أحزاب الشقاق
قرأت في خبر ورد على إحدى الجرائد الإلكترونية خبرا مفاده أن هناك معركة طاحنة داخل حزب الإتحاد الدستوري و الذي يتخذ من رمز الحصان رمزا له و ذلك إثر بلاغ أصدره أمينه العام الحالي السيد محمد ساجد ليجد ردا أخر من قيادة معارضة له في المجلس الوطني و تنطلق معركة حامية الوطيس بين الأمين من جهة و مجلس حزبه الوطني من جهة .
.
.
لنستذكر بذلك نموذجا من نفس المشاهد مرت علينا من خلال كل الأحزاب المغربية إبتداءا بموقعة بنكيران و العثماني التي مزقت الحزب الذي يشهد تراجعات و انقسامات حادة كان أخرها على إثر توقيع أمينها العام و رئيس الحكومة لاتفاق عودة العلاقات مع دولة إسرائيل و من وراء حزب العدالة التنمية.
.
.
وصولا لمعركة جلت للناس في حزب الأصالة و المعاصرة الليبرالي الذي قيل عنه يوم تأسيسه بأنه حزب الدولة أو القصر ليتم إلصاق الصفة بعدها بحزب الأحرار بقيادة عزيز أخنوش.
.
.
في حزب الأصالة و المعاصرة و بعد استقالة أو إقالة إلياس العماري الذي أختار إسبانيا كمنفى له رأينا جميعا نفس المعركة بين المحامي عبد اللطيف وهبي من جهة و حكيم بنشماس من جهة أخرى.
.
ليتكرر المشهد ذاته قبل بضع سنوات بين نزار البركة الوزير السابق و صهر عباس الفاسي الأمين العام الأسبق لحزب الاستقلال و أخر وزير أول في المغرب و الذي كانت ولايته من أضعف الولايات الحكومية و بين حميد شباط و الذي كان يلقبه رشيد نيني بالسكليس و هو صاحب تصريحات شهيرة و لطالما خلقت الحدث و هو نفسه من أختار بعد ذلك تركيا كمنفى اختياري له آنذاك قبل أن يعود مجددا هاته الأيام بعد أن كان أتهم جهات سيادية آنذاك بتعمد إقصاءه من المشهد السياسي.
.
.
و قبل كل هذا المعركة التي أجهزت على حزب الإتحاد الاشتراكي العتيد ما بين أمينها العام الحالي إدريس لشكر من جهة و ما بين محمد اليازغي و المرحوم أحمد الزايدي و التي كانت هي الأخرى مشت بنفس الطريقة.
.
فيما مشت معظم الأحزاب الصغرى على نفس المنوال و بل طال الأمر أحزابا تحسب على معارضي القصر كالحزب الاشتراكي الموحد.
.
مثل هاته الصراعات سواء كانت ناتجة عن إحساس وهمي بالزعامة و لربما تضخم الأنا لدى بعض قادة الأحزاب أو لربما عن قصد كما يروج له أصحاب نظرية المؤامرة من خلال جهة رسمية و غير رسمية تتعمد إبقاء الأحزاب بمنظر متشردم و بشكل لا يستهوي عموم الناخبين و الشباب منهم خاصة مخافة تكوين أحزاب قوية قد تراى فيها جهة ما تهديدا لكيانها و صورتها فإن الأمر يفي بالغرض.
.
فالشباب و أغلب كفاءات المغرب تبتعد عن ممارسة السياسة ابتعادا و تفضل عوضا عن ذلك الدخول في مناطق أخرى من الحياة العامة أو حتى الاكتفاء بالنضال الفيسبوكي بعيدا عن النضال الحزبي الواقعي و هاته إحدى أكبر نقط ضعف ممارسة العمل السياسي و الذي في النهاية أقتحمه انتهازيون و أميون و أصحاب مصالح شخصية و ضيقة فيما فضلت الكفاءات التواري عن الأنظار.
.
و من العجيب أيضا أننا لا نرى مثل هاته الصراعات في الدول المتقدمة حيث تحضر الشفافية بشكل كبير داخل الأحزاب السياسية و بمجرد انتهاء معركة التنافس السياسي بين المتقدمين لرئاسة الحزب.
.
تجد أن المهزوم يهنئ المنتصر بشجاعة فيما هو يتراجع للخلف مقرا بهزيمته السياسية دون مؤامرات و لا دسائس و لا فضائح و لا تجريح.
.
.
و من شدة استعداد هؤلاء الزعماء الخلود في كراسيهم رغما عن أنف الجميع و رغبتهم في تصدر المشهد و نيل المناصب الحزبية و الوزارية فإنه يقدم تنازلات عن أي مبدأ اعتقده ذات يوم و بل هو مستعد للتحالف مع الشيطان من أجل البقاء في الكرسي.
.
.
فكيف بعد كل ما سبق الحديث عن حياة حزبية تنافسية حقيقية؟ إنه مجرد سؤال.