مؤتمر الأمم المتحدة يفشل في التصدي للكوارث المناخية .. والاتحاد الأوروبي استثناء

رغم أن الكوارث البيئية الراهنة تتطلب اتخاذ خطوات عاجلة وجذرية لتجنب كارثة مناخية، إلا أن مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي، الذي اختتم أمس لن يرقى إلى المستوى المطلوب حتى لو تبنت الدول النص الأكثر طموحا المطروح على الطاولة.

وبحسب "الفرنسية"، لم تعلن الدول الكبيرة، التي لديها أكبر نسب من انبعاثات الغازات الدفيئة (الولايات المتحدة والصين والهند واليابان) خلال المؤتمر، الذي استمر نحو أسبوعين، عن أي نية للقيام بمزيد من الخطوات العملية وبشكل سريع للحد من ارتفاع حرارة الأرض، الذي يفاقم في جميع أنحاء العالم العواصف والفيضانات وموجات الحر.

وحدها المفوضية الأوروبية أعلنت من بروكسل "ميثاقا أخضر" يهدف إلى التحييد المناخي للاتحاد الأوروبي بحلول 2050.

وفي "إشارة قوية"، وفق شارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبي، أيدت دول الاتحاد الأوروبي باستثناء بولندا هذا الهدف الطموح، خلال قمة بروكسل.

وأعلن ميشيل أن دول الاتحاد الأوروبي توصلت إلى اتفاق حول هدف الحياد المناخي في الاتحاد بحلول 2050.

وينص الهدف الأولي، الذي اتفق عليه قادة الاتحاد الأوروبي على خفض الانبعاثات الكربونية في دول الاتحاد الأوروبي الناتجة عن الوقود الأحفوري وإيجاد طرق لالتقاط أو موازنة الانبعاثات المتبقية.

وانخفضت انبعاثات الاتحاد الأوروبي خلال العقدين الماضيين، لكنها لا تزال تمثل 9.

6 في المائة من غاز الكربون المنبعث عالميا كل عام، وفقا لتقرير الاتحاد الأوروبي الصادر 2018.

ورفضت بولندا، التي تعتمد كثيرا على الكربون، الالتزام في الوقت الحالي، من دون عرقلة الاستنتاجات، بحسب عدة مصادر أوروبية.

وكي لا يتبدد الأمل في حصر الاحترار بدرجة ونصف الدرجة مئوية، وهو الهدف المثالي لاتفاق باريس حول المناخ، يجب خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون 7.

6 في المائة سنويا، في كل عام بدءا من العام المقبل وحتى 2030، ما سيتطلب تحولا غير مسبوق في الاقتصاد العالمي.

لكن على العكس، لا تزال الانبعاثات تزداد، وطبقا للمعدل الحالي، فقد ترتفع حرارة الأرض أربع أو خمس درجات مئوية بحلول نهاية القرن قياسا إلى مستوياتها ما قبل الحقبة الصناعية.

وحتى لو احترمت الأطراف الموقعة على اتفاق باريس والبالغ عددها 200، التزاماتها بخفض الانبعاثات، إلا أن حرارة الأرض قد ترتفع ثلاث درجات مئوية.

وربما يكون أكثر المعرضين لخيبة أمل، ملايين الشباب الذين نزلوا إلى الشوارع وساروا على خطى جريتا تونبرج الناشطة السويدية وأنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي دعا العالم إلى الكف عن خوض "حرب" ضد الكوكب.

وأوضح عمر فيجيروا، وزير البيئة في بيليز، الذي يترأس مجموعة مؤلفة من 44 دولة جميعها جزر معرضة للخطر بشكل خاص، "نحن معنيون بوضع تقدم المفاوضات".

واتهم عمر مجموعة الدول، خصوصا الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي واليابان وأستراليا بعد احترام وعودهم فيما يخص المساعدات المالية لدول الجنوب.

وفي وقت انعقد المؤتمر تحت شعار "حان وقت التصرف"، بدت واضحة الهوة في مسألة الطموح، وصرحت تيريزا ريبيرا، وزيرة البيئة الإسبانية، التي استقبلت بلادها المؤتمر بشكل عفوي بعد عدول تشيلي عن الأمر، أن "الرؤيتين واضحتان، بين أولئك الذين يريدون الإسراع وأولئك الذين يريدون الاختباء خلف الأمور العالقة، بهدف عدم المضي قدما".

ويستهدف المدافعون عن البيئة الولايات المتحدة، التي انسحبت رسميا من اتفاق باريس العام الماضي، إضافة إلى دول ناشئة على غرار الصين والهند والبرازيل، التي ذكرت بوضوح أنها لا تعتزم رفع مستوى الطموحات قريبا.

وقال رافي شانكار المفاوض الهندي إنه "إذا كانت التزاماتي تتماشى أصلا مع اتفاق باريس، لماذا علي إعادة النظر فيها مجددا؟".

وتعد دول كثيرة أن مؤتمر المناخ الـ26 الذي سينعقد في جلاسكو في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020 هو من سيستجيب إلى طلب الطموح هذا.

وذكرت لورانس توبيانا مهندسة اتفاق باريس أن حتى ذلك الحين "الجميع يلعب لعبة الانتظار"، مشيرة إلى أن زيادة المساهمات لجلاسكو ستكون موضوع "مفاوضات سياسية على أعلى مستوى، إن شي جين بينج هو من سيقرر بالنسبة للصين ومودي هو من سيقرر بالنسبة إلى الهند".

إذا النص النهائي، الذي يفترض أن يتم تبينه يمكنه أن يدعو فقط الدول إلى تقديم جيد العام المقبل التزامات "جديدة" أو في أحسن الأحوال التزامات ترقى "إلى المستوى المطلوب"، بحسب مراقبين.

ويعتقد ألدن ميير الخبير من "يونيون أوف كونسورند ساينتيستس"، وهو مراقب منذ وقت طويل للمفاوضات المناخية، "وكأن ما يحصل في العالم الحقيقي وفي الشوارع، المتظاهرون، ليس موجودا"، نحن في عالم خيالي هنا.

وظهرت الهوة أكثر من أي وقت مضى جراء الحضور غير المسبوق في هذا المؤتمر لعشرات الشباب من جميع أنحاء العالم، إضافة إلى نجمة المسائل المناخية جريتا توتنرج، التي اختارتها مجلة "تايم" شخصية العام 2019.

وعبرت جنيفر مورجان المديرة العامة لمنظمة "جرينبيس" عن "غضبها" عن أن "الحلول موجودة أمام عيوننا.

لكن أين الأبطال؟ أين القادة؟ أين الكبار في هذه القاعة؟.

.

قلب اتفاق باريس لا يزال ينبض، لكن بالكاد".

السعودية      |      المصدر: الاقتصادية    (منذ: 4 سنوات | 21 قراءة)
.