النواب يستمع الى خطاب الموازنة العامة

عمان 17 كانون الثاني (بترا) - استمع مجلس النواب في جلسته، اليوم الأحد، برئاسة المحامي عبد المنعم العودات وحضور رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة وهيئة الوزارة، لخطاب الموازنة العامة للسنة المالية 2021، الذي القاه وزير المالية محمد العسعس.

  وقال العسعس، ان موازنة العام الحالي، واقعية في تقديرها للمؤشرات الاقتصادية والايرادات والنفقات، وتتسم بطابع تنموي لا انكماشي، ومستندة الى التحوط في التعاطي مع فرضية استمرار تداعيات الوباء، وضمن سياق التفاؤل الحذر، في ضوء وجود سيناريوهات مختلفة ومفتوحة لتأثير الجائحة، ما فرض إعداد تقديرات الإيرادات والنفقات على فرضيات محددة، وفي مقدمتها عدم العودة إلى سيناريوهات الإغلاقات الطويلة، ولن تتحقق هذه التقديرات دونَ ذلك.

وشدد الوزير على أولوية العمل لخلق الوظائف والنمو الاقتصادي كسبيل وحيد للتعامل مع الانكماش الاقتصادي، من خلال تهيئة الادوات المناسبة، حيث تشكل الموازنة العامة إحدى الادوات الرئيسية لذلك.

واضاف، ان المؤشرات الاقتصادية الرئيسية للعام الحالي، تتجه نحو استئناف النمو في الناتج المحلي الاجمالي ليبلغ بالأسعار الثابتة نحو 2.

5 بالمئة ونحو 3.

8 بالمئة بالأسعار الجارية، في ضوء انحسار العوامل الصحية السلبية الضاغطة على الاقتصاد، لافتا الى أن تقديرات النمو تعتمد على فرضية أن الانكماش الاقتصادي سيتلوه نمو اقتصادي مباشر على شـكل رقـم V أسوة بالعديد من دول العالم، وبالنظر إلى أن الاقتصاد انكمش بنسبة 3 بالمئة في عام 2020، وسينمو بنسبة 2.

5 بالمئة في عام 2021 عن مستواه الانكماشي المسجل في عام 2020، مما يعني عودة الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2021 إلى ما كان عليه في نهاية عام 2019، وهكذا، موضحاً ان توقعات النمو بنسبة 2.

5 بالمئة ليست متفائلة، بل واقعية ومؤلمة، وتشير إلى خسارة الاقتصاد الأردني الفادحة لعامين من النمو.

ولفت الى ان ارتفاع معدل التضخم إلى معدل 1.

3 بالمئة، يعكس أثر الانتعاش والتحسن الاقتصادي وبما يشير الى بدء تعافي المؤسسات والقطاعات الاقتصادية.

وبين ان الموازنة الحالية تضمنت تدابير إصلاحية اهمها، إعادة تصنيف بعض بنود الانفاق الرأسمالي ونقلها الى الانفاق الجاري بما يتلاءم مع طبيعتها الجارية، وترشيد وضبط النفقات العامة، مع المحافظة على الانفاق الاستثماري التنموي، وتعزيز الانفاق على الحماية الاجتماعية، كما تم رصد مبلغ 52 مليون دينار لتحفيز الاستثمار ضمن بند تم استحداثه لاول مرة لهذه الغاية في مشروع القانون.

واشار العسعس، الى تقديرات الموازنة فيما يتعلق بإجمالي الإيرادات للوحدات الحكومية والبالغة نحو 916 مليون دينار مقابل 1197 مليون دينار معاد تقديره عام 2020، حيث يشكل الدعم الحكومي في عام 2021 حوالي 28 مليون دينار من هذه الإيرادات، والمنح الخارجية نحو 63 مليون دينار مقارنة بنحو 25 مليون دينار و 38 مليون دينار في عام 2020 لكل منهما على الترتيب.

كما قدرت الموازنة الحالية، إجمالي النفقات للوحدات الحكومية بنحو 1350 مليون دينار موزعاً، بواقع 996 مليون دينار للنفقات الجارية و507 مليون دينار للنفقات الرأسمالية، وذلك مقارنة مع إجمالي نفقات بلغ 1344 مليون دينار معاد تقديره لعام 2020 ، وبذلك يبلغ الارتفاع المسجل في إجمالي النفقات للعام الحالي حوالي 159 مليون دينار مقارنة بعام 2020، وقد جاء هذا الارتفاع نتيجة لزيادة النفقات الجارية بمقدار 32 مليون دينار وارتفاع النفقات الرأسمالية بمقدار 128 مليون دينار.

واضاف، قدرت الموازنة صافي العجز قبل التمويل لجميع الوحدات الحكومية بحوالي 587 مليون دينار مقابل 146 مليون دينار معاد تقديره في عام 2020، وإذا ما تم استبعاد عجز كل من سلطة المياه وشركة الكهرباء الوطنية المقدر بنحو 618 مليون دينار، فإن صافي العجز يتحول إلى وفر مقداره 31 مليون دينار.

وتالياً نص خطاب الموازنة: اسمحوا لي بداية أن أتوجه إلى حضراتكم بالتهنئة والتبريك على ما استحقيتموه من ثقة شعبية حملتكم أمانة المسؤولية في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن والعالم.

 وإنكم أهل لها بعون الله وتوفيقه، داعيا إياه جل وعلا أن يوفقنا وإياكم لما فيه خير وطننا الغالي، وأن نكون جميعا محلا لثقة جلالة القائد الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم حفظه الله وأعز ملكه.

وأستهل خطابي مقتبسا مما تفضل جلالته بالتوجيه إليه من على منصة مجلسكم الكريم منذ أسابيع: " فليكن انتماؤنا عملا وعطاء وإنجازا، ليبقى الأردن قويا عزيزا، وتبقى هاماتكم مرفوعة ".

إننا إذ نقف اليوم أمام مجلسكم الموقر لنؤدي استحقاقا دستوريا لنعرض على حضراتكم مشروع موازنة قد تكون هي الأصعب، جاءت في ظروف هي الأكثر استثنائية، وفي حالة عدم يقين تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي، والتي تتزامن مع استعداداتنا للاحتفال بمئوية مملكتنا الحبيبة التي عرفت كل أشكال الأزمات وأعتاها على مدى القرن الماضي، وخرجت منها كما ستخرج دائما شامخة عزيزة، بعون الله ثم بحكمة قيادتها الهاشمية وإخلاص النشميات والنشامى من شعبها الأبي.

