حصاد 2019: قرون الإمارات تتكسر على صخرة سقطرى .. "تقرير خاص"

حصاد 2019: قرون الإمارات تتكسر على صخرة سقطرى .. "تقرير خاص"

المهرة بوست - يونس عبدالسلام [ الخميس, 02 يناير, 2020 - 09:37 مساءً ] لم يكن العام 2019 هو الأول لإطلاق الإمارات أعينها المسمومة نحو جزيرة سقطرى، فقد سبقته بعامين، إلا أنها صعدت من حدة مواجهتها للسلطات الشرعية في الأرخبيل ممثلة بالمحافظ الشاب رمزي محروس.

لم تستثن الإمارات عبر أذرعها في سقطرى، وسيلة إلا واستخدمتها لإسقاط مؤسسات الحكومة الشرعية في سقطرى، حتى الوسائل الإنسانية والمساعدات والإغاثة سخرتها في سبيل خدمة مطامعها في السيطرة على الجزيرة اليمنية الكنز والمصنفة ضمن التراث العالمي، وبشكل أثار وما زال حفيظة أبناء سقطرى بشكل خاص والبلاد بشكل عام.

مقابل ذلك، بقي محافظ سقطرى، رمزي محروس وخلفه مشائخ وأبناء المحافظة، صخرة صماء تكسرت عليها كل المحاولات الإماراتية لإحداث بلبلة في سقطرى، مستغلة بذلك ضعف الشرعية في عدن وغيرها متوهمة تكرار ذات الفعل في سقطرى.

  محاولات متكررة.

.

افتتحت الإمارات عام 2019 المنصرم بتصريحات استفزازية لمؤرخ إماراتي نالت من سيادة اليمن على سقطرى، وأثارت سخطا شعبيا واسعا.

الشيخ الإماراتي حمد المطروشي خلال لقائه بشخصيات من سقطرى في 3 يناير 2019، تحدث فيه عن أن "أهالي سقطرى هم جزء من الإمارات وأنهم يستحقون الجنسية الاماراتية بدون طلب"، في إشارة لسعي الامارات لتجنيس أبناء سقطرى وتكريس نفوذها للسيطرة على الجزيرة.

قبل التصريح وبعده، واصلت الإمارات الدفع بدفعات عسكرية إلى الأرخبيل والتغرير بشباب الجزيرة وإخراجهم إلى أبوظبي للتدريب ومن ثم إعادتهم كجيش خاص بها، متجاهلة الرفض الحكومي والشعبي لإنشائها معسكرات خارجة عن الدولة في الجزيرة.

في 3 مايو من العام ذاته أخرجت الإمارات دفعة من النساء لتدريبهن في أبوظبي وإعادتهن لاحقا للعمل ضمن قوام ما بات يعرف بـ "الحزام الأمني" في سقطرى والذي تتزعمه شخصيات نافذة مناهضة للشرعية ومطلوبة أمنيا لسلطات أرخبيل سقطرى.

في 18 يونيو 2019، تمكنت القوات الأمنية المكلفة بحماية ميناء أرخبيل سقطرى من إحباط هجوم مباغت لمليشيات الإمارات، كان يهدف للسيطرة على الميناء عقب رفض السماح لسفينة أسلحة بالوصول إلى يد مليشياتها، وأسفرت المواجهات حينها عن إصابة قائد مجاميع "الحزام الأمني" في سقطرى عصام سعيد عباس الشزابي، وفرار المجاميع التابعة له.

  في أغسطس وعقب عودة المندوب العام لمؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية الى سقطرى ولقائه بشخصيات موالية للإمارات في الجزيرة، قاد محاولة عسكرية ظنها حاسمة لتتحول لاحقا إلى إخراج تظاهرات مناهضة للمحافظ رمزي محروس واعتصامات لعناصر مسلحة تابعة للانتقالي للمطالبة بإسقاط المحافظ محروس.

تزامن تحرك المرزوقي العسكري مطلع أغسطس مع إعلان الانتقالي في عدن خوض مواجهة شاملة مع القوات الحكومية وإسقاط قصر معاشيق وطرد وزراء الشرعية في العاشر من أغسطس 2019.

