أنتيكوف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة بشأن نزاع الصحراء المغربية

قال أندريه أنتيكوف، الباحث السياسي الروسي المقيم في موسكو، إن التنديد الروسي بالقرار الأمريكي الذي أقر بسيادة المغرب على صحرائه كان موجها إلى واشنطن فقط، معللا موقفه بكون الفترة الرئاسية لدونالد ترامب اتسمت باتخاذ قرارات “مخالفة” للقوانين الدولية.

وأضاف أنتيكوف، في حوار أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية، أن روسيا تتشبث على الدوام بقرارات مجلس الأمن الدولي في هذا الموضوع، موردا أنه لا مانع لدى موسكو من ضم المغرب للصحراء شريطة أن يكون ذلك مبنيا على قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.

وإليكم الحوار كاملا: نددت روسيا الاتحادية بقرار الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب باعتراف واشنطن بمغربية الصحراء، معتبرة أنه “يتعارض” مع القانون الدولي.

ألا ترى أن موقف موسكو “المحايد” إزاء نزاع الصحراء موجه بالأساس إلى واشنطن أكثر مما هو موجه إلى المغرب؟ التنديد الروسي كان موجها إلى واشنطن فقط، لأن الفترة الرئاسية لدونالد ترامب اتسمت باتخاذ قرارات مخالفة للقوانين الدولية، وهو ما وقع بمنطقة الصحراء، خاصة أن القرار الأمريكي بشأن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء جاء بعد أسابيع من التصعيد الميداني، ما جعل روسيا تتخوف من تسبب القرار في إذكاء الخلاف بين أطراف النزاع.

روسيا تتشبث على الدوام بقرارات مجلس الأمن الدولي في هذا الموضوع، فلا مانع لديها من ضم المغرب للصحراء، شريطة أن يكون ذلك مبنيا على قرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة المتخذة خلال السنوات الماضية، باعتبارها الطريقة الوحيدة التي من شأنها استتباب الهدوء في المنطقة؛ ومن ثمة التسوية النهائية للقضية.

#div-gpt-ad-1608049251753-0{display:flex; justify-content: center; align-items: center; align-content: center;} تشهد العلاقات المغربية – الروسية طفرة نوعية منذ الزيارة الملكية إلى موسكو عام 2016، حيث جرى التوقيع على كثير من الاتفاقيات الرامية إلى تشجيع الحركة الاستثمارية بالعاصمتين.

ما مستقبل العلاقات الثنائية في ظل المتغيرات الجديدة المتعلقة بالقرار الأمريكي؟ عرفت العلاقات الثنائية تطورا نوعيا، لا سيما في جانبها الاقتصادي؛ إذ تزايد معدل التبادل التجاري بين البلدين.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المواطن الروسي البسيط يُدرك جيدا بأن الفواكه والخضر المغربية التي تباع في الأسواق والدكاكين ذات جودة عالية، ولا يمكن مقارنتها بأي منتجات فلاحية أجنبية.

وبالإضافة إلى ذلك، يوجد اهتمام متواصل بين الطرفين بخصوص السياحة، حيث يفضل الروس السفر إلى الشواطئ المغربية الدافئة خلال فصل الشتاء البارد، وكذا زيارة الأماكن السياحية والثقافية الفريدة من نوعها بالمغرب، غير أن تلك الأنشطة توقفت بسبب تداعيات الطارئ الصحي، لكنني متأكد من استئنافها بعد عودة الحياة إلى منحاها الطبيعي.

كما يهتم المغاربة بالثقافة الروسية، من خلال الإقبال المتنامي على الأطباق الروسية، والتعرف على الهوية الروسية كذلك.

من هذا المنطلق، أود التأكيد أنه لا توجد خلافات جذرية بين البلدين، وإن وجدت فهي محصورة في المجال السياسي، بالنظر إلى اختلاف الرؤى في تدبير الملفات، لكن الحوار متواصل، لأن المصالح الاقتصادية لا تتأثر بالقرارات السياسية، ضمنها القرار الأمريكي الذي لن يغير شيئا من العلاقات الثنائية.

بدأت روسيا تتحرك بشكل كبير داخل القارة الإفريقية سعيا منها إلى “مزاحمة” الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة التي تعرف تنافسا كبيرا بين الأقطاب الدولية.

ما مدى نجاح التحركات الروسية في إيجاد موقع جيو-استراتيجي فاعل في منطقة حوض البحر المتوسط؟ لا يوجد لدى روسيا أي نوايا لإزالة الولايات المتحدة الأمريكية بشكل كامل من إفريقيا، لكن على القوة الأمريكية العظمى احترام مصالح المنافسين الآخرين، بينهم روسيا التي تحترم أيضا المصالح الأمريكية بإفريقيا.