سعادة الرئيس، حضرات النواب المحترمين ،لقد مر الأردنيون في عام 2020 بامتحان غير مسبوق لقدرتهم على الصبر والتحمّل والمنعة، ورغم صمودهم، إلا أن التكلفة على أوضاعهم الاقتصادية وعافيتهم كانت قاسية، فكم من شاب دخل في معاناة البطالة، وكم من رب عمل استدان ليسدد رواتب موظفيه، وكم من رب أسرة لم يجد في جيبه ما يحقق فيه طموح عائلته، وكم من عائلة فقدت أحبّتها في الجائحة وسهرت قلقة على صحة من أصيب فيها.

فندعو الله لمن فقدناه بالرحمة ولمرضانا بالشفاء.

لقد كان هذا العام زاخرا بالتحديات، وعانينا كأردنيين الكثير جراء ذلك، كما عانت باقي البشرية، وتعرض الأردنيون لضغوط نفسية هائلة، وحملوا مشاعر الخوف والقلق خلال هذه الفترة العصيبة، وتعرضت العلاقات الاجتماعية لاضطرابات عميقة لم تكن أقل ضررا من العواقب الصحية للجائحة.

والمطلوب منا جميعا اليوم عمل ما يلزم للخروج من هذه الازمة بالحد الأدنى من النّدوب، رغم حالة عدم اليقين التي تلقي بظلالها على الاقتصاد العالمي هذا العام.

إن الاردن - بإذن الله - عصي على التحديات، يخرج منها أكثر قوة وعزيمة، يعبر الأزمات يعجم بها عوده، وكما قال سيدي صاحب الجلالة في خطاب العرش السامي: " ومن يعرف تاريخ هذا الوطن، يقف إجلالا واحتراما لمسيرته، التي كانت على مدى مئة عام، شامخة وصلبة كجبال الأردن، الذي بني بسواعد أبنائه وعزيمة وتضحيات الآباء والأجداد وكتبوا قصة نجاح اسمها الأردن، فسلام على الأردن وشعبه العظيم".

سعادة الرئيس، حضرات النواب المحترمين ، يتزامن تقديم هذين المشروعين مع وضع غير مسبوق لأداء الاقتصاد العالمي في ضوء التداعيات الناجمة عن جائحة كورونا، حيث ما زالت الاقتصادات تعاني من وطأة الانكماش والتراجع الاقتصادي والتي ما انفكت تضغط على معدلات النمو وتبقيها دون مستوياتها الطبيعية.

وكما كان تأثير الجائحة أشد على المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، فقد كانت التبعات الاقتصادية للجائحة أشد على الاقتصادات التي تعاني من تشوهات مالية مزمنة ومحدودية الحيز المالي.

فلقد أتت هذه الجائحة والاردن يعاني من تحديات اقتصادية هيكلية مزمنة وظروف إقليمية قزّمت النمو، وبالتالي لم يتمكن القطاع الخاص من خلق ما يكفي من وظائف للشباب الاردني الباحث عن عمل، فارتفعت البطالة، وسيطرت فاتورة الرواتب والتقاعد وخدمة الدين على الموازنة، وهبط الإنفاق الرأسمالي مما أثر سلبا على البنية التحتية، ولم تتوسع شبكة الحماية الاجتماعية بما يفي الحاجة، واتسع حجم الدين العام، واتسعت الاعفاءات الضريبية والجمركية دون مراجعة لفائدتها حتى أصبحت تساوي حجم العجز الاولي والذي يفوق المليار دينار، وتعددت النظم الضريبية والجمركية مما ادى إلى تشوه منظومة الايرادات العامة، وبالتالي شكلت الضرائب غير المباشرة مثل ضريبة المبيعات غالبية حجم الايرادات، وهي لا تفرّق بين الغني والفقير، ولم ترق ضرائب الدخل المباشرة والتصاعدية بعدالة إلى سد حاجة الخزينة.

ولا بد من الاقرار باستحالة معادلة خفض الضرائب غير المباشرة ورفع الانفاق على الخدمات وتحسين رواتب العاملين والمتقاعدين ورفع الانفاق الرأسمالي لتحسين البنية التحتية، وفي نفس الوقت خفض العجز والدين حفاظا على الاستقرار المالي إلا باستعادة زخم النمو بمعدلات مرتفعة.

وكان لتداعيات جائحة الكورونا أثرا سلبيا عميقا على اقتصادنا الوطني، الذي سجل ولأول مرة منذ عقود انكماشا في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي.

فعلى الرغم من البيئة الإقليمية المتوترة والأزمات المالية والاقتصادية العالمية، التي كان لها انعكاسات سلبية مستمرة على اقتصادنا خلال العقد المنصرم، وعلى الرغم من تبني الحكومة لخطط اصلاح وضبط المالية العامة خلال السنوات السابقة، إلا ان الاقتصاد استمر في تحقيق معدلات نمو ايجابية، حيث بلغ معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي في العقد الماضي نحو 2.

4 بالمئة بالمتوسط.

وتمكنت الحكومة من خفض عجز الموازنة من نحو 8.

3 بالمئة عام 2012 الى نحو 3.

3 بالمئة في عام 2019، وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على حجم التكلفة الاقتصادية الباهظة لهذه الجائحة.

ومن المهم مراجعة قراراتنا وإجراءاتنا لدراسة ما كان منها ناجحا في حماية الوطن والمواطن، وما كان يمكن عمله للحد من الآثار غير المرغوبة.

إلا أن تشخيص الواقع، وتدارك النتائج غير المرغوبة، لا ينبغي أن يحول دون الإقرار بنجاعة الإجراءات، والتي قلصت حدة الإنكماش، بعيدا عن جلد الذات.

وكانت توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين المعظم للحكومة بتبني إجراءات اقتصادية سريعة تستهدف الأفراد والقطاعات الأكثر تضررا بالأزمة، حتى لا تؤدي هذه الأزمة المؤقتة إلى إلحاق أضرار مستدامة في الاقتصاد، ينتج عنها فقدان الوظائف، وتحول البطالة العابرة إلى هيكلية.