 وفي العاشر من سبتمبر، قام المدعو المزروعي ومسلحين من الإنتقالي بهجمات على مؤسسة الكهرباء بهدف إفشال السلطة المحلية وتهييج الناس ضدها، ونقلوا معدات ومولدات كهربائية إلى مقر مؤسسة خليفة الإنسانية والتي تتهم، من قبل أبناء أرخبيل سقطرى، بخدمة مصالح الإمارات والعمل على تحقيق مزيد من النفوذ في الجزيرة.

  في 3 أكتوبر أصدر الرئيس هادي قرارا بإقالة علي أحمد الرجدهي، مدير أمن سقطرى السابق، بعد تورطه بالتنسيق مع الإمارات ومندوبها في الجزيرة، وتعيين فائز سالم طاحس بديلا عنه.

وعقب القرار بساعات أعلن الرجدهي إنضمامه إلى مليشيات "الانتقالي"، رافضا التسليم لمدير الأمن الجديد حتى تدخلت قيادة القوات السعودية المتواجدة في الجزيرة بعد ثلاثة أيام.

إقالة الرجدهي أضفت مزيدا من الإرباك على خطوات الإمارات في سقطرى، لتصعد بشكل خطير وعلى الشقين العسكري والشعبي هذه المرة، حيث دفعت بأنصار الانتقالي لمهاجمة محافظ المحافظة رمزي محروس خلال زيارة تفقدية له إلى مركز مديرية حديبوه، عاصمة سقطرى.

تزامنت الحادثة مع إعلان مليشيات الانتقالي لاعتصام أمام مبنى محافظة سقطرى وقطع الطرقات مطالبة بإسقاط المحافظ محروس، الذي أمهلها عدة أيام لإخلاء الاعتصام، وعقب إنتهاء المهلة تدخلت القيادة السعودية وفرضت على الانتقالي فض اعتصاماته.

  رغم كل هذه الاخفاقات لم تيأس المليشيات التابعة للمرزوقي في سقطرى، فهاجمت في 4 اكتوبر 2019 بعدة أطقم مسلحة مركز مديرية حديبو، إلا أن القوات الحكومية أحبطت هجماتها وفرضت سيطرتها الكاملة على المدينة بعد ساعات من الهجوم والسيطرة الرمزية على عدد من المؤسسات.

وفي 30 أكتوبر ذاته حاصرت مجاميع الانتقالي مجددا مبنى السلطة المحلية في حديبو وتصدت لها القوات الأمنية.

وكانت آخر محاولات التمرد في منتصف ديسمبر، حيث قاد مدير شرطة السير احمد سعد القدومي عقب إقالته، معركة مع الشرعية، واجهتها القوات الأمنية وتمكنت عقب اشتباكات ليومين وتدخل قيادة القوات السعودية من فرض تسليم القدومي معسكر شرطة السير لقائده الجديد.

خناق محروس يزداد حول عنق الإمارات.

.

خلال المحطات السابقة الذكر لم يقف محافظ الأرخبيل رمزي محروس كباقي مواقف وزراء ومحافظي الشرعية المترهل الوجل في أغلب المحافظات الجنوبية، بل واجه المحاولات الإماراتية العسكرية برد قوي على الأرض، وظهور فوري مسؤول حظي من خلاله بثناء شعبي واسع شكل من خلاله عقبة كؤود أمام الإمارات ومليشياتها، كما أخرج جماهير سقطرى أكثر من مرة، وخرج على رأسها معلنا مرارا وتكرارا رفضه ملشنة جزيرة سقطرى وتقوبض سلطاتها الشرعية وبالتالي أمنها واستقرارها.

جهود المحافظ المسنودة بإرادة شعبية قل نظيرها والتفاف واسع معه، تكللت بقرارات جديدة ضيقت الخناق أكثر على الإمارات ومجاميعها، كما ساهمت في الحد من عملها على تحقيق مزيد من التغلغل في الوسط السقطرى.

أبرز القرارات الهادفة لوضع حد لعبث الإمارات في الجزيرة وإدخالها الأجانب بما فيهم الإماراتيون وإخراج شخصيات مطلوبة أمنيا؛ أصدر المحافظ رمزي محروس، منتصف أكتوبر 2019 قرارا قضى بمنع دخول الأجانب إلى أرخبيل سقطرى، بدون فيزا من الجهات الرسمية، موجها كلا من مدير عام الهجرة والجوازات ومديري عام مطار وميناء سقطرى بتنفيذ القرار والعمل به.

