تايمز: هل يمكن أن يصبح بوتين صانعا للسلام في الشرق الأوسط؟

تساءل الكاتب روجر بويز عن إمكانية أن يصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صانعا للسلام في الشرق الأوسط، وقال في مقاله بصحيفة تايمز () البريطانية إن بوتين ينصب فخا للولايات المتحدة، وهو يسعى لزعزعة تحالفات إيران في المنطقة.

وذكر بويز أن الكرملين كان لأكثر من نصف قرن يتعامل مع أسرة الأسد في سوريا، أولا مع حافظ الأب، ثم مع ابنه بشار.

وعلق بأنها علاقة مختومة بالدم، ولا أحد يشك في أنه إذا أطيح ببشار غدا فإن بوتين سيكون هو حاميه من المحكمة الجنائية الدولية والأعداء الآخرين.

ومع ذلك، يرى الكاتب أن العلاقات بين بوتين والأسد لا تفسر تماما الأحداث الغامضة الأخيرة.

وضرب مثلا بالتوسع السريع للقاعدة الجوية العسكرية الروسية في حميميم بمحافظة اللاذقية معقل الأسد، وهو توسع يمكن الروس من التعامل مع القاذفات الإستراتيجية.

وتساءل متعجبا "من يحتاج إلى قاذفات إستراتيجية في وقت كانت فيه الحرب الأهلية في أهدأ حالاتها منذ عقد؟".

وعلق بويز بأن ما يبدو عليه الأمر هو أن بوتين يوسع دوره كلاعب قوي في الشرق الأوسط مستغلا الفجوة التي خلفها انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.

وعاد الكاتب بالذاكرة إلى فترة ما بعد نهاية الحرب الباردة عندما أوضح يفغيني بريماكوف -المستعرب الذي عمل في التسعينيات رئيسا للمخابرات الروسية ووزيرا للخارجية ورئيسا للوزراء- أن السؤال الأساسي لروسيا لم يكن ما إذا كانت ستصبح جزءا من أوروبا أم لا، بل بالأحرى كيف تتغلب على الهيمنة الأميركية وتعارضها.

ما يبدو عليه الأمر هو أن بوتين يوسع دوره كلاعب قوي في الشرق الأوسط مستغلا الفجوة التي خلفها انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.

وكان ذلك -وفق الكاتب- يعني إنشاء تحالفات عملية ومنع تقدم الولايات المتحدة إلى ما يمكن اعتباره مجال نفوذ روسيا الطبيعي، وقبل كل شيء تحديد نقاط الضعف لأميركا.

وفي عهد بريماكوف رسخت روسيا نفسها كمصدر كبير للأسلحة، وركزت بقوة على البلدان التي أزعجها وجود جيش بري أميركي ضخم في العراق، والآن فإن بوتين يأخذ صفحة من كتاب معلمه الراحل عندما استثمر دعمه العسكري للأسد بوجود دائم في سوريا.

وألمح الكاتب إلى أنه عندما تصبح سوريا في سلام أخيرا سيكون لروسيا دور أكبر في الأزمات المختلفة في شرق البحر المتوسط، وستتحدى موسكو طموحات تركيا في أن تكون القوة الحاسمة في الشرق الأوسط.

وأشار إلى أنه في عام 2007 أرسل بوتين بريماكوف إلى دمشق ليستطلع ما إذا كان هناك مجال لسلام في الشرق الأوسط تقوده روسيا، وكان الأسد بالفعل في محادثات حذرة مع إسرائيل بشأن مرتفعات الجولان بوساطة تركية ولم تسفر عن أي شيء، وظلت الفكرة تراود بوتين وكانت حساباته: ماذا لو أمكن إقناع إيران بمغادرة سوريا وفي المقابل تتخلى إسرائيل عن الجولان؟ وأضاف أن هناك شيئا ما، وهو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -الذي يواجه انتخابات أخرى الشهر المقبل- من المحتمل أن يرى جاذبية انضمام سوريا إلى صفوف الدول العربية الأخرى التي تسعى إلى توثيق العلاقات مع إسرائيل، وهذه ستكون خسارة مدمرة لوجه النظام الإيراني.

وبحسب الكاتب، يستطيع نتنياهو قراءة ما بين السطور، فالأسد غاضب من الوجود الإيراني المتهور ولم يعد بحاجة إليه، وقد سمحت روسيا للطائرات الإسرائيلية بقصف وكلاء إيران في سوريا، وهذه إشارة بالتأكيد إلى أن بوتين يتعاطف مع انسحاب إيراني.

واختتم الكاتب مقاله بأن بوتين ينتظر فرصة ما وإن كانت بعيدة الاحتمال، وهي أن يكون صانعا للسلام في المنطقة.

الوكالات      |      المصدر: الجزيرة    (منذ: 3 سنوات | 8 قراءة)
.