وقد فرضت التطورات المفاجئة على الحكومة العمل على إعادة ترتيب الأولويات وإجراء التعديلات اللازمة على السياسات والبرامج لمواجهة تداعيات الجائحة.

حيث قامت الحكومة باستحداث برامج تضامن (1) و(2) والتي بلغ عدد المستفيدين منها نحو مائة وثمانية الاف مستفيد، ومساند (1) و(2) و(3) والتي بلغ عدد المستفيدين منها نحو أربعمائة وثمانية وخمسين ألف مستفيد، وبرامج تمكين اقتصادي (1) و(2) حيث بلغ عدد المستفيدين منها نحو أربعمائة وتسعة وستين ألف مستفيد، بهدف ضمان الاستقرار المعيشي والوظيفي للعاملين في القطاع الخاص، ومساندة القطاع الخاص في تحمل الالتزامات المترتبة عليه، كما استحدثت الحكومة برنامج حماية الذي بلغ عدد المستفيدين منه حتى الآن نحو ثلاثة وأربعين الف مستفيد.

وقامت الحكومة بتخفيض اشتراكات الضمان الاجتماعي للقطاع الخاص بشكل مؤقت، وتقديم تسهيلات واسعة.

وعمدت الحكومة إلى تأجيل مدفوعات ضرائب المبيعات والرسوم الجمركية لعدد كبير من الشركات والقطاعات.

كما تضمنت القرارات الحكومية الإجراءات المتعلقة بتمديد تراخيص المهن في البلديات وامانة عمان الكبرى، وتأجيل رسوم عوائد التنظيم المفروضة على قطاع الاراضي لحين بيع او اقامة مشاريع بدون فوائد.

وقامت الحكومة بتسديد مبلغ 332 مليون دينار من رصيد المتأخرات والمطالبات المستحقة والبالغة نحو 621 مليون دينار بهدف توفير السيولة وتحفيز الطلب، دون أن يشكل ذلك عبئا إضافيا على الموازنة العامة.

ومع سعينا لحل ما تراكم منها، نعمل على منع تراكم المزيد.

وعلى صعيد إجراءات السياسة النقدية، اتخذ البنك المركزي حزمة من الاجراءات لاحتواء التداعيات السلبية للجائحة على أداء الاقتصاد الوطني.

وتتلخص هذه الإجراءات بالسماح للبنوك بإعادة هيكلة قروض الأفراد والشركات، بالإضافة الى ضخ سيولة إضافية في الاقتصاد الوطني بقيمة 1050 مليون دينار، من خلال تخفيض الاحتياطي النقدي الإلزامي، كما قرر البنك المركزي تخفيض كلف التمويل وزيادة الآجال للتسهيلات القائمة والمستقبلية للقطاعات الاقتصادية، واعداد برنامج تمويلي ميسر لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة بمبلغ 500 مليون دينار من البنك المركزي من خلال الجهاز المصرفي وبكفالة الشركة الأردنية لضمان القروض وتحمل الخزينة العامة لفوائد هذه القروض.

ولأن الدولة هي الحاضنة لجميع أبنائها سواء من يعمل منهم في القطاع العام أو الخاص، وعلى الرغم من صعوبة الأوضاع المالية التي تعاني منها الخزينة، فقد استهلت الحكومة الحالية عهدها بإقرار إجراءات تتضمن تقديم الدعم المالي للعاملين في القطاع الخاص من القطاعات المتضررة وغير المصرح لها بالعمل، لضمان استدامة العمالة في مؤسسات القطاع الخاص والحفاظ على أرزاقها، وضمان استمرار هذه المؤسسات في مسيرة العطاء والتنمية، بالإضافة إلى رفع عدد المستفيدين من برنامج الدعم التكميلي، وصندوق المخاطر السياحية الذي أطلق مع برنامج استدامة.

سعادة الرئيس ، حضرات النواب المحترمين ،تأتي هذه الموازنة استثنائية بسبب الظروف التي أعدت فيها والعوامل المؤثرة في حجمها وتوجهاتها.

والعالم برمّته يواجه تغييرات جذرية متسارعة، وآفاقا غامضة، وعدم وضوح في الرؤية، لم يشهدها منذ الكساد الكبير في عام 1929 أي قبل ما يناهز قرنا من الزمان تقريبا.

فهذه الجائحة ليست كارثة أو أزمة صحية فحسب، بل هي أيضا أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية عالمية كبرى .

لذا، فالحال يتطلب منا جميعا بذل أقصى طاقاتنا لتعزيز قوة ومنعة الدولة الأردنية بمؤسساتها الراسخة لتمكينها من تجاوز التحديات وتحويلها الى فرص، كما هو ديدن هذا الوطن.

ولا بد لنا من الاستفادة من الدروس التي تمخضت عنها الجائحة.

ولا بد من الواقعية والجدية في العمل، واتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات إضافية لتخفيف تبعات الازمة، وتعزيز آليات التضامن والتكافل بين جميع ابناء الوطن ومؤسساته المختلفة، ومن المهم شحذ القدرة التنافسية للصناعات التي تحمل ميزات تنافسية مثل قطاعات المستلزمات الطبية والصناعات الغذائية والصناعات الدوائية والزراعة.

ما زالت الظروف الملازمة لجائحة الكورونا تلقي بظلالها على اقتصادنا الوطني، فبعد أن تحققت بوادر النجاح لخطط التعافي الصحي واحتواء الوباء رغم الآثار السلبية الهائلة التي خلفها الإغلاق الشامل على الحياة الاقتصادية للأفراد والمؤسسات.

إلا أن تسلل الوباء في موجته الثانية، قد مكّن له أن يهدد الأمن الصحي والنشاط الاقتصادي بالتعطل والتقهقر مجددا، ما جعلنا نقف في لحظات حاسمة وفارقة حول أنجع السبل لاستعادة النشاط الاقتصادي وإعادة الامور الى طبيعتها .

وهذا موازي لما شهدته العديد من دول العالم من موجات جديدة للوباء دفعتها لتبني الاجراءات الهادفة لاحتوائه والتي كان لها آثار صحية واقتصادية جسيمة.

فقد بلغ عدد الإصابات بالفيروس على مستوى العالم نحو ثلاثة وتسعين مليون مصاب، ومليوني وفاة.

