الكوارث .. هناك مستفيدون 

  الخسائر التي تتركها الكوارث الطبيعية على الاقتصاد العالمي كبيرة وضخمة، وتعد من أكبر المخاطر التي تهدد البشرية، وهي ترتفع من عام إلى آخر، بمعنى أنها متنامية.

ويعد العقد الماضي الأسوأ من حيث الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية، التي بلغت مليارات من الدولارات على مستوى العالم، ما يعزز حقيقة أن التحولات المناخية حقيقية، على عكس رؤية بعض الجهات أنها ليست كذلك، بل هناك من يعد أن هذه التحولات السلبية لا وجود لها أصلا.

الكوارث تحدث في كل مكان في هذا العالم، ولا توجد منطقة محصنة على الإطلاق، فحتى في المناطق المعتدلة تقع الكوارث بأشكال مختلفة، الحرائق والفيضانات والبراكين والأعاصير والعواصف، وغير ذلك من الكوارث التي لا تتسبب في الخسائر المالية الكبيرة، لكنها تحصد أرواح الناس، على الرغم من كل الإجراءات التي تتخذ من قبل السلطات في هذا البلد أو ذاك، لحماية السكان، وتأمين الأدوات اللازمة لهم لحماية أنفسهم من أي كارثة طبيعية تضربهم.

الخسائر المالية الناجمة عن الكوارث الطبيعية التي ضربت مناطق من العالم، بلغت أكثر من 215 مليار دولار، مرتفعة من 166 مليار دولار في عام 2019، وهذا الارتفاع خطير للغاية، ويعني أن طبيعة الكوارث تمضي إلى الأسوأ، وأن عددها يرتفع أيضا.

ففي الولايات المتحدة وحدها، بلغت الخسائر المادية في العام الماضي أكثر من 100 مليار دولار، ووصل عدد الكوارث الضخمة في العام ذاته إلى 22 كارثة مرتبطة بالطقس والمناخ.

وهذه كلها متصلة بصورة مختلفة بالتحول المناخي الخطير الذي يشهده العالم منذ عقود.

وتولي المنظمات المعنية بالبيئة وحمايتها هذا الجانب أهمية كبيرة، وتعلق أيضا آمالها على العوائد الإيجابية الناجمة عن اتفاق باريس العالمي للمناخ، الذي تم التوصل إليه قبل عدة أعوام.

ومن بين الكوارث الأعلى تكلفة، تلك التي حدثت في الولايات المتحدة، من بينها إعصار "لورا"، الذي أدى وحده إلى خسائر فاقت 13 مليار دولار.

ووفق الدراسات الحديثة، فإن نحو 35 مليون منزل في الولايات المتحدة، باتت معرضة لخطر كبير نتيجة الكوارث الطبيعية.

هذا الوضع ليس أقل خطرا في مناطق أخرى من العالم، ورغم ضربات الكوارث المختلفة، وما تنشره من خسائر وآلام حقيقية بين أولئك الذين عانوها، إلا أن هناك من يرى فرصا اقتصادية في هذه الكوارث، في مقدمتها، أنها تدفع إلى تحسين وجود وأداء المؤسسات والشركات المتضررة، في أعقاب تعرضها لهذه الكوارث، بما في ذلك خروج بعض الشركات غير المجدية، أو تلك التي تعاني خسائر، قبل إصابتها بهذه الكوارث من السوق.

بمعنى آخر، تصفية الأعمال غير الناجحة، ومحاولة الشركات استثمار هذه الكوارث لمصلحتها وتحسين إنتاجها وإيراداتها ودخولها وأيضا التوسع في نطاق نشاطاتها وأعمالها.

في هذه الحالة، سيرتفع متوسط الإنتاجية لاحقا لكل الشركات التي تعود إلى العمل في أعقاب المحن.

لكن هذا الأمر ليس ثابتا في كل الحالات، فهناك مؤسسات وشركات ناجحة بالفعل تضطر للخروج من السوق بفعل فداحة الكوارث التي تتعرض لها، بمعنى آخر، أن التأثير الاقتصادي للكوارث قد يكون مختلطا في كثير من الأحيان، وفق بعض المراقبين.

وفي كل الأحوال، الكوارث تحمل معها مصائب ومشكلات كبيرة، وتضيف أعباء على كاهل البشر، فحتى شركات التأمين التي تكون من أكبر الخاسرين في حالة الكارثة، ترفع رسومها على الجهات المؤمنة لديها، وتكون بالتالي أعباء مالية مفاجئة على الجانبين الفردي والمؤسسي.

النقطة الأهم في كل هذا، أن تكون للعالم القدرة على استشراف الكوارث الطبيعية قدر الإمكان، واستثمارها بطريقة أخرى مباشرة أو غير مباشرة في عالم اليوم الذي يبحث عن الاستثمارات في كل الاتجاهات والجوانب الممكنة، وأن تتوافر لديه الآليات والأدوات لتقليل آثارها الكارثية في كل الميادين، وكذلك أن تلتزم الدول بالقواعد والقوانين الدولية الخاصة بحماية البيئة، فضلا عن أهمية التعاون الدولي المباشر في هذا المجال الحيوي والمعيشي والاقتصادي والاجتماعي.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 3 سنوات | 27 قراءة)
.