الاحتيال ينخر في برامج إنقاذ الوظائف في أوروبا

تقدم أكثر من 40 مليونا من العاملين في أكبر خمسة اقتصادات في أوروبا بطلب للحصول على جزء كبير من أجورهم التي تدفعها الحكومات خلال فترة الجائحة، لكن هذا الدعم السخي يفتح أيضا الباب أمام "التحايل على نظام الإجازة الإلزامية" على نطاق واسع.

الحجم الهائل للطلبات التي يتم تقديمها لنظام الإجازة الإلزامية القصيرة المدعوم يعني أن من بين ملايين الحالات الحقيقية التي تحتاج إلى مساعدة، سيكون هناك بعض حالات التحايل التي تبحث عن الأمان في الكثرة العددية.

تلقى ماركوس لينتز، الذي يدير وكالة تحريات خاصة في فرانكفورت، 25 طلبا منذ أن بدأت الجائحة للتحقيق في حالات تحايل محتملة على نظام الإجازة الإلزامية القصيرة (برنامج ساعات العمل القصيرة).

قال بفخر: "تمكنا من إثبات الانتهاكات في 21 حالة".

كذلك لجأ كثير من الشركات إلى وكالته للتحقق مما إذا كان موظفوها يمارسون أيضا عملا إضافيا في مكان آخر.

وبحسب نتائج التحري التي أجرتها الوكالة تبين أن أحد الفنيين في وكالة لبيع السيارات يعمل بشكل غير رسمي في وكالة منافسة، في حين كان ميكانيكي يعمل على إصلاح سيارات عملاء الشركة التي يعمل فيها، لكن خارج ورش الشركة.

في فرنسا، حذرت وزارة العمل من أنها اكتشفت عدة أنواع من التحايل على نظام البطالة الجزئية الذي يدعم نحو 12.

3 مليون عامل.

قالت إن الانتهاكات تتضمن شركات تطالب بإعانات أجور الموظفين المستمرين في العمل، أو تقدم طلبا ينطوي على كثير من المبالغة للحصول على أجور أكثر مما يكسبه الموظفون بالفعل.

تكمن المشكلة بالنسبة للسلطات في أنه منذ فرض عمليات الإغلاق على العائلات والشركات الأوروبية في آذار (مارس)، يعمل كثير من الأشخاص من منازلهم، لذلك من الصعب التحقق مما إذا كان الذين تم منحهم إجازات إلزامية كاملة أو جزئية ما زالوا يعملون.

في النمسا، قالت الحكومة هذا الشهر إنه تم تقديم شكاوى جنائية ضد 31 شخصا يشتبه في أنهم يتحايلون على نظام الإجازة الإلزامية القصيرة في البلاد، بعد أن كشفت عمليات تفتيش أجريت على نحو ألفي شركة عن 460 انتهاكا للقانون.

في موقع بناء نمساوي، تم العثور على ثلاثة عمال تم منحهم إجازات إلزامية، لكنهم كانوا مستمرين في العمل.

قال وزير المالية، جيرنوت بلوميل: "لن يكون هناك تسامح على الإطلاق مع الذين يريدون إثراء أنفسهم على حساب دافعي الضرائب".

كل من يقبض عليه يواجه عقوبة تصل إلى السجن لمدة خمسة أعوام.

على عكس كثير من الدول التي دعمت برامج الإجازات القصيرة الموجودة بالفعل، أنشأت المملكة المتحدة نظاما للاحتفاظ بالوظائف خاصا بأزمة فيروس كورونا من الصفر.

هناك الآن 7.

5 مليون شخص يحصلون على ما يصل إلى 80 في المائة من أجورهم من حكومة المملكة المتحدة.

لكن هل تسهل حداثة برنامج المملكة المتحدة التحايل والغش؟ أوضحت مصلحة الضرائب أنها تلقت 795 تقريرا من أشخاص - معظمهم مجهول - عن حالات تحايل محتملة على نظام الإجازة الإلزامية الجديد.

قالت إدارة الإيرادات والجمارك في بيان لها: "يرجى من أي شخص يشعر بالقلق من أن صاحب العمل ربما يتحايل على النظام الاتصال بنا".

أضافت: "قد يكون السبب هو أنك لا تحصل على ما يحق لك الحصول عليه، أو قد يطلبون منك العمل أثناء فترة الإجازة الإلزامية، أو من المحتمل أنهم طالبوا بالحصول على الدعم للأوقات التي كنت تعمل فيها".

هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها مخاوف من التحايل على نظام الإجازات الإلزامية.

تم التحقيق في أكثر من 850 حالة من حالات التحايل المشتبه بها على برنامج ساعات العمل القصيرة في ألمانيا بعد الأزمة المالية في 2008، عندما استفاد نحو 1.

5 مليون شخص من البرنامج.

مع وجود أكثر من عشرة ملايين عامل ألماني يتقدمون الآن للحصول على دعم من برنامج ساعات العمل القصيرة في البلاد، من الصعب أن نرى كيف يمكن التحقق من صحة الطلبات جميعها، حتى لو زادت وكالة التوظيف الاتحادية عدد الموظفين العاملين في البرنامج من 400 إلى ثمانية آلاف موظف .

دانيال ترزينباخ، رئيس وكالة التوظيف الاتحادية، قدم في لقاء مع صحيفة "داي زايت" الأسبوعية، مثالا لحالات التحايل قائلا: "شخص ما يوظف أفراد الأسرة بسرعة، وبأجور غير عادية وعالية بشكل لا يصدق، لكي يحصلوا على استحقاقات العمل لوقت قصير".

يقدر فريدريك شنايدر، أستاذ الاقتصاد في جامعة يوهانس كيبلر في لينز، أن ما بين 8 و10 في المائة من الأموال المدفوعة لبرنامج ساعات العمل القصيرة ستضيع بسبب التحايل.

قال: "إيقاف الانتهاكات لمثل هذه الإجراءات لن يكون أمرا ممكنا أبدا".

لقد تم بالفعل استهداف المساعدات السخية التي قدمتها ألمانيا للشركات المتضررة من الجائحة بطرق أخرى من قبل المجرمين.

تتحقق السلطات في أكثر من 100 موقع مزيف تم إنشاؤه لسرقة بيانات الشركات التي تقدمت بطلبات للحصول على المساعدة، التي يتم استخدامها بعد ذلك لاختلاس الأموال.

التكلفة التي تحملها دافعو الضرائب لدعم عشرات الملايين من العمال لعدة أشهر خلال الجائحة أوشكت على تجاوز 100 مليار يورو في أكبر خمسة اقتصادات في أوروبا.

وقوع بعض تلك الأموال في الأيدي الخطأ أمر مثير للحنق، لكن من الصعب أن نرى كيف يمكن للحكومات القبض على جميع المحتالين.

بالتالي قد ينتهي الأمر إلى كونه شرا لا بد منه في المعركة لإنقاذ سوق العمل الأوروبية من الانهيار.

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 4 سنوات | 10 قراءة)
.