وعلى الرغم من توقعات صندوق النقد الدولي بأن يبلغ متوسط معدل نمو الاقتصاد العالمي في عام 2021 نحو 3.

5 بالمئة، إلا أن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية لن تكون كما كانت عليه ضمن المستوى المخطط له قبل حدوث الجائحة ، وسيكون لها انعكاسات حادة على مستويات المعيشة ومعدلات الفقر والبطالة، واتساع الفروقات في الدخول بين الافراد، وستحمل سنواتنا القادمة تبعات الجروح العميقة التي ستخلفها هذه الأزمة.

وكسائر دول العالم، تأثر الاردن بانعكاسات الجائحة على الاقتصادات العالمية، وغدت هذه الجائحة تمثل تحديا جديدا يضاف إلى التحديات التي تواجه اقتصادنا الوطني جراء التدابير الحكومية لاحتواء الوباء، خاصة مع تراجع النشاط الاقتصادي لدى أهم شركاء الاردن في التجارة، حيث تراجع حجم التجارة الخارجية الأردنية بنحو 1,440 مليون دينار خلال الشهور التسعة الاولى لعام 2020.

كما أدت الجائحة إلى انتكاسة الانتعاش الكبير الذي سجله قطاع السياحة في عام 2019، وتراجع حوالات الأردنيين العاملين في الخارج في ضوء التأثير السلبي للجائحة على اقتصادات الدول المشغلة للعمالة الاردنية.

وعلى الرغم من أن التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الأردني سيسجل انكماشا بنحو 3 بالمئة لعام 2020، إلا أن هذا الانكماش سيكون ضمن المستويات الأقل عالميا، في ضوء تأثر الاقتصاد العالمي بإجراءات الإغلاق نتيجة لتفشي الوباء.

الأمر الذي تسبب بصدمة مزدوجة لقوى العرض والطلب في العديد من القطاعات في الاقتصاد .

ومن الجدير بالذكر، أن تقديرات صندوق النقد الدولي أشارت إلى أن الاقتصاد العالمي سينكمش بنحو 4.

4 بالمئة في عام 2020، ومن المتوقع أن تسجل اقتصادات الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي والمملكة المتحدة ودول الشرق الاوسط وآسيا الوسطى انكماشا بنحو 4.

3 بالمئة و8.

3 بالمئة و 9.

8 بالمئة و 4.

1 بالمئة على الترتيب.

سعادة الرئيس ، حضرات النواب المحترمين ،لقد تركت هذه الازمة آثارها وندوبها على اقتصادنا الوطني، فبلغت البطالة ما نسبته 22 بالمئة خلال الأرباع الثلاثة الاولى لعام 2020، وهذه مستويات مقلقة وغير مسبوقة، وتشكل الهم الوطني الاول، وتكشّفت الآثار المالية والاقتصادية للجائحة لتظهر تقلص الإيرادات العامة في عام 2020.

فقد تراجعت الايرادات غير الضريبية بنحو 873 مليون دينار عن مستواها في عام 2019 ، وارتفعت الايرادات الضريبية بنحو 257 مليون دينار، والمنح الخارجية بنحو 63 مليون دينار.

وبالتالي تراجعت الايرادات العامة بنحو 553 مليون دينار معاد تقديره او ما نسبته 7.

1 بالمئة مقارنة بمستواها في عام 2019.

ويعزى الارتفاع في الايرادات الضريبية بشكل رئيسي إلى رفع كفاءة التحصيل الضريبي والجمركي، ومكافحة التهرب والتجنب الضريبي وعمل تسويات ضريبية وتوسيع القاعدة الضريبية.

في حين يعود التراجع في الايرادات غير الضريبية بشكل رئيسي لانخفاض حصيلة الايرادات المختلفة، وإيرادات " بيع السلع والخدمات " كتسجيل الأراضي ورسوم جوازات السفر ورسوم تصاريح العمل وطوابع الواردات، وتراجع إيرادات " دخل الملكية " كالفوائض المالية وعوائد الحكومة من مطار الملكة علياء.

ومن المهم أن أشير هنا إلى النجاح الذي حققته الحكومة على صعيد الاصلاحات الضريبية، والذي ساهم في خفض حدة التراجع في الايرادات الحكومية دون أن تلجأ إلى رفع العبء الضريبي على مواطنيها أثناء الجائحة كما فعلت بعض الدول .

سعادة الرئيس ، حضرات النواب المحترمين ،كنا نستهدف في بداية العام الماضي أن نتمكن من تنفيذ المبادرات والمشاريع التي أقرتها الحكومة في موازنة عام 2020، إلا أنه وكما واجهت بقية دول العالم، تغيرت الاوضاع بشكل مفاجئ وجذري مع ظهور الجائحة، مما أدى إلى تراجع الايرادات العامة في عام 2020 بنحو 1360 مليون دينار عن مستواها الذي كان مقدرا في عام 2020.

وأفضت الاوضاع غير المواتية إلى تأجيل تنفيذ العديد من هذه البرامج والمبادرات، وذلك في ضوء تسارع التحديات المتمثلة بمحدودية الموارد المتاحة وعدم استيعابها للتطورات المفاجئة والطموحات والاهداف في آن واحد.

ورغم ذلك، فقد استمرت الحكومة بالوفاء بالتزاماتها الداخلية والخارجية دون إبطاء أو تأخير، في حين لم تتمكن بعض الدول من ذلك، ونجحت الحكومة في تفادي اتخاذ قرارات صعبة ومؤلمة على مستوى الايرادات والنفقات قامت بها بعض الدول.

كما حرصت الحكومة على تأمين التمويل اللازم لأوجه النفقات الأساسية والضرورية، بالتزامن مع إجراءات ضبط الإنفاق العام، وإعادة ترتيب الاولويات دون المساس بنوعية الخدمات المقدمة للمواطنين، فلم تأل الحكومة جهدا أو مالا في مكافحة الجائحة وإنفاق ما يلزم على الرعاية الصحية وحماية قوت المواطنين، حيث ارتفعت النفقات العامة في عام 2020 بنحو 6.

2 بالمئة عن مستواها في عام 2019 ، بواقع 6.

6 بالمئة للنفقات الجارية، و 3.

6 بالمئة للنفقات الرأسمالية.