وفي العاشر من نوفمبر 2019، وجه المحافظ بقرار مشابه، مدير عام مطار سقطرى، بعدم السماح بالسفر لكل من ينتحل صفة خاصة بالدولة والسلطات المحلية إلى خارج البلاد لتمثيل السلطة المحلية.

انتقلت، بهكذا قرارات، معركة الإمارات مع السلطات الشرعية في سقطرى إلى المطار، وأجبرت قوات الأمن الحكومية في 26 أكتوبر، طائرة إماراتية على مغادرة المطار عقب محاولتها إدخال اجانب إلى الجزيرة بدون فيزا.

وفي السابع والعشرين من نوفمبر، أوقفت قوات الأمن في مطار سقطرى، طائرة إماراتية على متنها عددا من الشتلات النباتية الغريبة حاول الإماراتيون إدخالها إلى الجزيرة.

وبعد التحفظ على النباتات من قبل سلطات المطار تم تسليمها إلى مختصين بيئيين، الذين بدورهم قاموا بإتلافها، كون إدخالها يشكل خطرا على النباتات النادرة في الجزيرة التي تضم ست جزر أخرى، وتعتبر محمية تراث طبيعي يمنع استيراد أو تصدير أي أشجار أو بذور أو حيوانات أو نباتات منها أو إليها".

وكما لم تيأس من السيطرة على موسسات لدولة الأخرى على غرار ما فعلت في عدن، لم تيأس من تكرار محاولاتها لإخراج شخصيات تابعة لها أو إدخال أجانب إلى الجزيرة وكأنها إحدى إماراتها.

وكانت آخر غزوات مليشياتها على مطار سقطرى في 14 ديسمبر، حيث اقتحمت مليشيات "الانتقالي" حرم المطار بالقوة، وتمكنت عبر طائرة إماراتية من تهريب مطلوبين.

حينها رفع سقطرى رمزي محروس، بلاغا للرئاسة اليمنية، اتهم فيه عناصر إماراتية باقتحام مطار سقطرى بالقوة وتهريب عناصر مطلوبة أمنياً في قضايا تتعلق بزعزعة الأمن في المحافظة.

  وقال محروس في بلاغه، إن "عناصر إماراتية ممن لازالوا يقوموا بأنشطة تحت غطاء انساني في المحافظة أقدموا على دخول مطار سقطرى بالقوة مصطحبين معهم عناصر من المتعاونين معهم وصعدوا الطائرة الاماراتية دون المرور باجراءات المطار".

وأضاف أن "الاختراق والاقتحام" حدث بينما يقوم على تأمين المطار قوات الواجب السعودية بالاشتراك مع أمن المطار التابع لواء الأول مشاه بحري".

مواجهة ستمتد لتشمل السعودية.

.

وعن دور محافظ سقطرى رمزي محروس، رأى الصحفي والكاتب اليمني عدنان هاشم، أن محروس يبذل كل الجهد في سبيل الحفاظ على الشرعية ومواجهة الإمارات وأطماعها.

 وقال هاشم في تصريحات لـ "المهرة بوست" أن محروس، "من المتوقع أن يستمر في محاولة استعادة السيادة الوطنية"، موضحا أن معركته حاليا مع "الإمارات والسعودية لاحقاً".

وأضاف أن المحافظ وسلطاته ستصطدم بالتأكيد بـ "القوتين المسلحتين على الأرخبيل، في نفس الوقت من الصعب توقع أن تغادر الإمارات سقطرى، فالأرخبيل في استراتيجية النفوذ والاقتصاد الإماراتية أكثر أهمية الآن من أي وقت".

وأشار هاشم إلى أن السعودية "تعتقد أن بإمكانها إحكام السيطرة على جزيرة بالقوة وإبقائها موطن لإدارة عملياتها العسكرية والاقتصادية ضمن خط تجاري تسعى لبناءه، وقوة نفوذ وهيمنة ليس على اليمن وشبه الجزيرة العربية فقط بل على القرن الأفريقي".

مشاركة الخبر:

اليمن      |      المصدر: المهرة بوست    (منذ: 4 سنوات | 11 قراءة)
.