن، وفي المقدمة “إسرائيل” والسعودية، إذ بدأ تحت ظلال نتائج الاتفاق تعاظم مكانة إيران في الإقليم، الذي ترجم تدحرجا في الانتصارات لسورية وحلفائها، ما جعل “إسرائيل” في ظرف شديد التعقيد والقسوة، سواء على جبهتها مع لبنان حيث نجح حزب الله بالخروج منتصرا من سورية، أو على جبهتها السورية حيث سقط مشروع الإسقاط، وبدأ يظهر تنامي القدرة السورية لمحاكاة معادلات جديدة حول الجولان، وفي ضفة موازية بدأ ظهور الفشل السعوديّ في الحرب على اليمن، وتصاعد تراجع مكانة السعودية على المستوى العربي والإسلامي، في ظل صعود صاروخي لمكانة أنصار الله بما هو أبعد من حدود اليمن لفرض معادلة جديدة في منطقة الخليج.

  الذين تابعوا قرار الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران، يتذكرون أن القضايا التي كانت حاضرة في القرار الأمريكي لم تكن على صلة جوهرية بالملف النووي نفسه، بقدر ما كانت مرتبطة عضويا بالاستجابة لضغوط وعروض ووعود “إسرائيلية” وسعودية، ترجمت نفسها بإضافة عنوانين للملف النووي، هما ملف الصواريخ الباليستية الإيرانية، وملف النزاعات الإقليمية، وهما يختصران القلق السعودي والاهتمام “الإسرائيلي”، وانطلاق واشنطن في ظل الإدارة السابقة للرئيس دونالد ترامب، بأن ترْكَ الأمور على حالها في ظل الاتفاق سيؤدي إلى وضع جديد في المنطقة يكون فيه هذان الحليفان المحوران لواشنطن في ظروف تزداد صعوبة وتعقيدا، وما كتبه الخبراء الأمريكيون عن مخاطر تسليم المنطقة لإيران وحلفائها، وما استنتجه بعضهم من أن التموضع الروسي العسكري، ومن بعده التموضع التركي السياسي، هما من ثمرات ما حققته إيران من نتائج الاتفاق النووي.

  تقارب الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن في ملف الاتفاق النووي يأتي من ثلاثة منطلقات، الأول: فشل رهان إدارة ترامب على دفع الوضع الداخلي في إيران للاهتزاز والفشل في دفع القيادة الإيرانية للتراجع، والثاني: اقتراب إيران من امتلاك مقدرات كافية لتصنيع سلاح نووي، والثالث: العجز عن المواءمة بين المصالح الأمريكية العليا ومصالح وتطلعات الحليفين “الإسرائيلي” والسعودي، ولذلك تذهب الإدارة الجديدة نحو رسم مسافة عن القيادتين “الإسرائيلية” والسعودية من جهة، وحصر مسؤوليتها نحوهما بالحماية، فيما يبدو الوضع في اليمن ذاهبا بعكس ما ترغبه السعودية، والوضع في سورية ذاهبا بعكس ما ترغبه “إسرائيل”، رغم محاولات واشنطن للتقدم بحلول تعتقد بوسطيّتها، لا يبدو أنها تلقى قبول حليفيها من جهة، ولا ثقة مَن عاملتهم كأعداء في سورية واليمن، ما يضع الأمور في نصاب مسارات متوازية، إيران تربح جولة العودة الأمريكية إلى الاتفاق النووي، و”إسرائيل” تخسر معركة سورية، والسعودية تخسر معركة اليمن.

  *ناصر قنديل – كاتب لبناني 818 شارك السابق بوست القادم بوست قد يعجبك ايضا

اليمن      |      المصدر: يمني برس    (منذ: 3 سنوات | 38 قراءة)
.