وبناء على ما تقدم، يتوقع أن يرتفع العجز الاولي إلى نحو 5.

7 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي في عام 2020 مقارنة بنحو 1.

8 بالمئة مقدر له في عام 2020 ، ونحو 2.

3 بالمئة في عام 2019.

وعلى الرغم من ارتفاع عجز الموازنة بعد المنح في عام 2020 إلى نحو 2164 مليون دينار أو ما نسبته 7.

1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع نحو 3.

2 بالمئة من مستواه المقدر في عام 2020 ، وما نسبته 3.

3 بالمئة في عام 2019 ، والذي جاء في ضوء تراجع الايرادات المحلية بسبب الاغلاقات، إلا أن الحكومة استطاعت من خلال اجراءات ضبط النفقات وتأجيل بعض أوجه الإنفاق الأقل أولوية، إلى تثبيت إجمالي الإنفاق العام عند مستوى اقل من مستواه الذي كان مقدرا في عام 2020.

وفي الحقيقة، لم يكن لدى الحكومة بدائل أخرى لمواجهة التطورات الناجمة عن الأزمة وتحمل الكلف والأعباء المترتبة عليها بخلاف ما قامت به من إجراءات، حيث كان الخيار البديل بالتوقف عن الوفاء بالالتزامات الحكومية الداخلية والخارجية، لا قدّر الله، أو الاستغناء عن الموظفين أو تخفيض رواتب القطاع العام، أو رفع الضرائب كما فعلت دول اخرى، وهذا ما كان يحمل في طياته عواقب أكثر خطورة على الاستقرار الاقتصادي والمالي والاجتماعي، ويتنافى مع رسالة الدولة الأردنية المتجذرة والقائمة على حماية الشعب وصون عزته وكرامته.

وفي ضوء هذه التطورات، فسيرتفع إجمالي الدين العام ليصل الى نحو 27 مليار دينار أو ما نسبته 88.

3 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي، مقارنة مع مستواه المقدر في عام 2020 بنحو 25.

8 مليار دينار أو ما نسبته 79.

9 بالمئة من الناتج.

واسمحوا لي هنا ان أنوه الى أمرين هامين، الأول، على الرغم من انكماش الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي، وزيادة عجز الموازنة ومستويات الدين العام بسبب جائحة كورونا، إلا أن رؤية الحكومة المنبثقة عن إيمانها الراسخ والتزامها الثابت بإجراء إصلاحات هيكلية تساعد على التعافي وتحفيز النمو، قد انعكس إيجابا على ثقة المؤسسات الدولية والدول المانحة والأسواق العالمية بالاقتصاد الاردني، مما اتاح للحكومة الوصول للأسواق العالمية، وتسديد نحو 1.

25 مليار دولار من دين الأردن تمثل سندات يوروبوند كانت مكفولة من الحكومة الامريكية واستحقت في تشرين الاول 2020، مما عزز ثقة المستثمرين.

وتؤكد تقارير مؤسسات التصنيف الائتماني وتقرير المراجعة الاولى لصندوق النقد الدولي على ذلك.

حيث أجمعت وكالات التصنيف الائتماني ستاندرد آند بورز وموديز وفتش على تثبيت تصنيفها الائتماني السيادي للأردن على الرغم من التأثير السلبي للجائحة على عجز الموازنة والدين العام، في الوقت الذي شهدت فيه العديد من دول العالم انخفاضات متتالية على تصنيفاتها الائتمانية، حيث أشادت هذه المؤسسات باجراءات المملكة في مجال الإصلاحات المالية والاقتصادية، والإجراءات الحكومية المتبعة في ضبط الانفاق ومنح الأولوية لشبكة الأمان الاجتماعي والصحة والانفاق المتعلق بجائحة كورونا.

كما لفتت الى الجهود الحكومية في مكافحة التهرب الضريبي والجمركي وتحسين الإدارة الضريبية والتي ساهمت بشكل كبير في تخفيف الأثر السلبي لتراجع الإيرادات المحلية.

وفي الوقت الذي كانت فيه المؤشرات تشير إلى محدودية مصادر التمويل، وفي ضوء المتابعة الدقيقة لتطورات اسواق التمويل العالمية، فقد جاء اصدار الاردن لسندات اليورو بوند بقيمة 1.

75 مليار دولار في حزيران الماضي، ليعكس الثقة الكبيرة بالاقتصاد الاردني وبالتزام الحكومة في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، حيث فاق الطلب على الاكتتاب المعروض بنحو 6 مرات، وعليه تمكنت الحكومة من تخفيض نسبة الفائدة على الاكتتاب إلى أدنى المستويات تاريخيا على إصدارات اليوروبوند غير المكفولة.

وتجدر الاشارة الى أن هذا الاصدار جاء للتخفيف من الاقتراض الداخلي، وعدم مزاحمة القطاع الخاص في الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشاريعه من خلال السوق المحلية، وساعدت على عدم إصدار دين داخلي جديد منذ بداية حزيران وحتى نهاية تشرين الأول من عام 2020.

وأما الأمر الثاني، فيتعلق بقيام الحكومة باعتماد منهجية جديدة لاحتساب الدين العام تقوم على توسيع نطاقه، بحيث يشمل الحكومة العامة بدلا من الاقتصار على الحكومة المركزية.

ذلك أن مفهوم الحكومة العامة - الذي يشمل الحكومة المركزية (الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية ) بالإضافة إلى البلديات وأمانة عمان الكبرى ومؤسسة الضمان الاجتماعي والمجالس المحلية - ينظر إليه باعتباره المعيار الإحصائي الدولي المعتمد من قبل المؤسسات المالية الدولية في إعداد تقارير تقييم استدامة الدين العام، مؤكّدا لحضرات السادة النواب المحترمين على أن تبني هذا المفهوم، لن يؤثر على الالتزام التعاقدي للحكومة تجاه المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، حيث لم ولن نتأخر عن الإيفاء بمستحقاتها، وأن العلاقة بيننا هي علاقة مؤسسية استقلالية تحكمها فقط عوامل العرض والطلب في أسواق التمويل، مشددا في الوقت ذاته على استخدام هذا المفهوم لغايات إحصائية وبما يمكن من إجراء مقارنة صحيحة بين الأردن وباقي دول العالم التي تستخدمه بما ينصف الاقتصاد الاردني.