بالعودة إلى سؤالك، تعمل روسيا على تقوية دورها في حوض البحر الأبيض المتوسط، وهو ما تمثل في تطوير العلاقات الاقتصادية والعسكرية مع مصر، وكذلك مع الجزائر، إلى جانب تعزيز الروابط الاقتصادية مع المغرب.

وتلعب روسيا دورا كبيرا بشأن الأزمة الليبية، عبر تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، ما دفعها إلى استقبال فايز السراج وخليفة حفتر أكثر من مرة.

كما تقوم بإنشاء المركز اللوجستي للبحرية الروسية في السودان، ناهيك عن مبادرات أخرى تسعى إلى تدعيم التعاون مع بقية البلدان الإفريقية بناء على المصالح المشتركة.

استأنفت مجموعة من الفواعل الإقليمية علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل في ظل التطورات السياسية الراهنة، ما قد يسهم في حلحلة الخلاف الفلسطيني – الإسرائيلي الممتد على عقود طويلة.

ما رأيك في الاتفاقات الموقعة بين تل أبيب وعواصم المنطقة؟ بالفعل، تطور إيجابي يكرس أهداف المبادرة العربية الرامية إلى حل القضية الفلسطينية-الإسرائيلية، وهو ما ينسجم مع المواقف الروسية التي ساندت المبادرة العربية على الدوام، دون أي مساس بحقوق الفلسطينيين.

نحتاج إلى إحلال السلام في الشرق الأوسط، وهو ما سيتأتى بتطبيع العلاقات الدبلوماسية، شريطة عدم تجاهل الحقوق الفلسطينية.

يبدو الرئيس الأمريكي الجديد “متوجسا” من موسكو في ما يخص كثيرا من الملفات الدولية، وهو ما تدل عليه التصريحات الأولية للبيت الأبيض إزاء “قصر الكرملين”.

هل تتوقع أن يعود الحوار السياسي الفعال بين واشنطن وموسكو في المستقبل القريب؟ لم ينقطع الحوار، لكن العلاقات الثنائية ما زالت سيئة، فالإدارة الأمريكية الجديدة قد تقوي أواصر الثقة من جديد بين العاصمتين، بعد التصريحات التي تصب في اتجاه تمديد اتفاق “ستارت-3” المتعلق بالأسلحة الهجومية، والتوجه أيضا نحو استئناف الصفقة النووية مع إيران، بسبب الرغبة الأوروبية في استئناف التعاون الاقتصادي معها.

ومع ذلك، توجد خلافات جذرية بين واشنطن وموسكو بخصوص الملفات العالمية، بفعل اختلاف الرؤى التدبيرية بين صانعي القرار السياسي، حيث تعتبر أمريكا نفسها “شرطي العالم”، ما يحتم عليها التدخل في صياغة السياسات الإقليمية، وهو أمر غير مقبول بالنسبة إلى روسيا الساعية لبناء عالم متعدد الأقطاب الاقتصادية.

أرى أنه سيتم زيادة الضغوط السياسية على روسيا في المستقبل، بل قد يصل الأمر من جديد إلى العقوبات، لأن هذا القرار لا يرتبط بالبيت الأبيض، وإنما بالنسق السياسي الكلي للدولة الأمريكية، التي تدبر إشكالات العالم بطريقتها الخاصة، ما يوحي باستمرار تدهور العلاقات بين البلدين.

تسعى روسيا إلى زيادة نفوذها في المنطقة العربية من خلال توظيف لقاح “سبوتنيك V” لإحقاق التقارب بينها وبين العواصم العربية بعدما تم اعتماد اللقاح ببعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

هل يمكن أن يؤدي اللقاح إلى تقريب وجهات النظر بين العرب وروسيا بشأن الملفات الإقليمية؟ روسيا لا تجبر أحدا على استعمال لقاح “سبوتنيك V”، بل يتعلق الأمر بقرار سيادي للحكومات الإقليمية والدولية.

اللقاح يندرج ضمن المقاربة الإنسانية الرامية إلى تعزيز التعاون المشترك ضد التحدي الوبائي المطروح عالميا، ولا يتعلق بأي رهانات سياسية.

وإذا ما وافقت البلدان الأوروبية والعربية على استعمال اللقاح الروسي، فإنه سيؤدي بالتأكيد إلى تحسين العلاقات الثنائية، لكنه لن يساهم في إزالة الخلافات القائمة، بالنظر إلى وجود رؤى سياسية مختلفة حول النزاعات والخلافات، غير أنه لا يتم إجبار أي دولة على استعماله.

المغرب      |      المصدر: هسبرس    (منذ: 3 سنوات | 13 قراءة)
.