أمريكا وثالوث كورونا والاقتصاد والانتخابات

لا شيء مؤكدا على تعافي الاقتصاد العالمي في الربع الثالث من العام الجاري، ولا سيما الاقتصادات الكبرى، هذا ما يؤكده المسؤولون الغربيون في كل المناسبات، ولا سيما في ظل إمكانية حدوث موجة ثانية لوباء كورونا المستجد، التي ظهرت آثارها بوضوح في كثير من الدول، بما فيها أوروبا والولايات المتحدة.

والواقع أن التعافي أمر مبالغ فيه في الوقت الذي يتعمق فيه الركود الاقتصادي هنا وهناك، على أمل أن يبقى في هذه الحالة، ولا يتحول إلى كساد سيعانيه العالم لفترة طويلة إذا ما وقع بالفعل.

وكغيره من الاقتصادات الكبرى، يتعرض الاقتصاد الأمريكي لمشكلات عديدة جراء انعكاسات الوباء، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة، وزيادة حالات الإفلاس، وارتفاع عجز الموازنة العامة، فضلا عن اختلاف الرؤى بين حكام الولايات الأمريكية حول مسألة إغلاق القطاعات الاقتصادية من عدمه.

ريتشارد كلاريدا نائب رئيس المجلس الاحتياطي الفيدرالي "البنك المركزي"، كان واضحا بتأكيده أن الاقتصاد الأمريكي صار بالفعل في هوة عميقة جدا، وهذا يعني أن تبعات الأزمة الاقتصادية ستتواصل لأمد لن يكون قصيرا.

وهو يؤكد في الوقت نفسه، أن تعافي سوق العمل قد يستغرق وقتا أطول، ولا سيما في ظل حالات الإفلاس وتوقف بعض الشركات والمؤسسات، الواقعة في قبضة ركود مخيف.

ومع ذلك يرى المسؤولون الأمريكيون، أن اقتصاد بلادهم يتعافى بقوة، وهم يعترفون في الوقت نفسه، بأن التوقعات في هذا الشأن ليست مؤكدة بشكل غير عادي على حد تعبيرهم، ما يعني أن الأمور لا تزال غير واضحة بعكس تمنيات أي حكومة في العالم لاقتصادها الوطني، خصوصا في ظل تزايد الإصابات بفيروس كورونا على الساحة الأمريكية، كغيرها من الساحات الدولية الأخرى.

التعافي الاقتصادي الكامل في الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة، أمامه وقت طويل بحسب المسؤولين الاقتصاديين في واشنطن، بصرف النظر عن حالات من التعافي يمكن من النهاية التأسيس عليها.

وهذا يضع الإدارة الأمريكية أمام مهمة إعادة الدوران الكامل لاقتصاد بلادها، دون أن تصطدم بالجهات الوطنية التي ترى أنه لا بد من التريث في فتح الاقتصاد على مصراعيه، على الرغم من كل الخسائر التي مني بها الاقتصاد الوطني.

فلا بد من أن يكون هناك توافق محلي من أجل تحريك أكبر اقتصاد في العالم وإعادته إلى قوته التي سبقت تفشي كورونا.

وهذا ما تسعى إليه إدارة الرئيس دونالد ترمب، المنشغلة في الوقت الراهن بمعركة الانتخابات الرئاسية، ومن هنا، يمكن القول إن الأمور ستكون معلقة بعض الشيء إلى حين الانتهاء من هذه الانتخابات التي جاءت في وقت غير عادي.

وفي كل الأحوال، يتطلب الأمر على الساحة الاقتصادية الأمريكية، مزيدا من الإجراءات على صعيد السياسة النقدية والمالية العامة، لدعم حالة التعافي التي يمر بها الاقتصاد الوطني.

وهذا ينحصر في الواقع في دور "المركزي الأمريكي"، في عملية التعافي الاقتصادي ككل، عبر استخدام أدواته المحفزة، وكذلك الرؤى السليمة لدعم مسيرة التعافي، بصرف النظر عن مستوى سرعتها، لأنها في النهاية ستكون القاعدة الأساسية للانطلاق نحو مرحلة التعافي الكامل، والهروب من قيود وتبعات الركود الحالي في الولايات المتحدة والعالم.

إنها مرحلة صعبة على الجميع، وهي غير مؤكدة على الساحة الأمريكية، في ظل انتخابات رئاسية ستغير في النهاية بعض السياسات الاقتصادية بحسب ما تسفر عنه الانتخابات ومن سيكون في البيت الأبيض العام المقبل.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 3 سنوات | 15 قراءة)
.