سعادة الرئيس، حضرات النواب المحترمين،تعلمون أن الحكومة قد شرعت في العام الماضي في الاعداد لبرنامج جديد للاصلاح الاقتصادي والمالي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي وهو برنامج تسهيل الصندوق الممتد، أساسه بأن الآفة الأولى التي تهدّد الاقتصاد هي البطالة، وأن الاستقرار المالي والاقتصادي يأتي من النمو، ومن محاربة التهرب الضريبي والجمركي.

وتم التوصل إلى اتفاق مع الصندوق يرتكز على الاصلاحات الهيكلية، ويهدف إلى دفع عجلة النمو المؤدي لخلق المزيد من الوظائف مع الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي دون رفع العبء الضريبي على المواطن، وتعزيز دعم شبكة الامان الاجتماعي ورفع مستوى الشفافية.

ويتميز بأنه جاء وفقا لرؤية وطنية خالصة، تم تصميمه بأيد أردنية دون إملاءات، وتم وضع محاوره وأهدافه ليعبر عن إيمان الحكومة الراسخ بأهمية تعزيز النمو الاقتصادي وخلق الوظائف.

كما يتميز هذا البرنامج بكونه لا يتضمن فرض ضرائب ورسوم جديدة أو زيادة على نسب الضرائب والرسوم الموجودة، كي لا يتحمل المواطن أعباء سياسات الإصلاح المالي، حيث يشمل البرنامج منهجية تعتمد على تعزيز أدوات مكافحة التهرب الضريبي والجمركي وتطويرها، بما يضمن توزيع العبء الضريبي على المكلفين بعدالة.

وقد جاء الاتفاق مع صندوق النقد الدولي حول البرنامج الوطني للاصلاح المالي والاقتصادي كأول برنامج يوافق عليه الصندوق عالميا منذ انتشار جائحة فيروس كورونا، ليؤكد الدعم الدولي للأردن، وثقته بالسياسات الحكومية المالية والاقتصادية، والمصداقية العالية في الوفاء بجميع الالتزامات الداخلية والخارجية.

وتم اجراء المراجعة الاولى لبرنامج تسهيل الصندوق الممتد بنجاح، والتي تأتي كمؤشر إيجابي على متابعة تنفيذ الحكومة للاصلاحات الهيكلية الاقتصادية التي تضمنها البرنامج، حيث أشادت بعثة الصندوق بالإجراءات الصحية والاقتصادية التي اتخذتها الحكومة.

كما انتهت المراجعة إلى قيام بعثة الصندوق بتعديل تقديراتها للمؤشرات الاقتصادية والمالية في ضوء التطورات الراهنة والاجراءات الحكومية، وكان أبرزها تخفيض توقعاتها للانكماش الاقتصادي من - 5 الى - 3 بالمئة في عام 2020، على أن يحقق الاقتصاد الاردني نموا حقيقيا بنحو 2.

5 بالمئة في عام 2021 انعكاسا لتوقع حدوث تعاف تدريجي مع انحسار الجائحة.

وتتوافق توقعات الصندوق - المعروف بتوقعاته المتحفظة - مع تقديراتنا للنمو الاقتصادي والإيرادات المستهدفة في مشروع موازنة2021 والمقدم لحضراتكم.

وفي سياق آخر، وفي ضوء الثقة بالسياسات المالية والنقدية للأردن، وقدرته على تجاوز الصدمات والعودة إلى مسيرة التعافي، فقد استجاب الصندوق، في ذروة الأزمة وفي ظل جفاف منابع التمويل الدولي في بداية الجائحة، لتقديم قرض عاجل وفوري للاردن من خلال أداة التمويل السريع بقيمة 396 مليون دولار، لتلبية الاحتياجات الفورية الناشئة عن جائحة فيروس كورونا، ولتعويض الانخفاض في التمويل الذي نجم عن عدم إيفاء مؤسسات اخرى بالتزاماتها تجاه الاردن في وقت جفت فيه منابع التمويل في الأسواق العالمية.

سعادة الرئيس ، حضرات النواب المحترمين ،على الرغم من حالة عدم اليقين العالمية السائدة حول آفاق الوضع الاقتصادي وتجاوز التداعيات المرتبطة بالجائحة، فلا يسعنا إلا أن ننظر للمستقبل نظرة متفائلة، ولن تتوقف مسيرتنا جراء العواصف التي تسببت بها الجائحة، بما يمكن من تجاوز آثار الأزمة، واستمرار السعي نحو النمو المنشود الغني بخلق الوظائف.

وفي هذا المجال، فقد كانت توجيهات سيدي صاحب الجلالة الهاشمية الملك المعظم للحكومة في كتاب التكليف السامي حول الإجراءات والتدابير اللازمة للتعامل مع تداعيات الجائحة، حيث وجه جلالته بأن ذلك " يتطلب إعدادا مناسبا وواقعيا لموازنة الدولة، بحيث تعكس الإيرادات والنفقات المتوقعة " و " تحقق الكفاءة في إدارة موارد الدولة وضبط الإنفاق " .

وحتى نتمكن من وضع أهدافنا وطموحاتنا موضع التنفيذ، وعلى الرغم من أن تقدير الايرادات والنفقات في ظل هذه الظروف ينطوي على مصاعب ومتغيرات محفوفة بالتحديات، فقد جاءت هذه الموازنة واقعية في تقديرها للمؤشرات الاقتصادية والايرادات والنفقات، مستندة الى التحوط في التعاطي مع فرضية استمرار تداعيات الوباء، وضمن سياق التفاؤل الحذر.

وعليه، فقد جاءت التوقعات للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية لعام 2021 على النحو التالي:أولاً: استئناف النمو في الناتج المحلي الاجمالي ليبلغ بالاسعار الثابتة نحو 2.

5 بالمئة ونحو 3.

8 بالمئة بالأسعار الجارية، في ضوء انحسار العوامل الصحية السلبية الضاغطة على الاقتصاد، مما يضع حدا للانكماش في الناتج المحلي الاجمالي المسجل في عام 2020.

ذلك أن ما يشهده الاقتصاد الوطني منذ بداية عام 2020 هو تبعات اقتصادية لأزمة صحية.

وستنحسر الأزمة الاقتصادية بانتفاء الجائحة، إذا ما استطعنا منع التداعيات الآنيّة من التحول إلى تداعيات هيكلية طويلة الأجل.

وبالنسبة إلى تقييم تقديرات النمو ومدى تفاؤلها، أود أن أؤكد بأن تقديرات النمو تعتمد على فرضية أن الانكماش الاقتصادي سيتلوه نمو اقتصادي مباشر على شـكل رقـم( V ) أسوة بالعديد من دول العالم.

وبالنظر إلى أن الاقتصاد انكمش بنسبة 3 بالمئة في عام 2020، وسينمو بنسبة 2.

5 بالمئة في عام 2021 عن مستواه الانكماشي المسجل في عام 2020، مما يعني عودة الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2021 إلى ما كان عليه في نهاية عام 2019 .

وهكذا، فان توقعات النمو بنسبة 2.

5 بالمئة ليست متفائلة، بل واقعية ومؤلمة، وتشير إلى خسارة الاقتصاد الأردني الفادحة لعامين من النمو.

وأرجو أن أبين بأن توقعات النمو هذه تعتمد على فرضية استمرار النشاط الاقتصادي دون فرض أي إغلاقات، وفي حال تم خلاف ذلك، فلن تتحقق توقعات نسب النمو هذه.

وحيث أن التعامل مع حالة عدم اليقين تشكل التحدي الأكبر الذي نواجهه في التخطيط للموازنة في ضوء وجود سيناريوهات مختلفة ومفتوحة لتأثير الجائحة كظهور الأجيال المتحورة من الفايروس، فقد استندت الحكومة في إعداد تقديراتها للإيرادات والنفقات في موازنة عام 2021 الى فرضيات محددة، وفي مقدمتها عدم العودة إلى سيناريوهات الإغلاقات الطويلة، ولن تتحقق هذه التقديرات دونَ ذلك.

ثانياً: ارتفاع معدل التضخم إلى معدل صحي ومقبول ليبلغ 1.

3 بالمئة ليعكس أثر الانتعاش والتحسن الاقتصادي وبما يشير الى بدء تعافي المؤسسات والقطاعات الاقتصادية.

ثالثاً: نمو الصادرات الوطنية بنحو 6.

5 بالمئة في عام 2021، مع التعافي العالمي من الجائحة.

فالصادرات هي المحرك الأساس للنمو الاقتصادي، وهي وسيلتنا الأساسية لتحسين توزيع عناصر الإنتاج بين القطاعات المختلفة وتعزيز كفاءة الإنتاج وتحقيق اقتصاديات الحجم الكبير في الإنتاج وزيادة الدخل.

لذلك، ستعمل الحكومة على تحفيز نمو الصناعات المحلية عبر رفع تنافسيتها بدلا من حمايتها، من خلال تخفيض كلف الإنتاج على القطاعات لتعزيز فرص تصدير الصناعات والخدمات الى الخارج.

رابعاً: تحسن ميزان الخدمات نتيجة توقع تحسن الحركة السياحية وارتفاع الدخل المتأتي من هذا القطاع جراء التعافي التدريجي من الجائحة.

وإدراكا من الحكومة لأهمية هذا القطاع في رفد اقتصادنا الوطني، فستعمل الحكومة جاهدة لتعزيز منعة قطاع السياحة للخروج من الأزمة الحالية، وإيجاد الحلول لتخفيف الضرر بما يحافظ على المنشآت السياحية ويضمن استمرار فرص العمل في هذا القطاع.

وفي هذا الخصوص، قامت الحكومة مؤخرا بإطلاق صندوق المخاطر السياحية بقيمة 20 مليون دينار.

كما تم تخفيض الضريبة العامة على المبيعات للفنادق والمطاعم السياحية إلى النصف من 16 بالمئة إلى 8 بالمئة في جميع مناطق المملكة، وتقسيط المبالغ المستحقة على القطاع السياحي لضريبة الدخل عن عام 2019 دون غرامات أو فوائد تأخير، وإعفاء جمعيات المهن السياحية من رسوم التراخيص والغرامات المترتبة عليها لعام 2020 ، فضلا عن تحمل كامل كلف وفوائد التمويل الممنوح للمنشآت السياحية لغايات تغطية رواتب العاملين لديها والنفقات التشغيلية.

وتلك أبرز المحطات التي نسردها لحضراتكم على سبيل المثال لا الحصر.

 سعادة الرئيس ، حضرات النواب المحترمين ، وحيث أن المؤشرات الأولية لأساسيات الاقتصاد الكلي اظهرت أن اقتصادنا سيشرع في تخطي تداعيات أزمة كورونا بإذن الله، وفي ظل تلك المعطيات، فإنه من الضروري أن نستعرض أبرز ملامح موازنة عام 2021 ومرتكزاتها بشفافية تامة، وعلى النحو التالي:أولا: اتسمت هذه الموازنة بطابع تنموي لا انكماشي، وهذا في الحقيقة يتوافق مع ما يتطلبه الوضع الراهن للاقتصاد الوطني الذي يعاني من انكماش غير معهود في النمو الاقتصادي، وارتفاع معدل البطالة لمستوى غير مسبوق، وتراجع الطلب الاستهلاكي والاستثماري، ومعدل تضخم صفري، الأمر الذي يشير الى الحاجة الماسة لزيادة الانفاق الحكومي في سبيل تحفيز النشاط الاقتصادي .

فعلى الرغم من اتساع العجز في عام 2020 بسبب الجائحة، ورغم أهمية درء هذه الفجوة، إلا أن الواقع الاقتصادي يحتم علينا أن نتعامل مع الانكماش الاقتصادي بحكمة، وبآلية معاكسة للدورة الاقتصادية، حتى لا يتعمق الانكماش ويتحول إلى واقع مزمن ذو أثر سلبي هيكلي.

ففي مثل هذه الظروف، فإن الأولوية لخلق الوظائف، والنمو الاقتصادي هو السبيل الوحيد لذلك، والموازنة العامة هي إحدى الادوات الرئيسية للتهيئة لذلك.

وعليه، توجهت الحكومة في عام 2021 إلى زيادة الانفاق الرأسمالي على نحو واسع، ورفع مخصصات صندوق المعونة الوطنية وإعادة الزيادة على علاوات الجهازين المدني والعسكري، دون رفع الضرائب والرسوم الحالية أو فرض رسوم وضرائب جديدة.

حيث أن الحصافة الاقتصادية تملي علينا أن نضع منحنى العجز والدين العام على مسار هبوط تدريجي دون الإضرار بفرص النمو وخلق الوظائف .

فلن يتحقق الاستقرار المالي الا بالنمو ومحاربة التهرب والتجنب الضريبي والجمركي.

ثانيا: وحيث أن صحة المواطن وسلامته أولوية قصوى، فإن الركيزة الأبرز تمحورت حول إنفاق كل ما يلزم للحفاظ على حياة المواطن الأردني في ظل المخاطر الصحية المترتبة على جائحة كورونا انطلاقا من الرسالة الهاشمية الراسخة بأن " الإنسان أغلى ما نملك"، ولتحقيق ذلك، فقد تم العمل على توفير المخصصات المالية لتلبية الاحتياجات الملحة واللازمة لمواجهة تداعيات الجائحة.

وسيتم استخدام المبالغ المالية في هذا الخصوص لتحسين واقع النظام الصحي ورفع جاهزيته والارتقاء بمستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.

ومما يجدر الإشارة إليه في هذا المجال، أن هذه الحكومة وجدت نفسها أمام مسارين في ظل الموجة الثانية لفايروس كورونا، إما العودة إلى الإغلاقات الواسعة والتي لجأت اليها دول عديدة، والتي لا يمكن أن يتحملها الاقتصاد الوطني، وستؤثر بشكل هائل على قوت وأرزاق المواطنين، أو الإيفاء بالواجب الأخلاقي للحكومة بتوفير أسرة الرعاية الصحية لمن يحتاجها.

لذلك، قامت الحكومة بالتعاقد السريع لبناء ستة مستشفيات ميدانية، ثلاثة تابعة لوزارة الصحة، وثلاثة تابعة للخدمات الطبية الملكية، وريثما اكتمل بناء وإعداد هذه المستشفيات في زمن قياسي استغرق شهرا ونصف، قامت الحكومة بجسر هذه الفجوة الزمنية باستئجار مستشفى خاص، وتخصيصه بشكل كامل لحالات الإصابة بفايروس الكورونا.

كما اتفقت الحكومة مع عدة مستشفيات في القطاع الخاص لتخصيص نحو ألف سرير عادي، ومائة وثمانين سرير عناية حثيثة، بحيث يتم تحويل بعض مرضى كورونا المراجعين للمستشفيات الحكومية إلى هذه المستشفيات على نفقة الخزينة.

ثالثا: وحيث أن حضارة أي دولة تقاس بمدى احتضانها لذوي الدخل المتدني والمحدود، وفي ظل سعي الحكومة لضمان الوصول للحياة الكريمة لكافة مواطنيها، فقد قامت الحكومة رغم صعوبة المرحلة وشح الإيرادات بتعزيز شبكة الامان الاجتماعي ضمن محاور عدة تتضمن ما يلي: 1 .

زيادة المخصصات المالية لصندوق المعونة الوطنية وعلى نحو غير مسبوق، بحيث يتم شمول خمسة وثلاثين ألف أسرة جديدة ضمن برنامج الدعم التكميلي بناء على أسس تحقق العدالة الاجتماعية، وخطة شاملة تتضمن تطوير آليات الاستهداف والوصول إلى الأسر العفيفة والشرائح المستحقة، حيث بلغت الزيادة المقدرة في مخصصات المعونة النقدية إلى نسبة قياسية بلغت 38 بالمئة مقارنة بعام 2020.

2 .

في سبيل توفير الحياة الكريمة وتحسين الظروف المعيشية للموظفين من الجهازين المدني والعسكري، فقد جاءت التوجيهات الملكية السامية بإعادة صرف الزيادة على نسبة العلاوة الإضافية المعتمدة والمقرة بموجب قرار مجلس الوزراء بتاريخ 6/1/2020، والزيادة المقررة على رواتب ضباط وأفراد القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية، والزيادة المقررة بموجب أحكام النظام المعدل لنظام رتب المعلمين رقم ( 35 ) لسنة 2020.

ولا يفوتني أن أنتهز هذه المناسبة، لأن أتوجه بأصدق معاني المحبة والعرفان والشكر والامتنان لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، عين الوطن الساهرة، درعه المتين وحصنه المكين، على الجهود العظيمة والتضحيات الجليلة التي قدمتها خلال الأزمة.

فالوطن وأبناؤه يشهدون بالمستوى المتميز والاحترافي لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية في تأدية ما أنيط بها من مسؤوليات ومهام جليلة في تنفيذ أوامر الدفاع، فحازت على إعجاب القاصي والداني، وبقيت على الدوام محل اعتزاز وفخار لكل أردني على ثرى الوطن الغالي.

وأؤكد على أن الحكومة ستولي القوات المسلحة، والأجهزة الأمنية جل الاهتمام والرعاية، وتقديم الدعم والمساندة لها، حيث حرصت الحكومة على زيادة المخصصات المالية الضرورية لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية تقديرا لدورها في الحفاظ على أمن الوطن واستقراره بما يجعله جاذبا للاستثمارات الخارجية وموطنا للاستثمارات المحلية.

ولا يفوتني أن أقدم لجيشنا الأبيض أصدق آيات الشكر والفخر على ما يبذله النشامى والنشميات خلال هذه الجائحة من جهود مضنية يباشرونها بشجاعة في سبيل الحفاظ على أرواح إخوانهم وأخواتهم من أبناء وبنات هذا الوطن العزيز، فلهم منا الشكر الموصول والدعم الكامل.

رابعا: تضمنت موازنة عام 2021 بعض التدابير الإصلاحية المتضمنة إعادة تصنيف بعض بنود الانفاق الرأسمالي ونقلها الى الانفاق الجاري بما يتلاءم مع طبيعتها الجارية.

خامسا: ترشيد وضبط النفقات العامة، مع المحافظة على الانفاق الاستثماري التنموي، وتعزيز الانفاق على الحماية الاجتماعية.

وقد تضمنت موازنة عام 2021 العديد من الاجراءات الهادفة إلى ضبط الانفاق الجاري.

الأردن      |      المصدر: وكالة الانباء الاردنية (بترا)    (منذ: 3 سنوات | 24 قراءة)
.